“لولا التأخر التكنولوجي، لكانت حياتي غلطة”؛ هكذا وصف الملياردير كيم بيوم سو 김범수؛ أنجح رائد أعمال في كوريا الجنوبية، – البالغ من العمر 52 عامًا – حياته في كلمات بسيطة، عقب انضمامه إلى قائمة فوربس لأثرياء العالم.
نشأ لأبوين لم يستكملا المراحل المتقدمة في التعليم الدراسي؛ ليصبح أسطورة في عالم الاقتصاد، والمال، بثروة تجاوزت 2.5 مليار دولار، بإنجازه في عالم الإنترنت الذي يسيطر عليه حفنة من التكتلات الضخمة، تديرها عائلة “تشايبول” 재벌.
البداية
نشأ كيم بيوم سو في قاع الفقر؛ حيث تقاسمت عائلته- المكوّنة من 8 أفراد- غرفة نوم واحدة في حي فقير بسيول عاصمة كوريا الجنوبية.
انتقل والداه من وظيفة إلى أخرى لكسب قوتهما، وخلال ذلك استطاع أن يُحقق إنجازًا على صعيد عائلته، بأن يكون أول من يلتحق بالكلية؛ حيث كان يقوم بإعطاء دروس خصوصية يكسب منها ما يعينه على استكمال دراسته؛ حتى تخرَّج في كلية الهندسة الصناعية عام 1990.
يقول بيوم سو عن نشأته: “كان علينا أن نُنشيء طرقنا الخاصة؛ لأنه لم يكن لدى والديّ وقت للاعتناء بنا؛ فكان لنا درجة كبيرة من الاستقلالية، علمتني أهمية المسؤولية”.
عززت الشدة التي واجهها كيم بيوم سو في صغره، طاقته؛ للاستثمار في مزيد من قدارته الإبداعية الخلَّاقة، مع الحفاظ على روح الإنسان المتواضع الذي يمتلك مكتبًا بسيطًا في جنوب العاصمة الكورية.
الوظيفة الأولى
بدأ كيم بيوم سو وظيفته الأولى في مجال تطوير خدمة الاتصالات عبر الإنترنت، بوحدة خدمات تكنولوجيا المعلومات في شركة سامسونج العالمية، لكن تطلعه الدائمً للأفضل، دفعه إلى مغادرة الشركة بعد 5 سنوات فقط؛ ليؤسس مقهى إنترنت، ويبدأ تطوير ألعاب الكازينو الاجتماعية عبر الإنترنت.
ورغم تجنبه لعالم ألعاب الحاسوب في الصغر، فقد جذبه في فترة شبابه؛ إذ يقول: “إن التأخر التكنولوجي الذي عاصرته في طفولتي، ساعدني على تكوين شخصية مختلفة ساهمت في أن أعرف الحلول بنفسي، فتلك الألعاب تساعد في تعلم مهارات حل المشكلات؛ من خلال وضع استراتيجيات خلَّاقة، والتعاون مع الآخرين، من أجل حماية قلاعك على سبيل المثال”.
أول موقع ألعاب كوري على الإنترنت
في عام 1998، جذب Hangame؛ أول موقع ألعاب على الإنترنت في كوريا الجنوبية، عددًا كبيرًا من الزيارات، تم دمجها لاحقًا مع محرك البحث Naver لتصبح البوابة الإلكترونية NHN، هي المهيمنة.
عمل كيم بيوم سو ليلًا ونهارًا كرجل أعمال ومبرمج، وسط صراع مع نفسه بين الفخر بحاضره، والخوف من مستقبل تحيطه مخاطر الفشل، وعدم التمكن من دفع رواتب موظفيه.
انتقل كيم- والذي أصبح رئيسًا لرابطة صناعة الألعاب الكورية- إلى وادي السيليكون عام 2005 لبناء شركته في الولايات المتحدة، لكنه اكتشف أنها أكثر صرامة مما كان متوقعًا، فاستقال عام 2007.
وفي الوقت الذي كان يلفظ إبداعه أنفاسه الأخيرة بكاليفورنيا، عاد إلى كوريا الجنوبية برفقة بعض الزملاء، بالتزامن مع إطلاق آيفون، الذي سرق اهتمامه، وزرع في نفسه بذرة الأمل لمشروع جديد.
كاكاو 카카오
في عام 2010، أطلق كيم بيوم سو تطبيق KakaoTalk 카카오톡 للمحادثات والرسائل، الذي يستخدمه الآن ثلاثة أرباع سكان كوريا الجنوبية، البالغ عددهم 50 مليون نسمة.
وفي عام 2014، تم دمج “كاكاو” مع “داوم” للاتصالات؛ منافس شركة نايفر؛ حيث وفّر ميزانية أوسع نطاقًا للانتقال إلى خطوط أعمال جديدة، منها الأعمال المصرفية عبر الهواتف الذكية، وسيارات الأجرة.
مع إطلاق تطبيق كاكاو، كان كيم يُكرّس وقتًا لطموحه الشخصي في تطوير 100 شركة ناشئة تكنولوجية؛ إذ استثمر بالفعل في أكثر من 70 شركة ناشئة، من خلال شركتي رأس المال الاستثماري.
كافح تطبيق “كاكاو” لتوسيع قاعدة مستخدميه خارج السوق المحلية، مع نجاح محدود في الخارج؛ حتى استطاع الانتشار في دول جنوب شرق آسيا.
وعلى رغم من نجاحه، بات التطبيق يقع تحت دائرة الضوء من قبل الحكومة الكورية، التي أثارت جدلًا كبيرًا من أجل المراقبة على الاتصالات الرقمية؛ حتى خضعت لأوامر السلطات الكورية، بمراقبة رسائل المشتبهين في عام .2015
تحديات تواجه رواد الأعمال
حرص بيوم سو على توجيه نصيحة إلى شباب روّاد الأعمال قائلًا: “إن التجارب الفاشلة في الشركات الصغيرة، تؤدي غالبًا إلى نتائج أفضل على المستويين العملي والحياتي؛ ولذلك يجب على رواد الأعمال أن يُخاطروا بحياتهم من أجل ما يؤمنون به؛ لتعزيز فرص التفوّق من قلب التجارب، التي تخلق مناخًا ملائمًا للنجاح، مؤكدًا أن نظم التعليم في العالم تُقيّد ما أسماه بـ “الاقتصاد الإبداعي”.
جوائز
حصل كيم بيوم سو في مسيرته على العديد من الجوائز منها:
الدروس المستفادة
1 – الفشل يفتح أبواب النجاح
يقول “كيم بيوم سو”: “إن التجارب الفاشلة تعد البذرة الأولى في بستان نجاحاتك القادمة؛ فمن الفشل تستطيع التعلّم وتعزيز الخبرة لديك في التعامل”.
2 – التفكير خارج الصندوق
الاقتصاد يفتح آفاقًا جديدة للمشروعات؛ فعلى رائد الأعمال الاتجاه إلى الاقتصاد الإبداعي، الذي يعتمد على طموحاته الخاصة، وتفكيره خارج الصندوق؛ ما يُحقق له التفوّق والنجاح المستحق.
3 – لا تخش المخاطرة
تُعد المخاطرة الصفة الأهم لدى روّاد الأعمال؛ إذ تعزز من فرص إيجاد الحلول المناسبة لكل المشكلات، واكتساب مهارات جديدة تدفع لمشروعاتك إلى الأمام.