محققو التشخيص

الكاتب: رامي -
محققو التشخيص
شرلوك هولمز هو أحد أشهر المحققين الخياليين على الإطلاق. يستخدم هولمز مهاراته الاستثنائية في الملاحظة لحل قضايا تبدو مستحيلة. ما قد لا تعرفه هو أن السير آرثر كونان دويل Sir Arthur Conan Doyle، مبتكر شخصية شرلوك هولمز، درس الطب في جامعة إدنبرةUniversity of Edinburgh قبل أن يصبح كاتباً، واستوحى شخصيته – جزئياً على الأقل – من مدرس جامعي سابق يُدعى جوزيف بيل Joseph Bell. كان بيل، على ما يبدو، بارعاً بشكلخاص في اكتشاف الأشياء التي فاتت الأطباء الآخرين.
إن القدرة على استخدام الملاحظة والاستنباط للمساعدة في إجراء تشخيص دقيق هي في صميم الطب. وهي أيضاً في صميم برنامجي الجديد الذي تبثه هيئة بي بي سي تحت عنوان تحريو التشخيص Diagnosis Detectives. في هذه السلسلة، نجمع 12 من خبراء الطب في المملكة المتحدة لمساعدة أشخاص حيَّرت أعراضهم أطباء آخرين. كل منالمتخصصين هو عالِم رائد في مجاله. وتقوم الفكرة على أنه من خلال الجمع بين خبراتهم، وعند الحاجة، الاستعانة بأحدث ما توصلت إليه التكنولوجيا، يجب أن نكون قادرين على إعطاء مرضانا الإجابات التي يتوقون إليها.
كما يمكنك أن تتخيل، كان تنفيذ هذه السلسلة صعباً، لذا لا يسعني سوى الاعتراف بفضل فريق الإنتاج الذي نجح في تحقيقها. أولاً، كان عليهم أن يجدوا المرضى المناسبين الذين يعانون مرضا حقيقيا غامضا وهم في أمس الحاجة إلى علاجه. ثم كان علينا أن نأمل أن يتمكن فريق خبرائنا من إجراء التشخيص.
دعوني أقدم لكم مثالاً على ما واجهه خبراؤنا. في بداية البرنامج، التقينا بول، البالغ من العمر 75 عاماً من لندن. قبلثمانية عشر شهراً، استيقظ وعينه اليمنى منتفخة ومتورمة. ذهب لرؤية طبيبه العام الذي أجرى له تحليلاً لالتهاب الملتحمة Conjunctivitis، جاءت نتيجته سلبية. بعد ذلك، أُحيلَ إلى مستشفى مورفيلد للعيون Moorfield’s Eye Hospital. شخصوا إصابته بالتهاب في الجفن وأعطوه كريمات موضعية وكذلك مضادات حيوية عن طريق الفم. تلاشى التورم لكنه عاد بعد ذلك أقوى مما قبل.
تساءل خبراؤنا عما إذا كان من الممكن أن يكون السبب شيء اشتراه، كأن يكون اشترى شامبو جديداً أو غير مسحوق الغسيل؟ لاحظ طبيب الروماتيزم أنه مصاب بالبهاق – وهو فقدان صبغة الجلد في بعض المناطق. هل يمكن أن يكون هذا دليلاً مهماً، وعلامةً على التهاب غير ظاهر؟ أم يمكن أن يكون شيئاً أكثر خطورة، مثل سرطان الرئة؟
بدأ عدد التشخيصات المحتملة في الازدياد، وكان لابد وبسرعة من استبعاد أي أمراض تهدد الحياة.
في النهاية، تمكن الخبراء من إثبات أنه لم يكن سرطانياً ولم يكن شيئاً معدياً. في الواقع، كان التشخيص النهائي هو إصابته بالساركويد Sarcoidosis، وهي حالة نادرة تتسبب في ظهور بقع صغيرة من الأنسجة الحمراء والمتورمة، بصورةخاصة في أعضاء مثل الرئتين والجلد. إنه مرض غير قابل للشفاء، لكنه بالتأكيد قابل للعلاج. وهكذا حُلت حالة أخرى وشعر المريض بالارتياح.
شارك المقالة:
214 مشاهدة
هل أعجبك المقال
0
0

مواضيع ذات محتوي مطابق

التصنيفات تصفح المواضيع دليل شركات العالم
youtubbe twitter linkden facebook