تعتبر سورية من البلدان التي تشكل قوة إقليمية زراعية، حيث لم تكن يومًا بحاجة إلى استيراد أي نوع من أنواع المنتجات الزراعية، إذ أن إنتاج محاصيلها الزراعية يكفي حاجات السوق المحلية، ويشكل جزءًا من الصادرات إلى الوطن العربي والاتحاد الأوروبي، حيث ساعد وجود المساحات الشاسعة الصالحة للزراعة، والمناخ المعتدل في تنوع المنتجات الزراعية بين أشجار ونباتات، ولعل من أكثرها أهمية وتأثيرًا في الاقتصاد النباتات المستخدمة كتوابل مثل الكمون، ولكزبرة، اليانسون، وحبة البركة، وفي مقالتا هذا سوف نطلعك على نبات الكزبرة.
هي أحد النباتات العشبية التي يتراوح طولها بين 60 و100 سم، تتميز بأوراقها ريشية الشكل التي تتوضع بشكل
متقابل على الساق المجوفة، وبشكل متبادل على الأفرع الجانبية، كما تتميز أزهارها بصغر حجمها، ولونها الأبيض
المائل للأرجواني، وتكون ثمارها ذات شكل كروي، ولون بني مصفر أو مخضر، بطول يتراوح بين 4 و6 ملم، كما
تتميز برائحة كريهة عندما لا تكون ناضجة.
ويعد حوض البحر المتوسط موطنها الأصلي، وتنتشر زراعتها في آسيا وأوروبا، وأغلب المناطق المعتدلة وحتى شبه الحارة، حيث تعد كل من رومانيا، وإيطاليا، والمجر، ومصر، والمغرب، إضافة إلى سورية من أهم البلدان في زراعة الكزبرة، وتعرف بأسماء عديدة، تختلف من منطقة لأخرى، ومن هذه الأسماء الكسبرة،قديون، وتفاح الجن، والقصبر.
تعيش الكزبرة ويزدهر محصولها في المناطق المعتدلة، كغيرها من توابل عائلة الخيمية، وتزرع عادةً خلال شهري تشرين الأول والثاني، باعتبارها محصولًا شتويًا بامتياز، إذ يعتبر من النباتات غير الحساسة للبرد، ويمكنها مقاومة الحرارة والجفاف.
الجيدة، كما يجب الانتباه أنها لا تنمو في الأراضي الملحية، ولا تنجح في الأرضي ذات درجات عالية من الحموضة
أو القلوية، إذ أنها تميل إلى البيئات المعتدلة.
ومن الجدير بالذكر أن أكثر المناطق السورية زراعة للكزبرة هي محافظة الحسكة، حيث بلغت المساحات المزروعة
بها حوالي 4200 هكتارًا، إذ يعود سبب ميل الفلاحين إلى زراعتها إلى قلة الجهد والمقدم للاعتناء به، وضخامة
أرباحها، حيث تقدر أرباحها بعشرة أضعاف تكاليف انتاجها.
تعتبر الكزبرة من النبات التي تنمو بعلًا، ولا تحتاج زراعتها والاعتناء بها إلى جهد كبير، مما دفع الفلاحين إلى زراعتها بكثرة، كما أن التجار السوريين يرغبون لها، باعتبارها منتجات تصديرية من الدرجة الأولى.
حيث أصبحت سوريا المصدر العالمي الذي حتل المرتبة الثانية في تصدير النباتات الطبية، بما فيها من كزبرة، ويانسون، وكمون، وحبة البركة، والشمرا، إذ بلغت صادراتها في عام 2010م حوالي 53 ألف دولار، تسبقها الهند بمقدار 144 ألف دولار، لتأتي إيران في المرتبة الثالثة بصادرات تقدر بما يقارب 45،7 ألف دولار، تليها الصين بحوالي 41،7 ألف دولار، ثم مصر بـ31،5 ألف دولار.
وعلى الرغم من ارتفاع أسعار هذه النباتات في الأسواق العلمية، وخصوصًا إذا ما قسيت بتكاليف انتاجها، إلا أنها لا
المستورد العالمي الأكبر لها بقيمة 58 ألف دولار، وتليها ألمانيا بقيمة 33 ألف دولار.
ومن الجدير بالذكر أن هذه النباتات السورية تصدر دون تصنيع، أي بشكلها الخام، مما يقلل من عوائدها مقارنة، فيما
لو أنها صنعت أو عبئت أو حتى قدمت كدواء.
يتمتع نبات الكزبرة بالعديد من الفوائد إلى جانب كونها نوعًا من أنواع التوابل، التي تندمج مع الكثير من موائد
الطعام، إلا أن أهميتها لم تقف عند هذا الحد بل إنها امتلكت فوائد طبية لا يمكن الاستهانة بها، حيث أنها تساعد في:
وأخيرًا بمعرفة الأهمية الكبيرة للكزبرة في مجالات حياتية عديدة، لا بد من تعزيز زراعتها والعمل على تصنيعها
وتصديرها بأشكال مختلفة، بهدف الوصل إلى أكبر عدد من الأسواق العالمية، مما يعزز الصادرات السورية، ويدعم
اقتصادها، لحقيق المزيد من أرباح.