يعد علم إدارة الأعمال من أهم العلوم التي تُعنى بكيفية تسيير كافة العمليات والأنشطة التي تختص بالمنظمات وفق نظام محدد ومدروس من خلال سلسلة من الإجراءات المتتابعة والمستمرة، بحيث يكون تنفيذ هذه الإجراءات من أبرز المهام التي تقع على عاتق الإدارة المسؤولة عن كل منظمة، حيث يهتم مدراء الأعمال بمجموعة من العمليات التنظيمية التي تشمل التخطيط والتنظيم والتوجيه والرقابة، ويسمى علم إدارة الأعمال في اللغة الإنجليزية business management، وتساعد هذه العمليات التنظيمية إدارة المنظمات على تحقيق الأهداف التي تسعى إليها في المجال الذي تنشط فيه، ويرتبط مفهوم ريادة الأعمال بعلم إدارة الأعمال، وفي هذا المقال سيتم ذكر مفهوم ريادة الأعمال.
يشير مفهوم ريادة الأعمال إلى عملية إبداعية مرتبطة بتنظيم مشروع تجاري جديد أو تطوير مشروع تجاري قائم عن طريق مجموعة من القرارات التي تساهم في حصر المشكلات التي تعيق سير العمليات في هذه المشاريع، بالإضافة إلى تعزيز مفهوم الاستخدام الأمثل للعناصر الإنتاجية المختلفة، بحيث يمتلك رواد الأعمال القدرة على تحفيز العناصر الإنتاجية وإخراج أفضل ما لديها لتحقيق الأهداف التي يسعى المشروع الريادي إلى تحقيقها، ويُطلق على مفهوم ريادة الأعمال في اللغة الإنجليزية entrepreneurship، وتنطوي ريادة الأعمال على مجموعة من التحديات والمخاطر التي يسعى رواد الأعمال إلى تجاوزها من أجل الوصول إلى أهدافهم.
بعد أن تم توضيح مفهوم ريادة الأعمال، وجب الإشارة إلى أنه يقصد بريادة الأعمال في المنظمات وجود عملية مُنظمة ينشأ عنها حدوث تطويرات نوعية باستحداث مجموعة من الأفكار وتطبيقها على الواقع المُنظمي بحيث ينعكس تأثير هذه الأفكار على العديد من الجوانب الفاعلة في المنظمة، ويختلف مدى تطبيق مفهوم ريادة الأعمال في المنظمات حسب توجُّه هذه المنظمات ووعي القائمين عليها بأهمية تفعيل الدور الريادي فيها، وفيما يأتي بعض الجوانب التي تُبيِّن أهمية مفهوم ريادة الأعمال في المنظمات:
إن من أبرز الفوائد التي تعود على المتخصص في العديد من المجالات في الدراسات الجامعية أو ما يليها من الدراسات العليا اكتساب المعرفة المتخصصة في مجال محدد، ومحاولة دمج ما يتعلمه أثناء الدراسة الجامعية وما بعد الجامعية في الواقع الوظيفي، بحيث يتم عكس المعرفة الأكاديمية إلى واقعٍ مهنيٍّ ذي أثر فاعل، كما أن تخصص ريادة الأعمال يعد القلب الوظيفي النابض في بيئة الأعمال، وعليه تُبنى العديد من التوجهات الحديثة في بيئة المشاريع الاقتصادية الكبرى ويمكن إبراز فوائد التخصص في مجال ريادة الأعمال من خلال ما يأتي:
ينظر العديد من الاقتصاديين إلى ريادة الأعمال من منظور مختلف بوصفها إحدى أهم الوسائل المؤثرة في حدوث التقدم التقني في البلدان، حيث يرتبط هذا التقدم بجملة من القرارات الريادية لأصحاب القرار ورواد الأعمال، مما يساهم في رسم خطط عمل وسياسات جديدة تنعكس بشكل إيجابي على معدلات النمو الاقتصادي، كما تساهم هذه السياسات الجديدة المنبثقة من خطط ريادة الأعمال في تعظيم رأس المال في المنظمات، وتطوير العمليات الإنتاجية، وتفعيل الاستثمار المؤسسي بشكل أفضل، وإيجاد المرونة المناسبة في خطوط الإنتاج بحيث يتم تفعليها بالكفاءة المناسبة، وكل ذلك ينعكس على زيادة الناتج المحلي الإجمالي في الدول التي تهتم بريادة الأعمال.
وعلى الجانب الآخر فإن غياب مفهوم ريادة الأعمال في بيئة المنظمات المؤثرة في الاقتصاد يؤثر بشكل سلبي على اقتصاد الدول حيث يؤدي تكرار العمليات المعتادة في الأنشطة التي تمارسها المنظمات إلى حدوث تثبيط للنمو الاقتصادي، حيث تتكرر المشاكل دون وجود حلول نوعيّة تساعد على رفع الكفاءة الإنتاجية والتغلب على كل ما يعيق العملية الإنتاجية، كما أن عدم تطبيق مفهوم ريادة الأعمال في الاقتصاد يؤدي إلى سوء استغلال الموارد البشرية أو غيير البشرية، ممّا يُتيح ظهور مفهوم الهدر المالي الذي يتسبب في الانحدار الاقتصادي، وكل هذه التأثيرات في بيئة الأعمال لا بُدَّ أن يكون لها انعكاسات حتميّة على الواقع الاقتصادي في الدول التي تحوي هذه المنظمات.
هناك العديد من التصنيفات التي تضع ريادة الأعمال كأحد أهم العوامل الإنتاجية والتي تُسمى باللغة الإنجليزية Factors of Production، إلى جانب كُلٍّ من الأرض، ورأس المال، والأيدي العاملة، فريادة الأعمال هي العقل المدبر للعملية الإنتاجية، كما أن رواد الأعمال يمتلكون في الغالب شركات صغيرة يديرونها بأنفسهم، ويساهم وجود هذه الشركات في تحريك عجلة الاقتصاد من خلال توفير العديد من فرص العمل، وعادة ما يلجأ رواد الأعمال إلى عمل اكتتاب للأسهم في سوق الأوراق المالية، بحيث يكون للأفراد من خارج بيئة الأعمال القدرة على المساهمة في العملية الإنتاجية وتمويل فكرة رواد الأعمال والحصول على الأرباح، حيث تُعد هذه الطريقة من أسهل الطرق في الحصول على التمويل اللازم للمشاريع الجديدة، وتنظر بعض الدراسات الاقتصادية على أن هذا التمويل يعد خامس العوامل الإنتاجية في الاقتصاد.
قبل تطبيق مفهوم ريادة الأعمال في واقع المنظمات لا بُدَّ من وجود أرضيَّة صلبة ترتكز عليها المنظمات من أجل أن تسير عملية التطوير الريادي بالشكل المطلوب، وقبل إرساء خطوات عملية لتطبيق ريادة الأعمال يجب تعزيز مفهوم حرية التفكير والابتكار في البيئة الوظيفية من أجل تكوين حافز ذاتي لدى جميع الموظفين لإبداء آرائهم الإبداعية لإحداث تغييرات نوعية في بيئة منظمات الأعمال، فالخوف من الفشل أو تحمل مخاطرات غير مسبوقة قد يدفع بالعديد من الموظفين الذي يحملون أفكارًا إبداعية بعيدًا عن الطريق الصحيح لإحداث التطوير الريادي، وعلى الواقع العملي يمكن تطبيق مفهوم ريادة الأعمال في المنظمات من خلال الخطوتين الآتيتين:
حيث يساعد وجود خطة تنظيمية تحتوي على تفاصيل الإنجاز ومقداره على تحديد المتغيرات التي يجب الالتفات إليها في العملية الريادية، كما يساعد وجود هذه الخطة على تقسيم مراحل الإنجاز على مدد زمنية معروفة من أجل مراقبة أعمال المنظمة وما يطرأ عليها من تغييرات وعمل مقارنات بين ما هو موجود فعليًا على أرض الواقع، وما تم التخطيط إليه مسبقًا من أجل إجراء التصحيحات المناسبة قبل تفاقم المشكلات والوصول إلى مرحلة يصعب فيها تصحيح الأخطاء.
لا بُدَّ قبل تطبيق مفهوم ريادة الأعمال في واقع المنظمات التي يتم تحديد المسؤوليات التي يُناط بها كافة العاملين في البيئة المنظمية، وهنا يأتي دور المدير القيادي في تحديد مسؤوليات الأفراد بناءً على قدراتهم ومهاراتهم المختلفة، وتوزيع الأفراد على أقسام يختص كل منها بمهام وظيفية محددة، بالإضافة إلى استحداث أقسام مسؤولة عن التطوير والابتكار وإنتاج السلع أو الخدمات الجديدة التي تتناسب مع المرحلة المُقبلة، وعلى الجانب المقابل يهتم المدراء في المنظمة بالتركيز على الأهداف الاستراتيجية للمنظمة، ومحاولة الوصول إلى ما بعد هذه الأهداف ليكون الوصول إليها ممكنًا.
هناك مجموعة من الصفات التي يجب أن تتوافر في رواد الأعمال ليكون لهم القدرة على النجاح في العمل الريادي سواء كان هذا الأمر على المستوى الفردي أو على مستوى ريادة الأعمال في المنظمات، ومن أهم صفات رائد العمل الناجح ما يأتي:
يدخل في مفهوم ريادة الأعمال إنشاء العديد من الأعمال الريادية الجديدة أو المشروعات الفريدة التي تحمل أفكارًا غير مسبوقة، وإن نجاح هذه الأعمال أو فشلها يُبنى على مجموعة من العوامل المرتبطة بريادي الأعمال وطبيعة النشاط أو المشروع الريادي ذاته، ومن أبرز عوامل نجاح الأعمال الريادية الجديدة ما يأتي:
إن التأثير الإيجابي لريادة الأعمال على مستوى المشاريع الذاتية أو على مستوى المنظمات يتزامن في بعض الأحيان مع وجود مجموعة من التأثيرات السلبية التي تفرضها الأعمال الريادية على الواقع الاقتصادي في ظروف محددة، فزيادة الأعمال الريادية الحرة قد تؤدي إلى وجود بعض الممارسات غير العادلة في السوق، كما أن بيئة ريادة الأعمال العشوائية تُعد بيئة خصبة لحالات الفساد المالي، كما يساهم وجود الأعمال الريادية الفردية في إيجاد فجوات مالية في المجتمعات بسبب تفاوت الدخل في المجتمع بين شخص وآخر، وكل هذه العوامل قد تتسبب في عرقلة التطور الاقتصادي وحدوث خلل في المنظومة الاقتصادية ككل.