يحمل مفهوم القيمة العادلة العديد من المعاني في عالم الأعمال، ففي مجال الاستثمار يُقصد به سعر بيع الأصل الذي يتم الاتفاق عليه بين المُشتري والبائع، وذلك على افتراض أن كلاهما على دراية بهذه المُعاملة، كالأوراق المالية التي تمتلك قيمة عادلة يتم تحديدها في الأسواق المالية الخاصة بالتداول، أما في مجال المُحاسبة فيُقصد بمفهوم القيمة العادلة القيمة المُقدرة للأصول والخصوم والتي يجب إدراجها في دفاتر الشركة، أما في الاستثمار فيتم الإشارة إلى سعر الأصل الذي يتم تحديده من قبل المُشتري والبائع والذي غالبًا ما يكون ثابتًا في السوق باسم القيمة العادلة، حيث يُمكن للمُستثمرين القيام على بيع الأسهم بسعر العرض وكذلك شراء الأسهم بسعر الطلب، فالقيمة العادلة هي عبارة عن مقياس يُستخدم لتحديد قيمة الأصل ولكنها ليست القيمة السوقية التي تُستخدم للإشارة إلى سعر الأصل في السوق، فهي تُمثل السعر المحتمل أو القيمة المُخصصة للسلع والخدمات مع الأخذ بعين الاعتبار الفائدة والعرض والطلب ومقدار المُنافسة عليها.
يُعد خيار القيمة العادلة بديلًا للأعمال التجارية التي تسعى إلى تسجيل أدواتها المالية من أًصول والتزامات بقيمتها العادلة، مثل: عقود التأمين الذي تقوم به الشركات على الدفع لطرف ثالث من أجل تقديم السلع أو الخدمات، بينما لا يُمكن تطبيق خيار القيمة العادلة في استثمار لشركة ذات فائدة مُتغيرة أو في مؤسسات الإيداع أو في عُقود الإيجار المالية أو في حقوق المُساهمين أو التعويضات المُؤجلة كخُطط التقاعد، وعند القيام على تطبيق خيار القيمة العادلة لأحد الأدوات المالية فإنه لا بُد من إجراء التغييرات على التقارير المالية وهذه التغييرات لا يُمكن التراجع عنها، ويتم القيام على تطبيق خيار القيمة العادلة في التاريخ الذي يتم فيه الإعلان عن وجود أحد هذه العناصر المالية ويقوم بعض المُحللين الماليين على وضع الأصول بالقيمة العادلة من أجل منح المُستثمرين فكرة أفضل عن طبيعة الشركة، ومنحهم معلومات إضافية يُمكن استخدامها من أجل العمل على تقدير قيمة الشركة أو تقييم المخاطر المُحيطة بها، على الرغم من أن الميزانية العمومية تُبين القيمة الجوهرية للأصول إلا أن القيمة العادلة تقوم على تقييم مقدار نُمو الأصول، كما يتم استخدام مُحاسبة القيمة العادلة لحساب التقلبات في الأسواق، كالدُول التي عملت على تبني العُملات ذات التضخم المُرتفع حيث إنها كانت أسرع في تجاوز القيمة العادلة، وهذا أدى للسماح بالشركات الموجودة فيها على إعادة تقييم الأصول، على الرُغم من أن القيمة العادلة للأصول تختلف وفقًا للطريقة التي يتم تقييم الأصول بها أو وفقًا لنوع المُستثمرين في حال كان مُستثمر سلبي أو إيجابي.
وتُعد القيمة العادلة في مُعظم مدارس الفكر الاقتصادي وفي المُحاسبة تقدير منطقي لسعر السلع أو الخدمات أو الأصول وذلك فق أسعار السوق المُحتملة، حيث يتم وضع خيار القيمة العادلة مع مُراعاة العديد من العوامل، مثل: ظُروف السوق المحيطة ومقدار العرض والطلب عليها، التكاليف المُرتبطة بالإنتاج أو الاستبدال، العوامل الذاتية كخصائص المخاطر والعائد وتكلفة رأس المال والمنفعة المُتصورة، ويُمكن تلخيص خيار القيمة العادلة في الفكر المُحاسبي كما يأتي:
تُعرف القيمة العادلة على أنه السعر الذي يتم الاتفاق عليه أو دفعه لبيع الأصول أو لتحويل التزام في معاملة بين مُنظمتين مُشاركتين في السوق في تاريخ التقييم، وتُستخدم القيمة العادلة لقياس سعر بيع الأصل أو القيام على دفع الالتزامات في الأسواق الرئيسة، ويُعد سوق الأُصول أو الخُصوم الذي له أكبر حجم أو مُستوى نشاط هو السوق الرئيس، حيث إن القيمة العادلة لا تعتمد على المبلغ الذي يجب على المُنشأة دفعه لتسوية التزاماتها بل تعتمد على المبلغ الذي يجب على الكيان المُبلِغ دفعه لمُشارك يرغب في تولي المسؤولية في السوق، حيث إن المُشاركون في السوق هم في الأصل مُشترون وبائعون في الأسواق الرئيسة والذين غالبًا ما يكونوا مُستقلين عن بعضهم وعلى معرفة بالأصول والالتزامات، وكذلك لديهم القُدرة والرغبة على الدُخول في صفقات تتعلق بالأصول والالتزامات، فالقيمة العادلة هي قياس قائم على السوق وليس خاص بالمُنشآت، وفي حال عدم وُجود سوق رئيس فإن الإدارة تقوم على تحديد السوق الأكثر فائدة والذي يقوم على زيادة المبلغ الذي سيتم العمل على استلامه لبيع الأًول وذلك بعد حساب تكاليف المُعاملات وتكاليف النقل.
يُوجد هنالك ثلاثة مناهج يتم العمل على استخدامها من أجل تقييم القيمة العادلة للأُصول والالتزامات؛ مثل: اتباع منهج السوق الذي يُعد التقنية الأكثر استخدامًا وانتشارًا حيث يتم تحديد خيار القيمة العادلة وفق الأسعار الموجودة بالسوق الذي يُوجد فيه أُصول مُشابهة للأصول التي يُراد استخدام خيار القيمة العادلة لها، كما يُمكن استخدام نهج الدخل الذي يقوم مبدأ عمله على تحويل التدفقات النقدية أو الدخل إلى مبلغ مخصوم، أو يُمكن استخدام نهج التكلفة الذي يتم فيه تحديد تكلفة الأصول في الوقت الحالي وعادةً ما يُستخدم هذا المنهج مع الاُصول الملموسة كالآلات والمُعدات، وبغض النظر عن تقنية التقييم التي يتم استخدمها فإن الهدف من قياس القيمة العادلة هو الحُصول على سعر بيع الأصل أو القيام على دفع الالتزامات في الأسواق، ومن أهداف استخدام القيمة العادلة ما يأتي
تُعرف محاسبة القيمة العادلة على أنها عملية التعديل الدوري لقيم العناصر للأُصول والاستثمارات الموجودة في دفاتر المُحاسبة، والتي تعمل على تغيير طريقة إعداد التقارير المُحاسبية التقليدية من خلال استخدامها للتكاليف التاريخية في تقييمها للعناصر الموجودة في دفاتر الشركة، إلا أن هنالك بعض المُحددات لاستعمال مُحاسبة القيمة العادلة، ومن هذه المُحددات ما يأتي:
يقوم المعيار الدُولي للتقارير المالية 13 على تحديد القيمة العادلة ووضع إطار عمل يُستخدم لقياس القيمة العادلة، ويتم العمل على تطبيقه عندما يطلب معيار آخر أو يسمح القيام بقياسات القيمة العادلة أو الإفصاحات حول قياس القيمة العادلة باستثناء ظُروف مُحددة؛ حيث لا يُحدد المعيار الدُولي للتقارير المالية 13 مُتطلبات القياس والإفصاح عن معاملات الدفع القائمة على الأسهم أو عقود الإيجار أو انخفاض قيمة الأصول أو مزايا الموظفين وخُطط التقاعد، فالمعيار الدُولي للتقارير المالية 13 يُحدد القيمة العادلة على أنها السعر الذي سيتم استلامه لبيع أصل أو دفعه لتسديد التزام في معاملة مُنظمة بين المشاركين في السوق في تاريخ القياس، وعند قياس القيمة العادلة فإن المُنشآت تستخدم التقييمات التي سيستخدمها المشاركون في السوق عند تسعير الأصل أو الالتزام في ظل ظروف السوق الحالية مُتضمنةً الافتراضات حول المخاطر، ونتيجةً لذلك فإن نية الكيان في حيازة أصل أو تسوية التزام أو الوفاء به بطريقةٍ أخرى ليست مهمة عند قياس القيمة العادلة.
ولقد صدر المعيار الدولي للتقارير المالية 13 في عام 2011 وتم العمل على تطبيقه بعد 1 يناير 2013، وقد كان الهدف منه العمل على تحديد القيمة العادلة ووضع إطار عملي لقياس القيمة العادلة وكذلك وضع إفصاحات حول قياسات القيمة العادلة، كما بيّن المعيار الدولي للتقارير المالية 13 الهدف من خيار القيمة العادلة حيث إن الهدف منه هو استخدامه لتقدير السعر الذي يتم عنده إجراء معاملة مُنظمة لبيع الأصل أو تسديد الالتزام بين المشاركين في السوق وذلك في تاريخ القياس وضمن ظروف السوق الحالية، كما قام هذا المعيار الدُولي على تعريف القيمة العادلة على أنها السعر الذي سيتم استلامه لبيع أصل أو تسديد التزام في السوق الذي تتم فيه مُعاملات بيع الأصول أو تسديد الالتزام، كما يُقصد بمفهوم القيمة العادلة للأُصول غير المالية بأنه القيام باستخدام هذه الأُصول من قِبل المشاركين في السوق مما سيعمل على زيادة قيمة الأصل أو مجموعة الأصول والخصوم، مثل: الأعمال التجارية التي سيتم استخدام الأصل ضمنها.
لقد بدأ العمل بالمعيار الدولي للتقارير المالية 9 في الفترات التي تبدأ بعد 1 يناير 2018، حيث بيّن هذا المعيار الدولي أُسس تحديد القيمة العادلة للأُصول المالية، بحيث تُبين كيفية تصنيف وقياس الموجودات والمطلوبات المالية لدى المُنظمة وكذلك بعض عُقود شراء أو بيع البنود غير المالية، كما تتطلب من المُنشآت الاعتراف بالأصول المالية في بيان المركز المالي لها، حيث تقوم المُنشآت بقياس الأصول المالية أو الالتزام المالي بقيمته العادلة زائدة أو ناقصة، وفي حال وجود أصل مالي أو التزام مالي ليس بالقيمة العادلة فإن تكاليف المُعاملة يتم حيازتها أو يتم القيام على إصدار أصل مالي أو التزام مالي، وفيما يأتي الأُسس المُستخدمة لتحديد القيمة العادلة للأصول المالية وفق المعايير الدولية:
تتطلب المعايير الدولية لإعداد التقارير المالية القيام بتقديم إفصاحات ُمعينة وفق فئة الأداة المالية، بحيث يجب على المُنشآت أن تقوم بتجميع أدواتها المالية في تصنيفات من الأدوات المُماثلة بما يتناسب مع طبيعة المعلومات الموجودة، وتُقسم متطلبات الإفصاح المُحاسبي عن القيمة العادلة وفقًا للمعايير المُحاسبية الدولية إلى ما يأتي:
يُعد خيار القيمة العادلة من الخيارات الأساسية للبُنوك واستراتيجيات إدارة المخاطر فيها، حيث يتم القيام على بناء مقياس يتضمن أرباح وخسائر القيمة العادلة للأدوات المالية المُختلفة فيها، والتي تشتمل كذلك القروض والودائع حيث إن ميزانيات البنوك التجارية تتكون بشكل شبه كامل من الأدوات المالية، ولتحليل العلاقة بين استعمال القيمة العادلة ومؤشرات الأداء في المصارف يتم استخدام مقاييس قياس الأداء وهي صافي الدخل والدخل الشامل، حيث إن العلاقة بين الدخل الشامل والقيمة العادلة تتلخص باعتبار القيمة العادلة الوسيلة الأفضل للأداء المالي في البنوك وفي تقييم مخاطر أنشطة البنوك، وفي حال كان الدخل الشامل جزئي فإنه سوف يتعرّض للمكاسب والخسائر الناتجة عن استخدام القيمة العادلة، بينما يُعد مقياس الدخل أكثر تقلب مع مرور الوقت كونه أكثر تمثيلًا لأنشطة إدارة المخاطر في البنوك، ونتيجةً لهذا التقلب فإن الدخل الذي يتم قياسه بالقيمة العادلة للأرباح يُعد هو الأكثر دلالة على المخاطر الكامنة للبنوك، حيث تعمل هذه التقلبات على التقليل من أرباح الأسهم غير الطبيعية في البنوك، فالعلاقة بين القيمة العادلة ومؤشرات الأداء المالي تظهر من خلال التقلّب في صافي الدخل والدخل الشامل اللذان يعملان على إظهار مخاطر القيمة العادلة التي تُبين الموجودات والمطلوبات المالية الموجودة في البنوك