يطلق مصطلح نظام الدفع أو كما يعرف في اللغة الإنجليزية باسم Payment System على هيكل تنظيمي شمولي يحتوي على قنوات محددة يتم من خلالها توريد الدفعات المالية إلى مستحقيها من قبل الأفراد الذين استُحقّت عليهم هذه بعض المبالغ المالية في فترة زمنية محددة، وتختلف أنظمة الدفع من حيث إجراءاتها وطرق توريد الأموال إلى مستحقيها وفقَ ما يفرضه النظام المالي من خطوات تضمن سير عملية الدفع بشكل آمن وسلس بين الباعة والمشترين أو أي جهات أخرى تقدم أي نوع من أنواع الخدمات المدفوعة، وقد ساهمت التكنولوجيا الحديثة في إيجاد وسائل جديدة للدفع وتبادل الأموال بسبب استخدام بعض التقنيات الجديدة في الأنظمة المالية وهذا يقود إلى مفهوم المدفوعات الإلكترونية والذي سيتم تناول معلومات عنه في هذا المقال.
يطلق مفهوم المدفوعات الإلكترونية أو كما يطلق عليه في اللغة الإنجليزية Electronic Payments على أنه أحد الطرق الحديثة التي يتم استخدامها في عملية توريد الدفعات النقدية من خلال شبكة الإنترنت لتكون الأداة الناقلة للأموال من حسابات الدافعين أو المشترين إلى حسابات القابضين أو البائعين، أو من خلال توريد هذه المبالغ إلى حسابات بنكية خاصة بمستحقي الدفعات المالية، ولا يقتصر هذا المفهوم على عمليات البيع والشراء فقط، بل إن هناك مجموعة من العمليات المالية التي يمكن أن يتم دفعها أو قبضها إلكترونيًا إلى جانب عمليات البيع والشراء، ومن أبرز هذه العمليات الاستردادات والمدفوعات الضريبية، وأقساط شركات التأمين، وتوزيعات الأرباح على المساهمين، والتحويلات المالية الخاصة بالعمليات الائتمانية، ومدفوعات القروض، وتحويلات الخصم، إلى غير ذلك من العمليات المالية الأخرى.
وقد ظهرت الحاجة إلى وجود أموال يتم دفعها أو قبضها إلكترونيًا من خلال التطورات التي شهدتها الأسواق العالمية، سواء كان ذلك من خلال تطور العمليات التجارية وتوسع نطاقها على الصعيد المحلي أو الدوليّ، أو من خلال ظهور الأسواق المالية التي كانت عملية الدفع المادي عائقًا يحول دون إتمام بعض العمليات في الأسواق المالية، ومع مرور الوقت بدأت بيئة الدفع الإلكترونية بالشيوع أكثر في العديد من العمليات التجارية، وبالمقابل أخذت بعض الطرق القديمة التي كانت مستخدمة في ما مضى في عملية الدفع الإلكترونية بالتقلّص مثل عمليات الإيداع والدفع النقدي المباشر، خاصة في العمليات المالية والشرائية الضخمة، فضلًا عن عمليات الدفع الدورية التي أصبحت تُدفع إلكترونيًا بشكل تلقائي، كما ساهم وجود المدفوعات الإلكترونية مع مرور الوقت إلى ظهور ما يعرف بغرفة المقاصة الإلكترونية.
إن ظهور أنظمة المدفوعات الإلكترونية كان بسبب الحاجة الملحّة التي فرضتها الأسواق المالية والتجارية على المتعاملين بالنقد، حيث ساهمت فوائد المدفوعات الإلكترونية في خلق بيئة مغايرة للتعامل المالي لها خصائص محددة، وفيما يأتي أهم فوائد المدفوعات الإلكترونية والتأثيرات التي تلقي بها على الأسواق المالية والتجارية:
حيث ساهم وجود أنظمة المدفوعات الإلكترونية في إيجاد السلاسة التامة في التدفق النقدي، وهذا بالتأكيد يصب في مصلحة سير العمليات والأنشطة الاقتصادية بسهولة أكبر بعيدًا عمّا كانت تحتويه أنظمة الدفع القديمة من إجراءات معقدة تحجّم عملية التبادل المالي والتجاري بين الأطراف ذات العلاقة، وهذا بدوره ساعد على انتعاش بعض القطاعات والمشاريع التجارية التي كانت عمليات الدفع أو تحصيل الأموال تضعف من عملياتها البيعية أو التجارية.
حيث ساهم وجود المدفوعات الإلكترونية في زيادة الأمان المالي بالنسبة للدافع أو القابض على حد سواء، سواء كان ذلك من خلال مرونة عملية الدفع الإلكتروني، وعدم الحاجة إلى نقل كمية كبيرة من النقود بالطريقة التقليدية، بالإضافة إلى عامل الأمان الإضافي التي تحظى به عمليات الدفع الإلكترونية من خلال أنظمة الرقمنة التي تضمن وجود أرقام تسلسلية للمدفوعات الإلكترونية، حيث تكون هذه الأرقام محفوظة بشكل إلكتروني يصعب ضياعه أو فقدانه على عكس عمليات التوثيق الورقي للمدفوعات النقدية الملموسة التي يمكن أن تتعرض لهذه المخاطر، وهذا ما جعل المدفوعات الإلكترونية تستخدم بشكل كبير في تحصيل عائدات الضرائب، ومقتطعات الرواتب، والمدفوعات الحكومية الأخرى على اختلاف أنواعها.
حيث ساهمت المدفوعات الإلكترونية في توفير غطاء آمن وسريع من أجل تقديم الدعم والمساندة في حالات حدوث الكوارث الإنسانية أو الصحية أو الطبيعية على مستوى دولة بعينها أو على المستوى الدولي، حيث يتم تحويل الأموال إلكترونيًا وبالسرعة القصوى للشروع في تقديم المساعدات المالية العاجلة أو توفير المستلزمات الصحية أو الطبية التي يمكن بها الحد من مخاطر الكوارث الطبيعية أو الصحية.
حيث ساهم وجود المدفوعات الإلكترونية في تخفيض النفقات على الشركات أو المنظمات من ناحية قبض أو دفع المستحقات المالية، حيث يمكن تحويل الأموال ونقلها بسلاسة عالية وفي وقت قياسي دون الحاجة إلى موظفين متخصصين في تحصيل الأموال ونقلها وتسليمها، وما يترتب على ذلك من مخاطر مالية تجعل عملية تحصيل الأموال أو نقلها في بعض الحالات مُكلفة للغاية مقارنة بالمدفوعات الإلكترونية، ولا يقتصر خفض النفقات المتعلقة بدفع أو تحصيل الأموال على تكاليف النقل والتحصيل، حيث إن هناك بعض المستلزمات المادية الورقية أو الطباعية وبعض النفقات الإدارية الأخرى المتعلقة بالدفع والتحصيل النقدي المادّي.
إن دخول أنظمة المدفوعات اللإلكترونية حيز التنفيذ في العديد من الشركات والمنظمات ساهم في توفير الكثير من الوقت والجهد الذي يُصرف في قبض وتحصيل الأموال، وهذا يؤثر بشكل إيجابي على الأنشطة الاقتصادية بحيث تستطيع التفرغ لبعض العمليات الإدارية والأمور التنظيمية الداخلية مقابل الوقت والجهد الذي يٌصرف على تحصيل ودفع الأموال بالطريقة الاعتيادية، كما ينعكس هذا الأمر كذلك على دورة المشتريات ودورة المبيعات في المنظمات بحيث يقل الوقت المستغرق في تحصيل ودفع الأموال مما يزيد من العمليات البيعية بفضل استغلال الوقت.