مرض التصلُّب المتعدِّد اسبابه واعراضه وطرق علاجه

الكاتب: رامي -
مرض التصلُّب المتعدِّد اسبابه واعراضه وطرق علاجه
"

مرض التصلُّب المتعدِّد اسبابه واعراضه وطرق علاجه.


مرض التصلُّب المتعدِّد هو مرض مناعي ذاتي يصيب الجهاز العصبي أي المخ والنخاع الشوكي مما يؤدي إلى عوارض عصبيَّة عديدة تتراكم مع تقدُّم المرض. هذه العوارض قد تشمل ضعف النظر، العضلات، قدرة الإحساس، وغيرها. ينتمي المرض إلى مجموعة أمراض تُسمى بأمراض المناعة الذاتيَّة أي أنَّ المرض ينتج عن مهاجمة الجهاز المناعي لخلايا الجسم. في هذه الحالة جهاز المناعة يُهاجم مادَّة تُدعى بالميالين (Myelin) وهي مادَّة دُهنيَّة تُغطّي الأعصاب وتُمكِّن مرور المعلومات العصبيَّة على شكل كهرباء بإنعزال عن البيئة المحيطة بالعصب. عندما يفقد العصب مادَّة الميالين يفقد قدرته على تمرير هذه الإشارات الكهربائيَّة بشكلٍ سليم وبالتالي تظهر العوارض العصبيَّة.


ينتمي مرض التصلُّب المُتعدِّد لمجموعة الأمراض المناعيَّة الذاتيَّة، وكغيره من الأمراض التي تنتمي لنفس المجموعة أسباب حدوثه ما زالت مجهولة. رغم ذلك هناك بعض عوامل الخطر المعروفة :

  • ألأصل : ألمرض شائع أكثر في دول أوروبا الشَّماليَّة، وإجمالاً في الدُّول البعيدة عن خط الإستواء في كلتا الجهتين. كما أنَّه شائعٌ أكثر عند سُكان الولايات المتحدة البيض أكثر من السّود.
  • عوامل بيئيَّة : وُجد أنَّه عندما يُسافر إنسان من مكان يكون فيه المرض شائعًا إلى مكان يكون فيه أقل شيوعًا فإنَّه يكتسب نسبة خطر الإصابة الخاصَّة بالمكان الجديد.
  • وراثة :أقارب شخص مريض من الدرجة الأولى والثانية والثالثة يحملون خطرًا أكبر للإصابة بالمرض، فمثلاً إذا كان لشخص أخ أو أخت مُصابين بالمرض ففرصة إصابته قد تصل %4.
  • ألتعرُّض للفيروسات : هناك عدَّة أبحاث تقترح بأنَّ التعرُّض لبعض أنواع الفيروسات قد يزيد من فرص الإصابة بالمرض إلا أنَّ هذه النظريَّة غير مُثبتة بعد.
  • ألجنس : ألنِّساء عرضةً أكثر من الرِّجال ب 2-3 مرَّات، قد يُعزى الأمر لنوع الهورمونات وكميَّتها التي يمتلكها كلٌّ من الجنسين.
  • ألإصابة بأمراض أخرى مثل مرض السُّكر من النوع الأول، وأمراض الغدَّة الدُّرقيَّة.


تبدأ عوارض المرض بالظهور بين جيل 20-40 عادةً وهي تختلف من شخصٍ لآخر في ماهيَّتها وحدَّتها. ترتبط نوع العوارض بالمكان المُصاب في الجهاز العصبي.

إنَّ عوارض المرض تظهر بشكل نوبي، تختلف وتيرتها من شخصٍ لآخر. قد يتراوح الزَّمن الذي يفرق بين النَّوبات من أشهر إلى عدَّة سنوات. بعد كُل نوبة يستعيد الشخص عافيته العصبيَّة لكن يكون في نهاية النَّوبة في وضعٍ أسوء مما كان عليه قبلها.

أمَّا أهم عوارض المرض :

  • ضعف الرُّؤية أو إزدواج البصر.
  • ألتنميل (Numbness).
  • ألنخز (Tingling).
  • ضعف القدرة على تحريك الأطراف.
  • إنخفاض القدرة على التوازن.

هناك أعراض أقلُّ شيوعًا وتشمل :

  • كلام متداخل (Slurred speech).
  • فقدان القدرة على الحفاظ على تناسق في حركة الجسم.
  • تراجع في القدرة الذهنيَّة.
  • شلل مفاجىء.
  • مع تقدُّم المرض هناك أعراض أخرى شائعة قد يُعاني منها المريض مثل :
  • ألإرهاق :عارض شائع جدًّا لدى هؤلاء المرضى، فالمريض يشعر بإرهاق وتعب جسماني وذهني خاصَّة في ساعات الظهر بشكل لا يتناسب مع المجهود الذي قام به أو ساعات الرَّاحة التي تمتَّع بها.
  • تشنُّج العضلات (Muscle spasm) : عارض شائع ومُعيق، يصيب عضلات الجسم وخاصَّةً الأطراف مما يُقيِّد أحيانًا من قدرة المريض على الحركة.
  • مشاكل في الرُّؤية : إلتهاب عصب البصري (Optic neuritis) يحدث في أغلب الحالات، وليس بالأمر النادر أن يكون العارض الأوَّل للمرض. يفقد الإنسان القدرة على النظر السَّليم وتتدهور حدَّة نظره مع تقدُّم المرض.
  • فرط الحساسيَّة للحرارة : إشتداد عوارض المرض وتدهوره عند التَّعرُّض للحر.
  • ألرُّعاش (Tremor) : أيضًا من العوارض الشائعة وصعبة العلاج.
  • ألدُّوار (Dizziness) : ويكون على حالتين، شعور الشخص بأنه يدور حول محيطه أو أن يشعر بأنَّ محيطه يدور حوله عندها تُسمّى الظاهرة طبيًّا ب Vertigo.
  • إرتداد القدرة الذهنيَّة : تراجع قدرة المريض على التَّركيز وتراجع ذاكرته. %10 من المرضى يعجزون عن القيام باحتياجاتهم اليوميَّة.
  • صعوبة في البلع والقدرة على التكلُّم.
  • تغيُّرات في الإحساس : تنميل، تخدُّر، وأوجاع في أطراف مختلفة من الجسم.
  • تراجع في قدرة الحفاظ على التَّوازن : بسبب الإرهاق، تشنُّج العضلات، وإصابة المخيخ (Cerebellum) وهو أحد الأعضاء المسؤولة عن توازن الجسم.
  • مشاكل المثانة البوليَّة : سلس البول (Urinary incontinence) أي عدم السَّيطرة على البول أو حصر البول (Urinary retention) أي عدم القدرة على إعطاء البول بكميَّة وبوتيرة مناسبة.
  • مشاكل في التنفُّس بسبب ضعف العضلات وإصابة الأعصاب التي تصلها بالمرض.
  • حالات الصَّرع (Seizure).

هناك عوارض غير مباشرة وناتجة عن عوارض أخرى للمرض مثل :

  • قرحة الفراش (Bedsore) : وهي ناتجة عن إلتزام المريض للفراش عند تقدُّم المرض وضعف عضلاته.
  • إلتهابات في مسارات البول : ناتجة عن مشاكل المثانة البوليَّة.
  • ألإكتئاب.
  • ألخوف من المواقف الإجتماعيَّة ومعاشرة النّاس.


تختلف أنواع المرض بحسب وتيرة ظهور العوارض ما يُسمّى بوتيرة الإنتكاس (Relapssing), وسرعة تدهور صحة المريض. هناك أربعة أنواع رئيسيَّة :

  • Relapsing remitting :تمتد النَّوبات لفترة أيَّام-أسابيع، وتهدأ خلال أسابيع-أشهر يستعيد فيها الفرد عافيته ويتخلَّص من العوارض تدريجيًّا، قسم من العوارض يتخلًّص منها بشكل كامل وقسمٌ آخر قد يبقى بشكل جزئي. بين النَّوبات وضع المريض يكون في تحسُّن ولا تحدث نوبات إضافيَّة.
  • Primary progressive :تستاء عوارض المريض بشكل مُستمر لكن بدون حدوث نوبات. تُشكِّل هذه الفئة %15 من جميع المرضى لكنها تُشكِّل غالبيَّة المرضى الذي يبدأ المرض لديهم بعد جيل ال 40.
  • Secondary progressive :بيدأ المرض على شكل نوبات لكنه يتحوَّل إلى حالة تستاء فيها العوارض بشكل مستمر بدون تعرُّض الشخص لنوبات.
  • Progressive relapsing : وهو النَّوع الأقل شيوعًا. حيث يُعاني المريض من إستياء مُستمر في عوارضه إلا أنَّه يُعاني أيضًا من نوبات التي تُسيء عوارض أكثر فأكثر. عادةً هؤلاء المرضى نوع مرضهم يكون في البداية Primary progressive.


إنَّ تشخيص مرض التصلُّب المُتعدِّد ليس بالأمر الهيِّن، وأحيانًا قد يحتاج الطَّبيب شهور عدَّة من وقت ظهور العوارض للوصول إلى التشخيص. ليس هناك فحص واحد يمكنه تشخيص المرض وفي كثير من الحالات يُشخَّص المرض بشكل خاطئ حيث يكون هناك حالة مرضيَّة أخرى مسؤولة عن العوارض مثل المرض الذئبي (Lupus)، نوبة دماغيَّة (CVA)، إلتهاب المخ وغيرها.

يتم تشخيص المرض بمراحل :

  • يبدأ التشخيص بواسطة أخذ المعلومات من المريض مثل عمره، أسئلة حول العوارض، كيفيَّة وسرعة ظهورها. أسئلة أخرى تهدف لنفي أمراض أخرى يُمكنها التسبب بذات العوارض.
  • ألفحص الجسدي وخاصَّةً فحص الجهاز العصبي.
  • فحص الدَّم : يمكنه نفي الكثير من الحالات المرضيَّة الأخرى.
  • صورة الرَّنين المغناطيسي (MRI) : يُمكنه إبراز إلتهاب في مادَّة الميالين.
  • بزل قطني (Lumbar puncture) : وهي عمليَّة إستخراج عيِّنة من السَّائل النخاعي (CSF) وهو السائل المتواجد في الجهاز العصبي المركزي أي في المخ والحبل الشَّوكي. يمكن فحص هذا السَّائل لنفي حالات مرضيَّة مختلفة أو لدعم تشخيص مرض التصلب المتعدِّد.
  • ألجهد المحرِّض (Evoked potential) : يفحص قدرة الأعصاب على توصيل الكهرباء.

هناك عدَّة أمور قد تدعم تشخيص المرض بشدَّة لكنها لا تشكِّل تشخيصًا قاطعًا، أهمُّها :

  • جيل الشَّخص بين ال 20 وال 50.
  • نقص عصبي ملائم لضرر في الجهاز العصبي المركزي.
  • وجود ضررين في الجهاز العصبي المركزي في مكانين مختلفين بصورة رنين مغناطيسي.
  • حدوث النقص العصبي مرَّتين أو أكثر كل مرَّة تستمر العوارض لمدَّة 24 ساعة على الأقل وبفارق أكثر من شهر.


إنَّ الشِّفاء من مرض التصلُّب المُتعدِّد كغيره من أمراض المناعة الذاتيَّة غير متوفِّر حتى هذه اللحظة، لكن هناك العديد من الأدوية التي بوسعها السَّيطرة على المرض أو إبطاء تقدم المرض في غالب الحالات. هذه الأدوية تعمل على كبت جهاز المناعة الذاتي المسؤول عن المرض. من أهم الأدوية المُستعملة :

  • Steroids (مثل SoluMedrol, Decardon) : تُعطى عبر الوريد أو عبر الفم عند إنتكاس المرض. ألأدوية الأكثر شيوعًا.
  • Avonex (Interferon beta) : يُعطى بواسطة حُقن أسبوعيَّة إلى العضل. يُعطى عادةً لنكسات المرض.
  • Betaseron (Interferon beta) : يُعطى بواسطة حُقن كل يومين إلى منطقة تحت الجلد. يُعطى أيضًا لنكسات المرض.
  • Rebif (Interferon beta) : يُعطى بواسطة حقن إلى منطقة تحت الجلد عادةً ثلاث مرَّات في الأسبوع. يُوصف أيضًا لنكسات المرض.
  • Copaxone (Glatiramer acetate) : يُعطى بواسطة حُقن يوميَّة إلى منطقة تحت الجلد. يُوصف عادةً لمرضى Relapsing remitting.
  • Gilenya (Fingolimod) : يُعطى كحبوب يوميَّة. يُوصف عادةً لمرضى Relapsing remitting. من عوارضه زيادة فرص الإصابة بالخمج (Infection)، والتسبب بأضرار للقلب.
  • Novantrone (Mitoxantrone) : يُعطى عن طريق الوريد عادةً مرَّة كل 3 أشهر. يُوصف للأنواع الصَّعبة من المرض. من أعراضه كبت إنتاج كريات الدَّم البيضاء المسؤولة عن حماية الجسم من الخمج.
  • Tysabri (Natalizumab) : يُعطى عن طريق الوريد مرَّة كل شهر. يُوصف لنكسات المرض. من عوارضه أوجاع المفاصل والرَّأس.
  • Cytoxan (Cyclophosphamide) : يُعطى عبر الوريد. يحمل الكثير من الأعراض الجانبيَّة لذلك لا يُستعمل كعلاج أولي.
  • Immuran : يُمكن إستعماله أيضًا كبديل للستيرويد.

يتم ملائمة الدَّواء لكل مريض بحسب نوع مرضه، حالته الصحيَّة، أعراض الدَّواء، وغيرها من العوامل وذلك عن طريق الإستعانة بطبيب أعصاب عادةً مختص بهذا المرض.

إنَّ تشنُّج العضلات الناتج عن المرض من أهم العوارض التي تزعج المريض وتتطلَّب إهتمامًا خاصًّا. هناك طرق علاج عديدة في هذا الشأن :

- Baclofen : دواء لعلاج تشنُّج العضلات ومشاكل المثانة البوليَّة الناتج عن المرض. يُعطى عادةً بواسطة حُقن للسَّائل النخاعي (CSF) وذلك عن طريق إبرة تُدخل بين فقرات الظهر.

- ألعلاج الفيزيائي : تشغيل العضلات يُساعد على التقليل من تشنُّج العضلات. هناك أخصائيين يُوجِّهون المريض للفعاليَّات الرياضيَّة والحركات المناسبة.

- أدوية أخرى : Valium, Botox, Zanaflex.

- ألجراحة : في حالة فشل أنواع العلاج التي ذُكرت سابقًا قد يستعين المريض بالعلاج الجراحي. هناك عمليَّتين قد تساعدان في هذا الشَّأن :

Rhizotomy : قطع أعصاب مُعيَّنة في النخاع الشوكي.

Tendon release : فصل الوتر عن العضل. هذه العمليَّة تساعد في إرتخاء العضلة.

"
شارك المقالة:
534 مشاهدة
هل أعجبك المقال
0
0

مواضيع ذات محتوي مطابق

التصنيفات تصفح المواضيع دليل شركات العالم
youtubbe twitter linkden facebook