معلومات عن التهرب الضريبي المقصود

الكاتب: وسام ونوس -
معلومات عن التهرب الضريبي المقصود

 

 

ما هو مفهوم الضريبة

 

تُعرَّف الضريبة على أنها قيمة مالية يتم فرضها على الأفراد أو الكيانات الاعتبارية من قبل الحكومات وفقًا لمعايير قانونية وضريبية محددة، وتكمن أهمية الضرائب في أنها تعد من أهم المصادر التي تزيد من إيرادات الحكومات، كما أنها تُساهم في إعادة توزيع دخل الأفراد، وتحقيق الاستقرار الاقتصادي،[وهناك ما يعرف بالضريبة المباشرة التي يتم فيها دفع المبالغ التي تُستحق ضريبيًا إلى الدائرة الضريبية مباشرة، أما الضريبة غير المباشرة فيتم فيها استخدام وسيط لجمع ما يُستحق من مبالغ ضريبية على المُكلّفين، ويُساعد الإجابة عن سؤال ما هو التهرب الضريبي في فهم بعض الممارسات المرتبطة بتوريد الضريبة من المكلفين بالشكل الصحيح، وفي هذا المقال سيتم الإجابة عن سؤال ما هو التهرب الضريبي.

ما هو التهرب الضريبي

يمكن تعريف التهرب الضريبي على أنه سلوك غير قانوني وغير مسؤول يقوم من خلاله المُكلَّف ضريبيًا بالاحتيال على القوانين والقواعد الخاصة بضريبة الدخل أو ضريبة المبيعات من أجل عدم سداد قيمة الضريبة المُستحقة عليه كُلِّيًا أو سداد قيمة أقل من القيمة المُستحقة عليه ضريبيًا خلال فترة مالية محددة، ويسمى التهرب الضريبي في اللغة الإنجليزية tax evasion،ينطبق التهرب الضريبي على جميع المُكلفين ضريبيًا سواء كان المُكلَّف بسداد المُستحقات الضريبية فردًا أو هيئة اعتبارية، حيث يُطالب المُكلَّفُون ضريبيًا بتقديم نماذج ضريبية صحيحة تعكس الواقع الفعلي للنشاط التجاري الذي تُمارسه المُنظمة، أو الدخل الفعلي الذي تحصَّل عليه الأفراد خلال المدة التي تعكسها هذه النماذج الضريبية.

الفرق بين التهرب الضريبي والتجنب الضريبي

إن الفرق بين المتهرب ضريبيًا ومجتنب الضريبة يكمن في سلوكِ المُتجنِّبِ للضريبة طريقًا مشروعًا لا يُخالِف فيه أحكام القانون من أجل تخفيض الدخل الخاضع للضريبة، وبالتالي تحمل مبالغ ذات قيمة مادية أقل ضريبيًا، وهناك العديد من الطرق التي يلجأ إليها المُكلفون ضريبيًا سواء كانوا أفرادًا أم كياناتٍ اعتبارية من أجل التجنب الضريبي بحيث تكون هذه الطرق قانونية ولا يترتب عليها أي أعباء جنائية أو مُخالفات تضر بهم، ويُطلق على مفهوم التجنب الضريبي في اللغة الإنجليزية Tax Avoidance ومن أبرز طرق التجنب الضريبي وجود الاقتطاعات في الدخل، ووجود بعض الخصومات التي تُساهم في تخفيض الدخل الخاضع للضريبة.

ومن الأساليب التي يتم استخدمها في تخفيض قيمة ضريبة الدخل المستحقة وجود أكثر من طريقة لحساب الاستهلاك، مثل طريقة القسط الثابت أو طريقة القسط المتناقص، ما ينتج عنه احتساب مصروف الاستهلاك بشكل أكبر خلال فترة محددة، وهناك العديد من الأصوات التي تُنادي بأهمية إعادة النظر في القوانين الضريبية بسبب وجود بعض الثغرات التي قد يستند عليها المكلفون من أجل تجنب أكبر قدر ممكن من الضريبة المُستحقة عليهم، وذلك من خلال إلغاء الأحكام الضريبية الخاصة بالتجنب الضريبي، وتبسيط قانون الضريبة، وإعداد تسوية للمعدلات الضريبية في قوانين الضريبة المعمول بها، بالإضافة إلى تخفيض معدل الضريبة الثابتة، فكل ذلك يُسهم في عدم لجوء المُكلفين إلى الاستراتيجيات المتعلقة بالتجنب الضريبي.

معلومات عن التهرب الضريبي المقصود

 

قد يتشابه التهرب الضريبي من حيث النتيجة النهائية له لكنه قد يختلف في المسببات التي ينجم عنها تغيير نوعية التهرب الضريبي، فهناك التهرب الضريبي المقصود، والذي يحدث من خلال فعل متعمد من قبل المُكلَّف ينتج عنه تحريف في القوائم المالية أو إخفاء معلومات مالية نوعيّة تُخفِّض من قيمة الضريبة المستحقة، أو من خلال تعمُّد عدم دفع المستحقات الضريبة، أو من خلال إخفاء أصول محددة مملوكة للمُكلّفين عن طريق نسبها إلى آخرين، وقد يتم إجراء مراجعة للوضع المالي للمُكلفين من أجل تأكيد وجود احتيال مقصود أو إخفاء فعلي لمعلومات مالية نجم عنها تهرُّب من دفع مُستحقات ضريبية لدائرة الضريبة.

التهرب الضريبي غير المقصود

يمكن تعريف التهرب الضريبي غير المقصود على أنه ذلك النوع من التهرب الضريبي الذي ينشأ عن ارتكاب أخطاء غير متعمدة من قبل المكلفين أو من قبل الموظفين العاملين لدى الهيئات الاعتبارية لينجم عن هذه الأخطاء تخفيض قيمة الدخل الخاضع للضريبة وحدوث حالة من التهرب الضريبي غير المتعمد، وهنا يجب الإشارة إلى أهمية أن يراعي المكلفون صحة المعلومات المالية التي يتم تقديمها للجهات الضريبة، وأن الأرقام التي تم إدراجها في القوائم المالية تعكس الواقع الفعلي كي لا يترتب على هذه الأخطاء حدوث اختلافات في القيم الضريبية المُستحقة خلال فترة مالية محددة، كما ينبغي على المكلفين أن يكونوا على علم تام بالقوانين والمتطلبات الضريبية والتي من أهمها متطلبات الإبلاغ الضريبي، لأن فهم القانون وبنوده بشكل دقيق يساعد على تجنب الوقوع في المحظور.

أساليب التهرب الضريبي

هناك العديد من الوسائل التي يلجأ إليها المتهرّبون ضريبيًا من أجل تخفيض الدخل الخاضع للضريبة، وبالتالي تقليل مقدار الضريبة المستحقة عليهم تجاه الدائرة الضريبية، وقد يستخدم المُتهرب ضريبيًا هذه الوسائل بشكل مستقل، أو قد يتم استخدام أكثر من أسلوب تهرّب من الضريبة في وقت واحد، ومن أبرز أساليب التهرب من دفع الضريبة ما يأتي:

  • عدم الإبلاغ عن جميع المصادر التي يتحصل منها على الدخل في حال وجود أكثر من مصدر.
  • تعمُّد الإدخال الخاطئ لبعض الأرقام في السجلات المُحاسبية أو تسجيل أرقام لا تعكس المبالغ الفعلية عند عملية التسجيل في المُحاسبة.
  • الخلط بين النفقات الشخصية والنفقات التجارية لمنظمة يعمل فيها أحد الأفراد، ومحاولة تحويل بعض النفقات الشخصية إلى نفقات تجارية تُحسب على المنظمة ولا يتم احتسابها على الفرد.
  • محاول إسقاط الملكية عن بعض الأصول التابعة لمنظمة معينة أو لأحد الأفراد، أو محاولة نقل ملكيتها إلى شخص آخر أو جهة أخرى.
  • وجود مجموعتين مختلفين من التقارير المالية أو السجلات المحاسبية بحيث يتم تقديم معلومات مغلوطة للجهات الضريبية مع الاحتفاظ بالسجلات المحاسبية الصحيحة لدى المُكلَّف في حال احتاجت الدائرة الضريبية إلى سجلات واقعية للأحداث والأنشطة التجارية التي وقعت فعلًا.
  • محاولة تضخيم النفقات والمصروفات المختلفة بهدف تخفيض الدخل الخاضع للضريبة، ومن أبرز البنود التي يتم عادة التلاعب بها بند مصروف الرواتب، وبعض المصروفات الأخرى.
  • تقديم الرواتب على شكل دفعات نقدية للموظفين وعدم الإبلاغ عن الأرقام الفعلية التي تعكس هذه الدفعات المُستلمة من قبلهم، بالإضافة إلى تأجير العمالة التي لا تُسلِّم الضريبة بشكل دوري إلى مصلحة الضرائب.

معالجة التهرب الضريبي

تتعاون الدوائر الضريبية في العديد من دول العالم مع المُكلفين من أجل مساعدتهم على تجاوز المخالفات المرتكبة ضريبيًا، وفي ذات الوقت فإنه قد تفرض عقوبات صارمة على المُخالفين للقوانين والأحكام الضريبية عند حدوث تجاوزات ضريبية مُتعمدة لأكثر من فترة، كما يمكن أن يتم غض الطرف عن بعض المبالغ المستحقة ضريبيًا على المُكلفين والتي تخص سنوات سابقة إذا كان هناك التزام بدفع المبالغ المستحقة ضريبيًا خلال الفترات اللاحقة من أجل تحفيزهم على الالتزام بما قد يُستحق عليه من ضرائب فيما بعد، كما تُعطي الدوائر الضريبة في العديد من دول العالم المُكلفين ضريبيًا فرصة لمراجعة الإقرارات الضريبية المُقدمة من قبلهم للدوائر الضريبية، وتصحيح بعض الأخطاء التي قد ترد فيها خلال فترات محددة دون وجود أي تبعات قانونية لذلك.

أشهر قضايا التهرب الضريبي

هناك العديد من قضايا التهرب الضريبي التي اشتهرت بشكل كبير في تاريخ الاقتصاد، وانتشرت أحداثها بين ألسن الناس في العديد من دول العالم، وهناك العديد من الأسباب التي زادت من شهرة هذه القضايا الضريبية، ومن أهمها استخدام المتهربين ضريبيًا أساليب لم تكن في حسبان السلطات الضريبية والقانونية، إضافة إلى العامل المادي، حيث كان التهرب من دفع الضريبة في بعض هذه القضايا يُقدَّر بملايين الدولارات، ومن أبرز قضايا التهرب الضريبي ما يأتي:

قضية والتر أندرسون

تعد قضية والتر أندرسون من أشهر قضايا التهرب الضريبي في تاريخ الولايات المتحدة الأمريكية، وتعود تبعات هذه القضية إلى عام 2006، حيث كان والتر أندرسون يعمل كمسؤول تنفيذي في قطاع الاتصالات، وكان يمارس التهرب الضريبي من خلال اللجوء إلى أسماء مستعارة وحسابات لأكثر من مصرف في الخارج، وتبين فيما بعد أن والتر أندرسون قد أخفى ما يقارب 365 مليون دولار من الدخل الذي كان من المفترض أن يخضع للضريبة، وكان العقوبة المستحقة عليه أن حُكمَ عليه بالسجن لتسع سنوات، واستردت السلطات منه ما يُقارب 200 مليون دولار.

قضية كابوني

يرتبط هذا الاسم بمجموعة من القضايا غير القانونية من بينها القتل والتهرب من دفع الضريبة لكابوني بسبب الدخل الذي يتأتى من الأنشطة غير القانونية التي كان يُمارسها، حيث كان كابوني بين مطرقة الاعتراف بهذه الأنشطة غير القانونية والتي تُعاقب السلطات على ارتكابها، وبين سنداد التهرب الضريبي لعدم إخضاع الدخل المُتأتي منها وإدراجه ضمن ما يُقدم للسلطات الضريبية آنذاك، وكان ذلك سببًا في إيداعه السجن بعد أن حُكم عليه بالسجن لمدة 11 عامًا.

قضية جو فرانسيس

تعود إحداث هذه القضية الضريبية الشهيرة إلى عام 2007، حيث تم توجيه تهمة التهرب الضريبي لجو فرنسيس، وقد تم تقدير المبلغ الذي أُخفي عن السلطات حينها بهدف التهرب الضريبي بنحو 20 مليون دولار، وكان هذا المبلغ ضمن بند مصاريف غير واقعية تم إضافتها بهدف تخفيض قيمة الدخل الخاضع للضريبة.

قضية ويسلي سنايبس

في هذه القضية الضريبة تم توجيه تهمة التهرب من دفع الضريبة بسبب إخفاء الدخل في حسابات خارجية، الأمر الذي تسبب في عدم دفع الضرائب المستحقة لعدة سنوات، وتم تقدير الضريبة المُستحقة التي تم التهرب منها في قضية ويسلي سنايبس بحوالي 12 مليون دولار.

قضية ليونا هيلمسلي

كانت ليونا هيلمسلي تعمل في مجال العقارات مع زوجها هاري، وتم تقدير قيمة أعمالها العقارية بمليارات الدولارات، وقد تم إدانتها بتهمة التهرب الضريبي في عام 1989م، وتم معاقبتها بالسجن لسنة ونصف.

عقوبة التهرب الضريبي

تُمثل قضية التهرب الضريبي انتهاكًا صارخًا للقانون، وكل من يُخالف القانون هو عرضة للمحاكمة، وتختص أنواع معينة من المحاكم بالفصل في القضايا الضريبية، وتسمى المحكمة التي تتابع القضايا الضريبية بمحكمة الضرائب، كما قد يتم متابعة القضايا الضريبية من القسم الجنائي في مصلحة الضرائب، أو من هيئات ضريبية أخرى، وتتراوح عقوبة التهرب من دفع الضريبة بين الغرامات التي قد تختلف قيمتها تبعًا للمُدان بتهمة التهرب الضريبي وقيمة تهربه من الضريبة وللنظام المعمول به في الدولة، حيث تصل الغرامة في حالة المُنظمات إلى نحو 500 ألف دولار، كما قد يخضع المُدان بتهمة التهرب الضريبي للسجن لمدة تصل في بعض الحالات إلى 5 سنوات، كما يترتب على المُتهم بالتهرب الضريبي في حال ثبوت الإدانة تحمُّل جميع التكاليف المتعلقة بالمحاكمة التي خضع لها.

تأثيرات التهرب الضريبي

إن عدم توفير المبالغ الضريبية التي تُستحق على المكلفين يعني بالضرورة وجود فجوة مالية في اقتصاد الحكومات، فعادة ما يتم استثمار المبالغ التي يتم تحصيها من الضرائب في دعم الأنشطة المجتمعية، وإعادة تأهيل الكوادر والبنية التحتية في المدن، كما أن خطورة التهرب الضريبة تتمثل في أن المبالغ التي يتم التهرب منها كبيرة نسبيًا، ففي الفترة الممتدة من عام 2008 ولغاية عام 2010 تم تقدير كلفة التهرب الضريبي في الولايات المتحدة الأمريكية بما يُقارب 458 مليار دولار سنويًا، ورغم استرداد ما يُقارب 52 مليار دولار من هذه المبالغ إلى أن الفجوة الضريبية بقيت متسعة لتقدر بنحو 406 مليار دولار سنويًا، كما تشير الإحصائيات أن ما نسبته 18.3% من الضرائب المُستحقة على المكلفين لا يتم دفعها، مما يشكل خطورة على الاقتصاد الوطني.

مكافحة التهرب الضريبي

نظرًا لخطورة التهرب الضريبي وتأثيره الكبير على الحياة الاقتصادية في الدول، فإن العديد من دول العالم تبذل جهودًا حثيثة في حصر دائرة التهرب الضريبي، وملاحقة المتهربين ضريبيًا من خلال مجموعة من الإجراءات القانونية التي تُساهم في خفض نسبة التهرب الطوعي والواعي للأفراد أو المنظمات من دفع ما يترتب عليهم من التزامات ضريبية، كما تشمل جهود مكافحة التهرب من دفع الضريبة البحث في مصادر الدخل الشخصي أو دخل المنظمات، والتأكد من واقعية النفقات التي تم تكبدها من قبلهم، بالإضافة إلى التحقق من صحة رواتب الموظفين وما يترتب عليها الدخل الشخصي من ضرائب في حال تعدد مصادر الدخل.

كما يقع على الجهات الضريبية واجب التعريف بالشروط والالتزامات التي من خلالها يترتب على الأفراد قيم ضريبية محددة، فالجهل بالقواعد والأحكام الضريبية قد يقود بعض الأفراد أو المنظمات إلى التهرب الضريبي غير المقصود، كما يجب على الجهات الضريبية بمختلف مسمياتها مراعاة ألّا تتداخل الضرائب المفروضة على المُكلَّفين فيما يعرف بالإزدواج الضريبي، والتي قد تحدث في بعض الحالات نتيجة لتوسيع صلاحيات فرض الضرائب، الأمر الذي ترتب عنه في بعض الحالات فرض قيم ضريبية على بعض الأحداث والأنشطة المالية خارج حدود الدولة، كما أن تداخل التشريعات الضريبية بين دولة وأخرى يؤدي إلى حالة من الخلط والازدواجية في التعامل مع المُستحقات الضريبية، لكن كل ذلك يجب أن يكون بمعزل عن ملاحقة المتهربين ضريبيًا، وتحصيل الضرائب المستحقة عليهم.

شارك المقالة:
201 مشاهدة
هل أعجبك المقال
0
0

مواضيع ذات محتوي مطابق

التصنيفات تصفح المواضيع دليل شركات العالم
youtubbe twitter linkden facebook