تعود جذور تاريخ دبي قبل الميلاد إلى العام 3000 قبل الميلاد، وتصل إلى الفترة المينوسيّة المبكّرة (العصر البرونزيّ)، وطوال تلك المدّة كانت دبي مستنقعًا شاسعًا لأشجار المانغروف، وبحلول عام 3000 قبل الميلاد، بدأت تلك المستنقعات تجفُّ وأصبحت مواتية للسّكن أكثر، ويُعتقد أن رعاة الماشية الرُّحَّل كانوا أوّل من استقر في المنطقة في العصر البرونزي، وبحلول عام 2500 قبل الميلاد، قاموا بإنشاء مزرعة نخيل مزدهرة، وكانت هذه المرّة الأولى التي نجحت فيها الزّراعة هنا.
اكتشفت آثار من العصر البرونزيِّ المتأخّر في منطقة وادي سوق بين العين وساحل عُمان؛ لذلك سُمّيت بفترة وادي سوق، وشمل التّنقيب عن آثار هذه الفترة الأماكن التّالية (شَمَل في رأس الخيمة، وخورفكان، وجبل الرّماد، والشّارقة، ودبي)، واشتُهِرت هذه الفترة من تاريخ دبي قبل الميلاد والإمارات عمومًا، ببناء المدافن المتطاولة، بدون مساحات داخليّة، وهي أشبه بمخزن جميل.
يوجد في هذه المقابر فخّار وأوانٍ حجريّة، وأدوات وأسلحة برونزيّة وخرز، بالإضافة إلى القلائد والتّماثيل، وهي مزيج من الذّهب والفضّة، وبعد ذلك أصبحت المقابر بدائيّة، والأجسام فيها قليلة، وهذا يدلُّ على أنَّ مشاكل المناخ بدأت بالظّهور في هذا الوقت، وبدأت التّضاريس تتحوّل إلى صحراء.
فترة وادي سوق (2000 إلى 1300 قبل الميلاد)
اكتُشِف موقع ساروق الحديد أو (درب المعادن) في بداية القرن 21، ولكنّه جوهرة المواقع الأثريّة التي توضّح تاريخ دبي قبل الميلاد تحديدًا منذ أواخر العصر الحجريّ القديم، والعصر الحجريّ الحديث، ويُعتبر موقع ساروق الحديد واحدًا من أهمِّ الاكتشافات الأثريّة في دبي والمنطقة؛ كونه يقدّم الكثير عن تاريخ دولة الإمارات، لاسيما خلال العصرين الحديديّ والبرونزيّ.
اكتُشِف في ساروق الحديد العديد من الأدوات الحديديّة، والخزف الحجريّ، بالإضافة إلى الأواني البرونزيّة، وحبّات الخرز الثّمينة، والمجوهرات الذهبيّة، وتُبرِزُ هذه المُكتشفات دقّة ملحوظة في التّصنيع، ومن أبرز تلك المكتشفات الحُلي النّسائيّة الجميلة، وكذلك الحِرَب الدّقيقة، والقطع الحجريّة، والأختام، ولا تزال عمليّات التّنقيب جارية في الموقع حاليًّا، وحتّى عام 2015، كان عدد القطع المُكتشف 3000 قطعة، وكلُّ هذه الآثار معروضة في المتحف، الذي يقع في منطقة الشّندغة في دبي.
موقع ساروق الحديد
تُشير معظم الأدلّة أنَّ الآثار التي تعود إلى تاريخ دبي قبل الميلاد في منطقة ساروق الحديد، تنتمي إلى العصرين الحجريِّ والبرونزيِّ، ولكنَّ الصّناعات المعدنيّة وصلت ذروتها في العصر الحديديِّ، واستمرَّ هذا الازدهار حوالي 500 عام، وفيما يلي التّسلسل الزّمنيُّ الذي مرّت به منطقة ساروق الحديد الأثريّة:
الفترات الزّمنية التي مرّت بها منطقة ساروق الحديد
كانت التّجارة عصب الحياة في ساروق الحديد في تاريخ دبي قبل الميلاد والسّبب في هذا الاستنتاج وجود العديد من تصاميم قطع المجوهرات والزّينة تعود إلى ثقافات وحضارات بعيدة، وقد تكون هذه القطع صُنعت خارج ساروق الحديد، ووصلت إليه عن طريق التّجارة، وربّما يكون الكثير من الخرز والعقيق مجلوبًا من وادي السّند في شبه القارّة الهنديّة، وهذا دليل على شبكة تجاريّة بعيدة الأطراف رَبَطَت ساروق الحديد بباقي الحضارات المنتشرة في ذلك الوقت.
التّجارة في دبي قبل الميلاد
تقريبًا في الفترة ما بين 1300 إلى 700 ق.م، كانت دبي تحديدًا منطقة ساروق الحديد، موقعًا مزدهرًا لصناعة القطع المعدنيّة، مثل الأسلحة، وسبائك النّحاس، والبرونز، ومن المتوقّع أنَّ المعادن الخام لم تكن تُستخرج من منطقة ساروق الحديد، بل كانت تتمُّ صناعتها هنا فقط، ومن دون شكٍّ كان صهر هذه الموادِّ وتشكيلها يتطلّب مهارة عالية في استخدام الموادِّ، ومعرفة التّعامل معها.
كانت صناعة المعادن تتمُّ على نطاق واسع في ساروق الحديد، ووجَدَت الاكتشافات الأثريّة مناطق واسعة يُغطّيها خَبَثُ المعادن (الموادُّ المتبقّية بعد استخدامها في الصّناعة)، وهذا دليل أكيد على ازدهار الصّناعة في تاريخ دبي قبل الميلاد أثناء العصر الحديديّ.
العربية
