تعرف تربية الطفل (بالإنجليزيّة: Child rearing) بأنّها عملية تنشئة الطفل منذ لحظة ولادته وإلى أن يبلغسن البلوغ، فهي تشير إلى الطرق والممارسات التي يتّبعها الوالدان بهدف إعداده لحياة مستقلّة من خلال تعليمه الالتزام بقواعد المجتمع الذي يعيش فيه، وكيفية التعامل مع الآخرين بالشكل الصحيح.
تعتمد عملية تربية الطفل على عدّة عوامل، منها: التأثيرات الثقافية المحيطة به، وكيفية نشأة والديه في طفولتهم، والمعتقدات الدينية الخاصّة بهم، واستعدادهم لتقبّل طفلهم بكونه كائناً صغيراً يحتاج للمحبّة في جميع الأوقات، ومعرفتهم وإدراكهم للطرق الصحيحة لدعمه وإسعاده والمساعدة على نموّه وتطوّره بالشكل السليم فيمراحل الطفولةومرحلة المراهقة، إضافة إلى الطريقة التي يفكّر بها الأهل في اتّخاذ القرارات المتعلّقة بالقضايا المختلفة، كاختيار الطرق المناسبة لضبط وتأديب طفلهما، وإمكانية عمل الأم خارج المنزل
لا يوجد أسلوب معيّن يمكن اعتباره بأنّه الأسلوب الصحيح الوحيد لتربية الطفل، إذ إنّ التربية الناجحة لتنشة أطفال مستقلّين وسعيدين في كافّة أنحاء العالم تعود في سببها إلى استخدام مجموعة متنوّعة من الأساليب وعدم الاعتماد على أسلوب محدّد، وقد بيّنت العديد من الدراسات أنّ سرّ تربية الطفل بالشكل السليم يقوم في أساسه على مشاركة الوالدين في رعاية وتربية طفلهما.
حددّ الباحثون أربعة أنواع من أنماط تربية الأطفال، إذ يتّخذ كلّ نمط منها نهجاً وأساليب مختلفةً، والتي يمكن التعرّف عليها من خلال عدد من المؤشّرات،وفيما يلي وصف لتلك الأنماط:
يجب تعزيز وتكوين ثقة الطفل بنفسه وبنائها في وقت مبكّر من الطفولة، فهي تبدأ من شعور الطفل بالحبّ والاهتمام من قِبل والديه منذ صغره، وتتطوّر مع مرور الوقت لعدّة أسباب وأساليب مختلفة، إذ يشعر الطفلبالثقة بالنفسمن خلال منحه بعض الصلاحيات للتصرّف في بعض المواقف، وإحراز تقدّمه اتّجاه تحقيق هدف معيّن، ومدح الأهل له والثناء على تصرّفاته الجيدة، وتعلّمه مهارات وقدرات جديدة، ممّا يُشعره بالرضى عن نفسه، وغيرها من الأسباب.
قد يجد الطفل في مراحل طفولته المبكّرة صعوبة في مشاركة الآخرين بأمر معيّن، وقد يضع احتياجاته قبل كلّ شيء، ولكنّه يُصبح شيئاً فشيئاً أكثر استعداداً للبدء بالمشاركة مع من حوله، وهنا يظهر دور الأهل في تشجيعه على ذلك من خلال مدحه والثناء على تصرّفاته، وقد يساهمون في تعزيز مفهوم المشاركة لديه من خلال تعليمه الأنشطة القائمة على التعاون والتشارك مع الآخرين بدلاً من التركيز على الألعاب التي تهدف إلى المنافسة والفوز فقط، كما يمكنهم إشراكه في بعض الأعمال المنزلية لتنمية روح التعاون لديه مثل: طلب مساعدته في عملية ريّ النباتات، أو تنظيف الأرضيات، وغيرها.
قد يرغبالآباءفي تعليم أطفالهم كيفية التعامل باحترام مع الآخرين وضبط مشاعرهم، وإنّ أفضل الوسائل والأساليب المتّبعة في ذلك هو تطبيق مثال أمامه يدلّ على التصرّف والتعامل معه ومع الآخرين باحترام، كالاستماع لحديثه دون مقاطعته، وتقبّل وجهة نظره، والتعامل مع الآخرين بلطف وتقدير، ممّا يجعله يتعلّم ذلك فيعكسه على تصرّفاته.
عادة ما يشعر الأطفال بالحرج من تقديم الاعتذار لبعضهم البعض، ولكنّ هذا أمر غير صحيح، إذ يجب تربية الأطفال على أنّ كلمات الاعتذار يمكن أن تُقال بسهولة ووضوح، ولا تشكّل أي حرج عندما يكون الخطأ صادر منه، بل إنّ الاعتذار يُعدّ تصرّف سليم يُشكر عليه الطفل، ممّا سيجعله يغيّر من سلوكه.
يُعدّ تنمية الذكاء العاطفيّ وتعزيز مفهوم التعاطف لدى الطفل من أهمّ أساليب التربية الواجب اتّباعها معه، إذ يقوم مبدأه على أن يضع الطفل نفسه مكان الآخرين فيراعي مشاعرهم ويأخذ أفكارهم على محمل الجدّ، ففي حال حدوث خلاف بين الطفل وأحد أصدقائه فإنّه يمكن الطلب من الطفل أن يتخيّل طبيعة مشاعر صديقه، بالإضافة إلى تشجيعه على إدارة عواطفه والتحكّم بها، والعمل بطريقة إيجابيّة لإيجاد حلّ مناسب، ويُراعى تحفيز الطفل على الإفصاح عن مشاعره لتنميةالذكاء العاطفيّلديه، إلى جانب ضرورة إحساسه باهتمام والديه اتّجاهه.
تُعدّ تربية الأطفال عملية مهمّة، فالأطفال يحتاجون إلى الرعاية والتوجيه المستمرّ في جميع مراحل نموّهم،والتربيةلا تقتصر على السنوات الأولى فقط من عمرهم، ولكنها تستمرّ إلى فترة المراهقة، فالرعاية والإشراف المستمرّ يوفّر شعوراً بالأمان العقلي والجسدي للأطفال، وهذا بدوره يساعدهم على التطوّر في الجانبين العاطفي والسلوكي على أكمل وجه.
إنّ توفير الدعم والتوجيه المستمرّ للطفل في سنواته الأولى يُشعره بالطمأنينة والأمان، ممّا يساعده على بناء شخصيته وتطوير ثقته بنفسه وبالآخرين، ويجدر بالذكر أنّ أهمية التوجيه والإشراف خلالمرحلة المراهقةلا يقلّ عنه في مرحلة الطفوله، فذلك يساعد على حماية المراهق من التوجّه إلى الأنشطة السيئة كتناول الكحول، أو الاكتئاب بسبب مروره بظروفٍ صعبة، أو الانضمام لرفاق السوء، وبالتالي مساعدته على النموّ بالشكل السليم، والحدّ من تشكّل السلوكيات السلبية التي تؤثّر على الطفل ومجتمعه.
يجب على الآباء تخصيص وقت لقضائه مع أطفالهم من خلال ممارسة بعض الأنشطة معهم كتناول العشاء، أو حضور الاحتفال المدرسي، أواللّعبمعهم، أو قراءة قصة أو كتاب لهم، وغيرها من الأنشطة التي تساعد في تربيتهم بصورة صحيحة، كما يمكن للأبوين غرس القيمالأسريةعند الطفل وترسيخها من خلال العديد من الأنشطة العائلية الممتعة كتنظيم نزهاتٍ ولقاءاتٍ عائليةٍ والتفاعل معه، ممّا يجعله يدرك أنّ عائلته دائماً معه وموجودة من أجله، وبالرغم من أنّ تلك الأنشطة تبدو بسيطة جداً، إلّا أنّها تساهم في بناء الثقة بين الآباء والأطفال، وتزيد من التفاهم بينهم.