تتجلى أهمية اتخاذ القرارات التي تتم في إطار التنظيم الإداري من أهم وأصعب الحالات التي تواجه الأفراد والجماعات والمنظمات على حد سواء، لذا قد تم اعتبار عملية اتخاذ القرارات على أنه جوهر العملية الإدارية، إذ أن عدم الشروع في اتخاذ القرارات، واتخاذها بالشكل الخاطئ من شأنه أن يخلق تكريسًا للإخفاق والتنصل عن أداء المهام والأنشطة المطلوبة لتحقيق الأهداف المبتغى إنجازها فضلًا عن تعرض المنظمة للمشكلات وعدم إمكانية مواصلتها لسبل الاستقرار والاستمرار لاسيما في إطار المنافسة الشرسة التي يشهدها عالم الأعمال في ظل الظروف التي أفرزتها العولمة وما نجم عنها من وفرة عالية بالسلع والخدمات البديلة في مختلف مجالات الحياة الاقتصادية والاجتماعية، وعليه فإن عملية اتخاذ القرار هي جوهر الأداء السليم لمختلف المدراء.
لا بد لكل فرد من اتخاذ مجموعة من القرارات اليومية، والتي يتخذها بصورة عفوية وتلقائية أو من خلال تطبيقه لمنهجية معينة علمية تساعده في الحصول على القرار الإداري المراد اتخاذه، وقد يكون هناك أمور أخرى تحتاج إلى فترات مفصلية كاختيار التخصص المراد دراسته أو في عملية المفاضلة ما بين عدة عروض للعمل على سبيل المثال، وكذلك الأمر فيما يتعلق في عالم الأعمال والمنشآت التجارية والمنظمات الجماعية، حيث يواجه المدراء بعض المواقف التي يحتاجون لتخاذ قرار فيها، وتختلف هذه المواقف في درجة أهميتها وفي كونها متكررة، حيث أن المدير قد يتخذ قرارًا روتينيًا أو قد يواجه مشكلة جديدة أو غير روتينية تستوجب القيام بتحليل معمق ودقيق قبل اتخاذه القرار الإداري لضمان قرار فعال، وتختلف طبيعة القرارات الواجب اتخاذها من منظمة لمنظمة أو من إدارة لإدارة دخل المنظمة الواحدة، ويعود ذلك إلى الاختلاف في النشاط الممارس بين المنظمات وبين الأقسام في المنظمة الواحدة، ومن الممكن تقس القرارات إلى ثلاث أنواع من حيث البيئة المحيطة في عملية اتخاذ القرار الإداري سيتم ذكرها آتيًا مع التوضيح:
من الصعب الوصول إلى تعريف واحد لعملية صنع القرار الإداري، إذ يختلف مفهوم صنع القرار الإداري من إداري لآخر، ويعود ذلك إلى أن كل مدير مفهومه الخاص في تعريف هذه العملية، ويعود ذلك إلى اختلاف الإدراك الشخصي لكل فرد متأثرًا بتجربته في الحياة الإدارية إضافة إلى قناعاته وآرائه الخاصة، فمن الممكن أن تجد مديرًا يؤمن بضرورة التفاعل الجماعي، وبأن هذه الاستراتيجية ستمده بمجموعة من وجهات النظر المختلفة التي ستساعده في اتخاذ القرار الإداري الأكثر فاعلية.
وقد يؤمن البعض الآخر بالمركزية في صنع القرار، بمعنى أنه سيأخذ قراره بعيدًا عن رأي الآخرين، ولكن من الممكن صياغة تعريف يغطي أهم جوانب عملية صنع القرار، إذ يمكن تعريفها على أنها عملية التحليل المنطقي للبيانات المتعلقة في عدة بدائل والبحث من خلال هذا التحليل عن البديل الأكثر ملائمة وفعالية والذي سيقرب المنظمة من تحقيق أهدافها بأسرع وقت وأقل تكلفة، لذا يترتب على المدير الشروع في تحليل معمق لإيجابيات هذه البدائل وسلبياتها ومدى تحقيقها لأهداف المنظمة، وقد عرفها هاريسون على أنها عملية إصدار حكم على ما يجب فعله خلال موقف أو حدث ما وذلك بعد تحديد البدائل والتحليل الدقيق لكل المعلومات المتعلقة فيها، كما عرفها هربرت سايمون على أنها قلب الإدارة، ويرى سايمون أن المفاهيم المتعلقة في العملية الإدارية يجب أن تستمد من منطلق سايكولوجية الإنسان واختياراته.
تعد عملية التحليل في الإدارة من أهم الوظائف الواجب على المدير تنفيذها دائمًا، إذ تحتم الضرورة استخدام هذه الأداة الإدارية المهمة في عملية اتخاذ القرارات، نظرًا لليقين الذي ستحيط المدير به عما هو مقبل عليه، حيث يترتب على المدير التحليل بمنهجية علمية قبل اتخاذه أي قرار كالأدوات الإحصائية والتحليل الكمي والنوعي أو شجرة القرار الإداري، وقد يواجه المدير مشاكل تحتاج إلى قرار فيما يتعلق في التنظيم الإداري داخل المنظمة أو فيما يتعلق في حجم استثماراتها وشكلها، أو فيما يتعلف في شؤون الموظفين من زيادة الرواتب أو تخفيضها أو اتخاذ قرار بتوظيف كادر جديد، وفي كل مرة سيتخذ فيها المدير قرارًا عليه تحديد كل البدائل المتاحة وجمع معلومات عن كل خيار وتحليله على حدة، وحصر نقاط قوته ونقاط ضعفه وآثاره السلبية الإيجابية ومدى تأثيره على المنظمة ومدى انعكاسه على الأهداف الموضوعة، وعليه فإن عملية تحليل القرار الإداري تهدف إلى استكشاف البدائل وتوضيح آثارها على المنظمة وأهدافها الأمر الذي سيتيح للمدير إمكانية اتخاذ أكثر القرارات ملائمة للمشكلة وأكثرها كفاءة في تقريب المنظمة من أهدافها.
وتعني عملية صناعة القرار الإداري العقلاني، قيام المدير بوضع خطة منهجية لدراسة الخيارات المتاحة له في عملية اتخاذ القرار، إذ يترتب على المدير جمع الكم الكافي من المعلومات حول القرارات المتاحة أمامه، وكذلك تحديد كل الخيارات المتاحة لاتخاذها في مشكلة ما، كما يترتب على المدير تطبيق أدوات البحث العلمي في عملية تحليله لهذا القرار، حيث يترتب على المدير فحص المعلومات المتوفرة بدقة و التأكد من مدى صحتها وذلك يحتم ضرورة ثقة المدير بالمصادر التي يستقي منه المعلومات المتعلقة بالمشكلة، كما يتوجب على المدير الاطلاع وتحليل النسب المالية المتعلقة في المنشأة والتأكد من أن الخيار المنوي اتخاذه لن يتعارض مع أهداف المنظمة ولن ينعكس سلبًا على وضعها المالي أو التنظيمي، وعادة ما يلجئ المدير إلى أدوات تحليلية كشجرة القرارات و التحليلات الكمية والنوعية في عملية تحليله للخيارات المتاحة ليتمكن من اتخاذ القرار الإداري الأنسب والذي سيعمل على تحقيق الأهداف الموضوعة للمنشأة، كما أن المدير قد يلجأ في مثل هذه الحالات إلى نظم دعم القرار الإداري التي من الممكن أن توفر له معلومات متقدمة كاطلاعه على مشاكل مشابهة حصلت في الماضي واطلاعه على القرارات المتخذة في هذه المشاكل ومدى تأثيرها على المنظمة وانعكاسها على أهداف المنظمة الموضوعة.
شجرة القرار الإداري تشبه إلى حد بعيد المخطط الانسيابي، حيث يمثل كل غصن فيها اختيار ما وتمثل فروع هذا الغصن نتيجة تعود لهذا الاختيار، وتكمن أهمية شجرة القرارات الإدارية في أنها تقدم تنبؤات مستقبلية عن القرارات المنوي اتخاذها الأمر الذي سيوجههم لاتخاذ القرار الإداري الأكثر فعالية، وتتضمن شجرة القرارات عادة مجموعة من القرارات ونتائجها وانعكاساتها الإيجابية والسلبية على المنظمة الأمر الذي يساعد في تجنب عدم اليقين، ويساعد أيضًا في تحقيق أهداف المنظمة، كما أن شجرة اتخاذ القرارات ستساعد المدراء ليس في توقع نتائج قرارتهم فقط، وإنما في عملية تحديد الأدوات اللازمة لتنفيذ كل قرار من هذه القرارات، ويشاع استخدام شجرة القرارات الإدارية في بحوث العمليات والتحليل التنظيمي، الأمر الذي يساعد الإدارة في وضع الخطط التي من شأنها حل المشاكل التي تواجهها الإدارة في ظل يقين بآثار القرار وانعكاساته ومدى تأثيره على أهداف المنظمة.
تعد عملية اتخاذ القرار من أكثر الأنشطة والمهام التي ينبغي على الإدارة القيام بها، وأن يسير متخذ القرار في إطارها بالشكل الصحيح، ومن الناحية العملية، فإن عملية اتخاذ القرار لا تختلف عن عملية البحث العلمي، وتنطوي خصائص صنع القرار على الآتي:
تتركز أهمية صنع القرار في كون القرارات هي الأداة التي ستقوم بتوجيه المنظمة بإداراتها المختلفة، إذ يترتب على عاتق متخذ القرار توجيه نشاط المنظمة، واتخاذ قرارات روتينية وغير روتينية متنوعة تختلف من منظمة إلى أخرى ومن إدارة إلى أخرى داخل المنظمة الواحدة، ويعتقد الباحثين أن الأسلوب الذي يتم في اتخاذ القرار مهم للغاية، وفيما يأتي توضيح للأساليب المتبعة في اتخاذ القرار:
ويمكن تعريف نظم دعم القرار الإدارية على أنها تطبيقات حاسوبية تقوم بجمع البيانات وتنظيم هذه البيانات وتحليلها، وتهدف هذه البرمجيات إلى توفير صورة واضحة لصناع القرار عن الوضع الراهن وعن الخيارات المتاحة وتحليلاتها لتوجيههم في عملية اتخاذ القرارات، وتقوم هذه البرمجيات بتوفير صورة واضحة لمتخذ القرار حول قرارات مشابهة اتخذت بالسابق إضافة إلى ما نتج عنها من سلبيات وإيجابيات، وتقوم هذه البرمجيات بجمع البيانات من عدة مصادر منها الأفراد داخل المنظمة والوثائق، وتحتوي على جميع أنواع البيانات المتعلقة بالتسويق والمبيعات والعائد على الاستثمار وغيرها من المعلومات التي يحتاجها المدراء في عملية اتخاذ القرارات المختلفة.
يواجه متخذي القرار الكثير من المشاكل خلال عملية صنع القرار التي من شأنها أن تعيق عملية صناعته، إذ من الممكن أن تقوم الجهة المستهدفة من القرار برفضه لتعارضه مع مصالحها، وبذلك سيترتب على الإدارة بذل مجهودات أكبر في هذه العملية، وبطبيعة الحال ستتنوع هذه الصعوبات أو العقبات مع اختلاف القرارات فقد تواجه المنظمة عقبات خارجية بيئية أو مع الجهات الحكومية وربما من قبل الموارد البشرية في المنظمة، ويعود ذلك إلى جملة من الأسباب أيضًا التي قد تكون متعلقة باللجان القانونية في البلاد، وهذا في حالة العقبات الخارجية، وقد تكون لها علاقة بمتخذ القرار وبنقص في مهارات الاتصال الإدارية لديه، كعدم وضوح القرار أو عد امتلاك قوة الشخصية الكافية لفرض هذا القرار والكثير من الأسباب الأخرى التي ستختلف مع اختلاف القرار.