نظرة متفائلة رغم الأوضاع الدولية المتأزمة السوق العقارية العُمانية

الكاتب: وسام ونوس -
نظرة متفائلة رغم الأوضاع الدولية المتأزمة السوق العقارية العُمانية

 

 

نظرة متفائلة رغم الأوضاع الدولية المتأزمة السوق العقارية العُمانية

 

  • ارتفاع القيمة المتداولة للعقار بنهاية 2014 بنسبة 29.2% وإجمالي العقود يصل إلى 7.5 مليار دولار

 

  • الإنفاق الحكومي الكبير والحفاظ على نسبته في الموازنة بالنسبة للبنية الأساسية يساعد على توازن السوق العقاري

 

  • جيل جديد من الشباب يتجه للسكن في الشقق حيث انفتح هذا المجال بشكل واضح في السنوات الأخيرة

 

مسقط – عماد البليك

تعتبر السوق العقارية في سلطنة عمان من الأسواق النامية في المنطقة، والتي تشهد تصحيحا مستمرا في سبيل تقديم أفضل الحلول التي تلائم الاحتياجات المتسارعة والمتغيرة، ويساعد الإنفاق الحكومي على مشروعات البنية الأساسية في المدن العمانية على توفير أرضية لتوسع هذه السوق بشكل جيد، مما يوفر استثمارا مضمونا لرجال الأعمال، على الرغم من أن طبيعة السلطنة وتضاريسها تشكل إحدى تحديات التنمية العقارية خاصة في مدينة مسقط العاصمة التي تكاد تشبعت من حيث الأراضي السكنية ما يجعل الاستثمار العقاري في مناطق جبلية يضاعف التكاليف لكنه في الوقت نفسه يفتح الأفق لمدينة ذات طابع جاذب وسياحي، حيث من المعروف أن مسقط لا تميل للمباني العالية والأبراج، فاغلب المباني لا تتجاوز عشر طوابق، وحيث المدينة ذات طابع أفقي.

وواقع السوق اليوم هو بحث مستمر عن العقارات في ظل شح الأراضي التي توفرها وزارة الإسكان للمواطنين، للأسباب المذكورة والمتعلقة بالنواحي الطبوغرافية، وهذا جعل جيل جديد من الشباب يتجه للسكن في الشقق حيث انفتح هذا المجال بشكل واضح في السنوات الأخيرة، عبر فرص التمليك الممنوحة مع تسهيلات بنكية في تمويل الشراء، خاصة أن ما يدفع من إيجار شهري يصلح ليكون دفعة شهرية من قسط الشراء.

ومن ناحية أخرى فإن التوسع التجاري والصناعي يفرض كذلك توسع التنمية العقارية في البلاد، من حيث توفير خيارات متنوعة لتلبية هذه الجوانب، فثمة مشروعات إسكانية مرتبطة بالمشروعات الاستراتيجية الكبرى كما في المنطقة الاقتصادية بالدقم بالمحافظة الوسطى، وهي خلاف ما يوجد في المدن الكبيرة وعلى رأسها مسقط وصحار وصلالة والبريمي وعبري.

قراءة الواقع

تشير التقارير المتعلقة بالسوق العقارية أن العام الماضي 2014 شهد طلبا متزايدا على التملك والتأجير في العاصمة مسقط بوجه خاص، والتي لا يقل سكانها اليوم عن مليون نسمة يمثلون ربع سكان سلطنة عمان، ويفضل أغلب العمانيين العمل فيها حيث توفر فرص أفضل ورواتب مجزية وحيث تتركز معظم الشركات والمؤسسات الكبرى سواء الحكومية أو الخاصة.

وترى شركة كلاتنز المتخصصة في مجالات الاستشارات العقارية إن ارتفاع مؤشر الوظائف في سلطنة عمان خلال العام الماضي ساهم إلى مدى كبير في تحسن الطلب على العقارات، خاصة التأجير، ورافق ذلك الإنفاق الحكومي الكبير على البنية الأساسية، حيث أن ميزانية السلطنة حافظت على الدرجة نفسها من المنوال الإنفاقي رغم أزمة النفط.

وتقول كلاتنز إن التركيز في سوق الإيجارات في سلطنة عمان، وفي مسقط، أنصب بدرجة أوضح على المشاريع التي تقدم مستويات أفضل للسكن، حيث تبقى الشقق ذات الغرفتين والفلل ذات الأربع غرف الأكثر رواجا في جميع أنحاء محافظة مسقط، بالإضافة إلى ذلك ساعد الطلب القوي على الفلل ذات المساحات الكبيرة على وجه الخصوص، والمصحوب بعرض محدود للوحدات الجديدة، على رفع الإيجارات خلال الربع الأول من عام 2014.

وارتفعت الإيجارات الشهرية للفلل ذات الأربع غرف في معظم الأسواق الفرعية حيث أظهرت منطقة العذيبة بولاية بوشر، أقوى نمو تقريبا بمعدل بلغ 9 بالمائة، ومن جهة أخرى ظلت إيجارات الشقق ذات الغرفتين مستقرة إلى حد كبير.

وفي جانب الاستثمارات العقارية السياحية مرتفعة الكلفة، وذات المواقع الاستراتيجية بجوار الشواطئ كمشروع الموج مسقط، يرى فيليب باول، رئيس كلاتنز عُمان إنه مع التركيز على الجودة، فإن مشروعي (الموج) و(تلال مسقط) يشهدان انتعاشا في مستويات الطلب، خصوصا مع طرح وحدات جديدة تلبي طموحات المستثمرين.

لكن المراقبين يحذرون بشكل عام من أن الاهتمام المتزايد بالعقارات عالية الجودة سوف يعمل على اتساع الفجوة بين المواقع الرئيسية والثانوية في جميع أنحاء المدينة على المدى القريب، كما أن وسط المدينة سوف يكون معرضا للطفرة في الأسعار وربما فوضى في التحكم بهذه الأسعار، فالكثير من البنايات الآن تقوم ولكنها تنشأ بشكل سريع وقد يفتقر بعضها للفكر الإنشائي والمعماري الذي يجعلها ذات ديمومة قصيرة واستقطاب مستقبلي واضح. في مقابل إن المستثمرين في العقارات هذه غالبا ما يبحثون عن عائد سريع لتسديد كلفة البناء، وهذا لا يتوفر لبعضهم باعتبار أن هذه البنايات لا توفر الشروط المثلى كأن تكون الشقق صغيرة جدا أو ذات شروط بيئية أقل جودة، وهذا يعوق التسويق السريع، ويصر البعض على أن تظل البنايات مغلقة لسنوات على أن يتم إيجارها بأقل من المطلوب. وهذا ينعكس على استقرار السوق، ما يجعل الحديث عن التصحيح العقاري مستمرا.

إن الطلب على الشراء للعقارات السكنية المكتملة يظل الأقوى تقريبا، بحيث وصل سعر المتر المربع في مشروعي الموج وتلال مسقط اللذان يعتبران مجمعين سياحيين متكاملين إلى أكثر من 1000 ريال عماني، ما يجذب الكثير من المستثمرين المحليين لهذه النوعية من المجمعات السياحية المتكاملة بسبب العوائد الإيجارية الجذابة، بينما يُقبل عليها آخرون بهدف تملك المنزل وهي نسبة أقل من المستثمرين.

وقد أدى وجود درجة من الطلب المحدود بين العمانيين المدفوع بتطلعات الحصول على منزل خاص ومنذ فترة الأزمة المالية العالمية، إلى إقبال العديد منهم على السكن في منزل بملكية كاملة، وذلك مع عودة الثقة للسوق.

مستقبل السوق العقارية

ينظر العاملون في السوق العقارية في سلطنة عمان إلى المستقبل بتفائل رغم أزمة النفط الحالية والتي أثرت على الكل، فما هو الرهان الذي يستندون عليه؟

الواقع أن معادلة السوق العقارية قد تكون لحد ما ذات مجال مغلق على نفسها حتى لو تأثرت بالسوق العالمية للنفط أو غيرها، فالإنفاق الحكومي بشكل عام مستمر في معدلاته حيث لم تأخذ موازنة 2015 لسلطنة عمان أي اعتبار لظرفيات النفط وحافظت على حساب التكاليف الاجتماعية كما هي وآثرت أن تعادل بنودها من خلال مجالات أخرى والعمل على تنويع مصادر الدخل.

وعموما فإن المجال العقاري يستمر في التعافي والنمو على صعيد المشاريع الكبيرة أو الصغيرة، ويعلق خبراء أن السوق لديه القدرة على استيعاب المزيد من  المشاريع السكنية، ويدعم شح المخزون الأسعار إلى حد كبير، ويلاحظ دخول الاستثمارات الأجنبية كطرف في المعادلة حيث تشير التقارير إلى أن سوق العقارات العمانية قد شهدت حضورا من الخارج بدرجة ملموسة في السنوات الأخيرة.

إن تراجع النفط وبعكس المتوقع كان لها أثر إيجابي على السوق العقارية بحسب المراقبين، لأن العقار شكّل ملاذا آمنا للهاربين من جحيم البورصات، وقد كشفت أحدث الإحصائيات الصادرة عن المركز الوطني للإحصاء والمعلومات في سلطنة عمان عن ارتفاع القيمة المتداولة للعقار بنهاية العام الماضي 2014 بنسبة 29.2 بالمائة، مقارنة بنهاية العام 2013، حين وصلت القيمة الإجمالية للعقود المتداولة إلى 2.881 مليار ريال عماني (7.5 مليارات دولار)، كان النصيب الأكبر منها لعقود الرهن التي قدرت بأكثر من 19000 عقد، بقيمة إجمالية وصلت إلى 1.709 مليار ريال عماني، فيما جاءت عقود البيع في المرتبة الثانية لجهة القيمة، إذ سجلت 1.156 مليار ريال، توزعت على 80.470 عقدا، منها 3.113 عقدًا تم تسجيلها لمواطني دول مجلس التعاون الخليجي.

واستمرت النتائج الإيجابية لسوق العقار العماني مع بداية العام الجاري 2015، إذ سجلت القيمة المتداولة للعقار بنهاية يناير الماضي ارتفاعا على أساس سنوي بمقدار 23.6 بالمائة مقارنة يناير 2014 حيث وصلت إلى 268.4 مليون ريال عماني، مع 217.2 مليون ريال تم تسجيلها في الفترة المماثلة من العام السابق، ما يشير إلى استمرار تعافي السوق وزيادة الإقبال على اقتناء العقارات، في ظل عدم الاستقرار الواضح في أداء الأسواق المالية.

وكان الربع الأخير من العام الماضي قد شهد انطلاق عمليات البيع في أحد أكبر المشاريع العقارية والسياحية المتكاملة المطروحة للتملك الحر في السلطنة، وهو مشروع سرايا بندر الجصة الذي تصل قيمة الاستثمار فيه إلى 600 مليون دولار، ويتضمن قرابة 400 وحدة سكنية متعددة المساحات، تعود ملكيته مناصفة إلى الحكومة العمانية ممثلة بالشركة العمانية للتنمية السياحية عمران، بنسبة 50 بالمائة، وشركة سرايا عُمان القابضة بنسبة 50 بالمائة، ويعد هذا المشروع أول مشروع سياحي متكامل في السلطنة يتم تطويره بعد الأزمة المالية العالمية 2008.

تصحيح مستمر للسوق

إن الاتجاه العام لسوق العقارات الآن هو التصحيح المستمر لتبعات الماضي، بالنظر إلى إمكانية بناء خيارات استراتيجية ذات ديمومة، هذا التصحيح ليس وليد اليوم بل هو حركة مستمرة وضرورية برأي المراقبين في ظل تقلب أوضاع الاقتصاد العالمي فمنذ ما يقارب عشر سنوات فإن الوضع الاقتصادي العالمي لم يعرف استقرارا واضحا، من الأزمة المالية إلى الزعزعة الحاصلة في أوروبا وموقف الصين المضطرب أيضا بعد أن كانت في أوضاع متقدمة.

ويراهن المستثمرون على أن المدى الطويل سيكون أفضل من خلال تعافي تام محتمل، انعكاسا لرهان السلطنة على مشروعات استراتيجية كالمناطق الحرة والصناعية والموانئ وغيرها، وهذا بدوره سوف ينعكس على ضخ أموال لا بأس بها في السنوات المقبلة مع بدء تشغيل هذه المشروعات، كذلك فإن مسألة تنويع مصدر الدخل بالابتعاد عن النفط كمصدر أحادي وتعزيز السياحة والموارد السمكية وغيرها سوف يساهم في معادلة الوضع الاقتصادي بشكل جيد.

وإذا كان يمكن للعقار أن يكون سوقا لها حركتها المغلقة، إلا أن ثمة من يرى أن المناخ العام لاشك ساعة يكون قويا سيؤثر على الحركة العامة والاستقرار والنمو، لكن ذلك أيضا يرتهن لقدرة المطورين العقاريين على مراعاة احتياجات المستأجرين والمستثمرين من خلال بناء وحدات تمتاز بجودة أعلى وبتصاميم حديثة، دون اللجوء إلى الأسلوب السريع والذي يهمل الجودة أحيانا. ولابد أن يكون هناك توازن ما بين مسائل الجودة والقدرة على التنويع والاستجابة السريعة، في ظل ازدياد حجم الكثافة السكانية في السلطنة عموما، فحاجة المستهلكين يجب ألا تؤثر على معايير الجودة والالتزام.

إن قطاع المقاولات بشكل عام في سلطنة عمان يعتبر قطاعا حيويا ورافدا مهما للاقتصاد، وفيه حوالي ما لا يقل عن نصف مليون عامل، وهذا بدوره يساعد في المسار التصحيحي من خلال حفاظ هذا القطاع على التطوير الدائم مع استمرار الدعم البنكي والتسهيلات الممنوحة في هذا الباب.

كما أن هناك خطة بالتنسيق بين وزارة الإسكان والمركز الوطني للاحصاء والمعلومات لبحث امكانية اصدار أول مؤشر لأسعار الاراضي في السلطنة، وهذا يساعد في الاتجاه التصحيحي ويخدم تنظيم سوق العقار.

تطوير القوانين

من زاوية أخرى فإن القوانين والتشريعات وتطوير النظم له دور في تحرك السوق العقارية إيجابيا باتجاه المستقبل، وهنا تحرص الحكومة على إيجاد منظومة شاملة لخدمة القطاع العقاري، وترى أن هذا القطاع كان دائما وسيظل من افضل مجالات الاستثمار سواء في السلطنة أو غيرها من الدول، فهناك اتجاه ماض نحو إنشاء المديريات المختصة بالتطوير العقاري، بما يخدم المطورين خاصة في المجمعات السياحية الكبيرة، وهذا مهم لأنه يعمل على تلافي المشكلات والتحديات التي تواجه العلاقة بين الملاك والمطورين.

وقد شهدت القوانين والتشريعات بشكل عام تلك المتعلقة بالقطاع العقاري، تطويرا في السنوات الماضية، وتم إدخال تعديلات حسب مقتضيات الحاجة على بعض القوانين بما يتماشى مع تطور ومتطلبات كل مرحلة، كما في قانون الوساطة العقارية على سبيل المثال الذي خضع للتعديل، وقد تمت التعديلات عن طريق لجنة شاركت فيها غرفة التجارة والصناعة والقطاع الخاص اضافة الى الجهات الحكومية المختصة، بما يؤكد على الدور التشاركي في صناعة القرار في مثل هذه القضايا الحيوية.

لكن ثمة مشكلة قائمة بحسب عاملين في القطاع وهي التفعيل التام لبعض القوانين، كما في بعض قانون الوساطة العقارية، لكن الحكومة تؤكد من جهتها أن الجهود مستمرة من قبل الجهات المعنية لتفعيل كافة بنود القانون بما يحقق الصالح العام وبما يؤدي الى تنظيم نشاط الوساطة العقارية.

استصلاح الأراضي

تم التطرق سابقا إلى المشكلة التي تواجه مجال الإسكان عاما في السلطنة وخاصة في مسقط من حيث توفر الأراضي، خاصة أن الرجل والمرأة معا يتاح لهم حسب القانون الحصول على أرض سكنية، ما يضاعف الطلب، مع وضع العامل الطبوغرافي في الاعتبار كما جرى التوضيح، وهنا تؤكد وزارة الإسكان دوما أنها ماضية في خطط الاستصلاح لبعض الأراضي في مختلف المحافظات، بهدف ايجاد اراضي جديدة تفي بمتطلبات المواطنين، حيث ان لدى الوزارة عددا كبيرا من طلبات الحصول على أراض سكنية.

كما تسعى الوزارة الى ايجاد مخططات اراض جديدة في المناطق التي تعاني قلة الاراضي مثل مسقط ومسندم وجار العمل بالفعل على استصلاح اراض في المنطقتين، واسناد العمل لشركات خاصة تقوم بأعمال الاصلاح والتسوية حتى يتم تسليمها قابلة للتعمير للمواطنين.

 

شارك المقالة:
204 مشاهدة
هل أعجبك المقال
0
0

مواضيع ذات محتوي مطابق

التصنيفات تصفح المواضيع دليل شركات العالم
youtubbe twitter linkden facebook