تعد الحسابات المدينة من أهم المقاييس التي ترتبط بعمليات البيع، خاصة تلك العمليات التي ترتبط بالبيع مقابل الدفع في وقت لاحق، حيث تزداد في عملية البيع الأولية الإيرادات والحسابات المدينة، وعندما يتم سداد المبالغ المستحقة من عميلة البيع يرتفع مقدار حساب النقدية وتنخفض الحسابات المدينة، وتبقى الفرصة لفقدان جزء من المبالغ غير المقبوضة ممكنة في حال تعثر العميل أو عدم قدرته على الدفع، وبعد مضي فترة طويلة فإن هذه المبالغ تدخل في باب الديون المعدومة، وهنا يُفتح باب للطريقة المثالية للاعتراف بالإيراد، وكيف يمكن تقدير المستحقات النقدية التي لم يتم تحصيلها حتى الآن، كما يتم تقييد كافة العمليات المالية بما في ذلك عمليات البيع والشراء محاسبيًا بالقيود المحاسبية في دفتر اليومية بالسعر الإجمالي، وذلك من باب توثيق العملية المالية محاسبيًا وإظهار المبيعات تاريخيًا كما تمت في وقتها.
من أجل تقييم حسابات الذمم المدينة ومعرفة الكيفية المناسبة للتعامل معها لا بد من معرفة مفهوم حسابات الذمم المدينة وكيف تنشأ هذه الحسابات، وما الذي يؤثر عليها نتيجة للتقادم الزمني، وكيف يمكن أن تكون سببًا في تكوّن ديون قد لا يمكن تحصيلها من العملاء لاحقًا، وكيف يمكن معالجة هذه الديون في حال حدوثها وعدم القدرة على الإيفاء بها من قبل العملاء، وفيما يأتي بيان ذلك:
يمكن تعريف الذمم المدينة على أنها أموال مستحقة للعميل بناءً على إجراء عمليات محددة تمت مع أطراف أخرى بغرض الحصول على خدمة أو بيع منتج، ويتم عرض قيم الذمم المدينة في الميزانية على أنها أصل، وتنتج حسابات الذمم المدينة من خلال مجموعة من التعاملات المالية بين طرفين، ليظهر ما يعرف بحسابات الاستحقاق بسبب حدوث عملية بيع أو شراء، ويتم إثبات هذه العمليات المالية بين الأطراف ذات العلاقة من خلال فواتير رسمية يتم فيها إيضاح كافة التفاصيل المتعلقة بكمية المبيعات، وصنف البضاعة المباعة، وتاريخ عملية البيع، ووفقًا لأساس الاستحقاق المحاسبي يتم الاعتراف بالإيراد بمجرد تسليم المنتجات أو الخدمات التي تم تقديمها حتى لو كانت عملية البيع هذه قد تمّت بالآجل دون تسليم أي مبالغ نقدية.
وفي عمليات البيع بالآجل تنتقل ملكية المنتجات أو الخدمات من البائع إلى المشتري بمجرد حدوث عملية البيع، وبمجرد حدوث ذلك تظهر الذمم المدينة على أنها أصل للجهة التي باعت السلع والخدمات التي رغب المشتري في الحصول عليها بالآجل، ومع مرور الوقت يبدأ البائع بتحصيل المبالغ التي استحقها من عملية البيع بالآجل، وقد يترتب عليه في بعض الأحيان تحمل أعباء لها علاقة بتعثر المشتري وعدم قدرته على السداد في الوقت المحدد، ولا تمثل المبيعات النقدية إلا جزءًا يسيرًا من عمليات البيع والشراء والعمليات التجارية الضخمة بين الشركات والدول، بينما تكون بقية عمليات البيع بالآجل، وبمجرد حدوث عملية البيع بالآجل يتم عمل فاتورة رسمية من أجل إرسالها إلى العميل، وبالعادة يتم إرسال هذه الفاتورة إما من خلال البريد المباشر أو بالبريد الإلكتروني، ومن شروط البيع بالآجل أن يكون هناك موعد محدد بين الأطراف المعنيّة بالبيع والشراء من أجل سداد قيمة المنتجات الي تم بيعها.
يمكن تعريف الديون المعدومة على أنها تلك المبالغ المالية المستحقة نتيجة لعمليات البيع والشراء بالآجل، والتي فقد فيها البائع القدرة على تحصيل الأموال نهائيًا نتيجة لمرور فترة طويلة على فترة الاستحقاق التي كان من المفترض أن يتم تحصيل الأموال المستحقة فيها، وتؤثر الديون المعدومة بشكل سلبي على حركة تدفق النقد والأموال في الشركة أو المنظمة التي باعت بالآجل ولم تستطع تحصيل الأموال في فترات السداد المتفق عليها، كما يظهر تأثير الديون المعدومة بشكل واضح في السجلات المحاسبية، ومن الضروري أن تتعامل الشركات أو المنظمات مع الديون المعدومة بشكل مناسب لأنها تمثل حملًا محاسبيًا ممتد الأثر وغير قابل للتحصيل المادي، وهذا الأمر ينعكس بشكل واضح على حسابات القبض، ففي الوقت الذي تنتظر فيه المنظمة أو الشركة تحصيل دفعات نقدية من عمليات البيع بالآجل، ويكون رصيد الأموال المستحقة وغير المستلمة مرتفعًا، حيث يؤدي وجود الديون المعدومة إلى خفض هذا الرصيد بشكل كبير لعدم القدرة على تحصيل الديون المعدومة بشكل نهائي.
ونظرًا للتأثير السلبي الكبير للديون المعدومة على أنشطة المنظمات أو الشركات وما يجري فيها من عمليات حيوية فإن هناك مجموعة من الإجراءات التي يمكن اتباعها عمليًا في أثناء البيع بالآجل من أجل تجنب تحوّل المستحقات المالية لهذه المنظمات إلى ديون معدومة، ومن أبرز هذه الإجراءات العملية ما يأتي:
تعد الطريقة المباشرة لمعالجة الديون المعدومة إحدى طريقتين تستخدمان من أجل التعامل مع المستحقات المالية الآجلة التي أخذت حكمًا قطعيًا بعدم القدرة على تحصيلها، وفي هذه الطريقة يتم الخصم بشكل مباشر من حساب مصروف الديون المعدومة، كما يتم إعدام الدين في السنة المالية التي يثبت فيها عدم القدرة النهائية للعميل على سداد المستحقات بشكل مطلق، ويتم ذلك محاسبيًا من خلال إثبات قيد محاسبي متعلق بإعدام الدين بشكل مباشر مقابل حساب العميل الذي اشترى المنتج أو الخدمة بالآجل ولم يسدد ما ترتب عليه من مستحقات مالية، وتحولت حالة الشك في تحصيل الأموال المترتبة عليه إلى حالة يقين بعدم الدفع.
ووفقًا لمبادئ المحاسبة المقبولة عمومًا فإن الطريقة المباشرة لمعالجة الديون المعدومة لا تُقبل محاسبيًا، وذلك بسبب عدم منطقية تأثيرها المالي على السجلات والقوائم المالية للسنة المالية التي يحدث فيها إعدام الدين، حيث يخصم مصروف الديون المعدومة من إجمالي الدخل الخاضع للضرائب على الإقرار الضريبي للمنظمة أو الشركة التي عمدت إلى إعدام الدين، وهذا يعني عدم تطابق النفقات مع الإيرادات خلال نفس السنة المالية، لأن المصروف جاء في فترة محاسبية مختلفة عن تلك الفترة المالية التي تم فيها ترحيل الفاتورة الأصلية التي تمت فيها تناول العملية المالية بين المنظمة والجهة التي لم تعد لديها القدرة أو الرغبة في سداد المستحقات المالية، حيث يؤثر ذلك على بنود قائمة الدخل، وبذلك تتأثر الإيرادات في الميزانية العمومية من خلال الإعلان عن إيرادات أكبر مما هو في الواقع.
تعد طريقة المخصصات الطريقة المثلى في التعامل مع الديون المعدومة محاسبيًا، حيث تعتمد الطريقة على وجود مخصصات مسبقة للديون المشكوك في تحصيلها، ووفقًا لهذه الطريقة يوجد طريقتان لإنشاء المخصصات واستخدام هذه المخصصات فيما يمكن أن يشكل خطرًا ائتمانيًا على المنظمة في سداد ما تستحقه ماليًا مقابل عمليات البيع بالأجل، ويتم إنشاء هذه المخصصات وفقًا لما يأتي:
من خلال تطبيق أساس النسبة المئوية من المبيعات في حساب مخصص الديون المشكوك في تحصيلها يتم ضرب النسبة المئوية بقيمة المبيعات، ومن ثم يتم عمل قيد محاسبي في الدفاتر المحاسبية بالقيمة لإثبات مصروف مخصص الديون المشكوك في تحصيلها، فلو تم افتراض أن مجمل المبيعات 10000 دولار وأن النسبة المئوية من المبيعات 2% فإن مخصص الديون المشكوك في تحصيلها سيبلغ 200 دولار، وهذه القيمة يتم تخصيصها للسنة المالية الحالية واعتبرها مصروفًا للديون المشكوك في تحصيلها،أما فيما يتعلق بطريقة النسبة المئوية من رصيد الدائنين فيتم عقد مقاربة زمنية مرتبطة بزيادة نسبة عامل الخطر بالنسبة للعميل مع تقادم الزمن، وهذه النسبة تنعكس بشكل مباشر على مقدار مخصص الديون المشكوك في تحصيلها، فلو تم افتراض أن النسبة المئوية للمخصص من رصيد الدائنين بعد شهر من تاريخ الاستحقاق 0.5% فإن هذه النسبة بعد مرور شهرين ستكون الضعف تقديريًّا، وذلك بسبب زيادة خطر الائتمان مع تقادم الوقت، وكل ذلك يساعد على التحوط من الديون المعدومة، ويعالجها محاسبيًا بطريقة مقبولة.