يُشكِّل البوق أحد أهم الأعضاء في الجهاز التناسلي الأنثوي، ووجوده شرط أساسي لضمان وجود خصوبة عند السيدة، ويتوضع البوق ما بين المَبيض والرحم، وبالتالي يملك جسم الأنثى بوقين، يقومان بنقل البويضة من المبيض إلى الرحم، ويُبَطَن البوق بأهداب تعمل على تحريك البويضة بعدّة اتجاهات، وتتمكن من جعلها تستقر في الرحم بشكل نهائي، ووجود أي اضطراب في عمل هذه الأهداب بسبب أي عدوى إنتانية، قد يتسبب بحدوث مشاكل في الحمل، كما أنّ العدوى والالتهاب قد يتسببان بحدوث انسداد جزئي أو تام في البوق، ولأنّ البويضة تعبُر البوق بشكل طبيعي فهناك احتمال لتكوين حمل خارج الرحم، إذا ما توقفت هذه البويضة بسبب وجود التصاقات حوضية بعد عملية جراحية علىالحوض، أو بسبب وجود بطانة رحم هاجرة، وكلّ هذه الأمراض قد تُعالَج بشكل دوائي، أو قد يضطر الطبيب إلى اللجوء إلى ما يُعرَف باستئصال البوق Salpingectomy، والذي تتواجد له عدة أشكال، وهذا ما سيتم التفصيل به في هذا المقال.
تتواجد أسباب عديدة قد تدفع الطبيب إلى اللجوء إلى العلاج الجراحي باستئصال البوق، على الرغم من أنّه خيارًا غير مفضل بالنسبة للعديد من أطباء النسائية، إلّا أنّه وفي بعض الحالات الورمية الخبيثة قد يكون الاستئصال واجبًا، كما قد يكون الاستئصال ضروريًا من أجل المحافظة على حياة السيدة، وفي ما يأتي سيتم التفصيل بأهم أسباب استئصال البوق، العلاجية والوقائية.
يمكن منعالحملبشكل دائم من خلال التدّخل الجراحي على البوق، والذي يشمل عدة طرق وأساليب، ويتم اختيار كل طريقة بحسب وضع المريضة، كما يجب أن تملك المرأة عددًا كافيًا من الأطفال مع ضرورة وجود موافقة من الزوجين، قبل اللجوء إلى هذه التقنية، كما ومن الأفضل أن تكون قد تجاوزت عمر الثلاثين، ومن أفضل هذه الطرق:
وتُعد تقنية اسئصال أو قطع جزء من البوق فعّالةً مدى الحياة في منع الحمل إذا كانت ثنائية الجانب، وبالتالي من الصعب جدًا إعادة الخصوبة للمرأة، ومن المميزات التي تملكها هو عدم تأثير على الهرمونات الجنسية داخل الجسم، بعكس ما تفعله حبوب منع الحمل، وإذا حدث ولم تنجح هذه العملية فللأسف هناك احتمال لتكوين حمل في البوق أي خارج الرحم، وهي حالة نادرة جدًا.
بشكل طبيعي، يجب أن تقوم البيضة الملقحة بالتعشيش داخل جوف الرحم، وكل مكان تعشش فيه خارج جوف الرحم يُصنَّف ضمن الحمل الهاجر، ويُعد نفير فالوب أو ما يُعرَف بالبوق المكان الأكثر احتواءًا للحمل الهاجر، ويُسمّى عندها الحمل بالحمل الهاجر البوقي، كما يمكن أن يحدث الحمل الهاجر في المبيض، أو عنق الرحم، أو المهبل، وهذه الأشكال نادرة جدًا بالمقارنة مع الحمل البوقي، ولأنّ أي مكان غير الرحم لا يُعد مكانًا مناسبًا للتعشيش، لا يستمر الحمل على الإطلاق، إذ تتوقف المضغة عن النمو عند حد معين بسبب عدم وجود مساحة كافية لاحتواءالجنين، وتكمن الخطورة في حدوث النزيف في مكان وجود الحمل، ومن الجدير بالذكر أنّ اختبار الحمل المناعي يكون إيجابيًا، ومن أهم الأعراض التي قد توحي بوجود حمل هاجر:
وهذه الحالات تتطلب علاجًا إسعافيًا مباشرةً، والذي يبدأ بتعويض ما فقدته المرأة منالدم، ثم التداخل من خلال التنظير أو الجراحة المفتوحة، وإزالة النسيج الجنيني، وفي معظم الأحيان يضطر الطبيب لاستئصال البوق المتمزق، أمّا إذا كان البوق غير متمزقًا وتم اكتشاف الحمل الهاجر في بدايته، فيُعالَج بشكل دوائي، من خلال حقن الميتوتركسات الذي يقوم بالتخلص من النسيج الجنيني مع المحافظة على النسيج البوقي بشكل سليم، وهذا ما يسعى الطبيب لتحقيقه دائمًا.
من الصعب الحصول على وقاية منالسرطانمهما كان نوعه، ولكن بعد إجراء العديد من الدراسات والتجارب على مرضى سرطان المَبيض، فقد توضّح وجود بعض العوامل التي ترتبط مع زيادة احتمال تطوير هذا النوع من السرطان، ما جعل تجنبها طريقةً من طرق الوقاية من هذا الورم، وهنا سيتم ذكر عوامل الخطورة لتطوير سرطانالمبيض:
ولذلك يُعد تحديد النسل بمختلف أشكاله ومن ضمنها ربط البوقين أو استئصالهما، من الطرق التي تُساهِم في منع تطوير سرطان المبيض.
ينتشر كلًا من سرطان عنق الرحم وسرطان المبيض باتجاه البوق، وبحسب مرحلة الورم ومقدار تطوّره يتم حساب الأنسجة التي سيتم استئصالها، وبالتالي نفير فالوب لن يتم اسئصاله بشكل دائم في سياق تطور هذه الأورام، ويمكن توضيح هذا الموضوع وفق ما يأتي:
ككل الأعمال الجراحية يشرح الطبيب كل خطوات الإجراء، مع وصف المخاطر ووضع نسب تقريبية لكل منها، والنتائج التي سيتم العمل على تحقيقها، وإخبار المريضة بالوقت المتوقع لهذه الجراحة، وكم من الوقت ستستغرق المريضة حتى تصل إلى مرحلة التعافي الكامل، وكل هذه الإجراءات من شأنها أن تُزيل المسؤولية عن الطبيب، كما ومن المهم الحصول على موافقة كتابية من قِبَل المريضة قبل إجراء الجراحة، مع تذكيرها بأن مثل هذه العمليات سوف تزيل القدرة على الحمل والولادةبشكل تام، ومن الأمور التي يجب على المريضة أن تراعيها قبل إجراء اسئصال البوق لأي سبب كان ما يأتي:
وهذه الأمور تُراعى فقط في حال لم تكن الجراحة إسعافية، أمّا إذا قدمت المريضة مع أعراض تمزق في البوق بسبب حمل هاجر فيتم إجراء جراحة إسعافية بشكل مباشر دون النظر في هذه التحضيرات.
لا توجد طريقة واحدة يمكن اتباعها في جراحة استئصال البوق، وإنما يتم توضيح خطوات الإجراء بناءً على حالة المريضة، ومدى امتداد الورم، ولذلك سيتم عرض بعضًا من هذه الطرق والتفصيل بها، مع تحديد الحالات التي يتم فيها اللجوء لكل طريقة منها، وكل هذه العمليات تُجرى إما بطريقة الجراحة المفتوحة تحت التخدير العام، حيث يقوم الطبيب بعمل شق في أسفل البطن يتمكن من خلاله من رؤية البوقين واستئصالهما، ثم يُغلِقالجرحبالغرز، أو يتم استخدام الجراحة التنظيرية، والتي تعتمد وجود تخدير عام أو موضعي، ويتم إجراء شق صغير في أسفل البطن، ويدخل عبره منظار البطن، ويتم نفخ الغاز من أجل تسهيل عمل المنظار، وجعل الأعضاء تبدو أكثر وضوحًا على الشاشة، ثم يتم إدخال عدة أدوات أخرى عبر شقوق صغيرة، وتتم إزالة البوق بشكل سهل ودقيق.
المقصود بالاستئصال الجزئي أي الاسئصال وحيد الجانب، والذي يتم اللجوء إليه في حالة الحمل الهاجر، وإذا كان سرطان البوق متوضعًا ضمن البوق فقط من دون أي امتداد، وفي بعض الحالات الالتهابية التي تطال نفير فالوبويتم هذا الإجراء وفق الخطوات الآتية:
يتم استئصال كلا البوقين في حال الرغبة بمنع الحمل بشكل نهائي، وتُعد الوقاية من سرطان المبيض عند بعض النساء الاستطباب الأكثر شيوعًا لهذا الإجراء، وقد تم التوضيح سابقًا عوامل الخطورة التي تملكها النساء لتطوير سرطان المبيض، من وجود بعض المورثات، ووجود تاريخ عائلي للإصابة بهذا الورم، وعلاقته بالهرموناتوالبلوغالمبكر.
يتم اللجوء إلى استئصال البوق والمبيض معًا في بعض الحالات، إذ يتم استئصال هذه الأعضاء في جانب واحد، أو في الجانبين بحسب السبب الذي يقتضي هذا الاستئصال، وسيتم ذكر كل منها وفق ما يأتي:
أو ما يُعرَف بTAH-BSO، إذ يتم اللجوء إلى هذا النوع من الاستئصال لمعالجة مجموعة من الأمراض المزمنة، كوجود أورام ليفية رحمية متعددة، أو وجود سرطان في مراحل متقدمة، أو معاناة المرأة من نزيف حاد لا يمكن إيقافه إلا باستئصال الرحم والبوقين والمبيضين، وبالطبع يتم مناقشة هذا الخيار، واختلاطاته مع المريضة، مع توضيح سبب اللجوء إليه.
بعد الجراحة، يتم وضع المريضة في غرفة الإنعاش، من أجل مراقبة العلامات الحيوية، والتأكد من وجود صحو تام منالبنج، كما قد تعاني المريضة من وجود غثيان ورغبة في الإقياء، بالإضافة لوجود ألم خفيف حول الشقوق الجراحية، ولا يمكن إخراج المريضة من المستشفى حتى يتم التأكد من قدرتها على التبوّل، كما ومن المهم اتباع كل ملاحظات الطبيب في ما يخص الأعمال التي يجب تجنبها، خاصةً رفع الأشياء الثقيلة والتمارين الشاقة، والتي يجب تجنبها لأسبوع كامل بعد الجراحة، كما ومن المهم إخبار الطبيب في حال حصل أي مما يأتي:
كما ومن المهم التأكيد على فكرة اختلاف وقت التعافي بين المرضى، كل بحسب طبيعة جسمه، ولكن يمكن القول أنّ حوالي أربعة إلى ستة أسابيع تكون كافيةً للوصول لدرجة التعافي التام إذا كانت الجراحة مفتوحة، وأربعة أسابيع إذا كان الإجراء عبر التنظير.
تؤدي عملية استئصال البوق إلى العديد من النتائج، والتي تنعكس بشكل مباشر على الدورة الشهرية والخصوبة عند المرأة، وغالبًا ما تتعلّق هذه النتائج بحسب مقدار الاستئصال الحاصل، ويمكن وضعها وفق ما يأتي:
قد تحدث العديد من الاختلاطات بعد هذه الجراحة، بعضها يكون مشتركًا مع باقي الجراحات، بينما تكون بعض الاختلاطات خاصة بالجراحات النسائية ومنها استئصال البوق، كما ويمكن ملاحظة أنّ هذه الاختلاطات تختلف في نسبة حدوثها بحسب الطريقة المُتَبَعة في الجراحة، ويُعد استئصال الرحم والمبيض والبوق ثنائي الجانب، الإجراء الأكثر توغلًا وترافقًا مع هذه الاختلاطات، ويمكن ذكر الاختلاطات الآتية: