ما هي نظرة الفقه القانوني للخسائر الرأسمالية؟.
اختلفت السوابق القضائية في موقفها من الخسائر الرأسمالية؛ لأنّ القانون انقسم إلى مجموعتين:
الشق الأول: تميل إلى إخضاع مكاسب رأس المال الضريبة وما يترتب عليها من خصم خسائر رأس المال من الوعاء الضريبي.
والشق الثاني: تتجه المجموعة إلى معارضة الضريبة على أرباح رأس المال وبالتالي استحالة خصم الخسائر الرأسمالية.
ولهذا نقدمها على النحو التالي:
أولاً: الاتجاه المؤيد لإخضاع الأرباح والخسائر الرأسمالية للضريبة:
يعتمد هذا الاتجاه على العديد من المبررات لصالح ضرائب أرباح رأس المال، ومن ثم الحاجة إلى خصم وتقليل خسائر رأس المال من الدخل بينما تكون أرباح رأس المال خاضعة للضريبة وأهم الأسباب هي:
فرض الضرائب على مكاسب رأس المال وخصم الخسائر يجعل من الممكن تحقيق التوازن في الميزانية العامة؛ لأنه من خلال فرض ضريبة على مكاسب رأس المال يمكن توليد فائض يستخدم لتغطية العجز الذي يؤثر على الميزانية العامة.
يؤدي فرض ضريبة الأرباح الرأسمالية إلى المساهمة في فرض الرسوم العامة، حيث تُشكّل المكاسب الرأسمالية أحد مكونات الثروة التي يملكها دافع الضرائب، ومبدأ العمومية في فرض الضريبة يفرض أن جميع الثروات بمختلف مكوناتها ستساهم في العبء العام في العبء العام؛ لأنهم جزء من ثروة دافع الضرائب.
تقضي قواعد العدالة بإدراج مكاسب وخسائر رأس المال في فرض الضريبة، وتنص قواعد العدالة على أن أي شخص أو دافع ضرائب يدفع الدين الضريبي، واستبعاد ضريبة الأرباح الرأسمالية سيؤدي إلى وجود أشخاص يدعمون سداد الديون الضريبية، وهؤلاء هم الأشخاص الذين حققوا ربحًا ثابتًا عادة ما يكون خاضعًا للضريبة والذين يحققون مكاسب رأسمالية ولا يدفعون الضرائب في هذا لا يوجد عدالة.
بمعنى آخر، سيكون هناك أشخاص سيتحملون العبء العام وسيكونون هم المسؤولون عن دفع ضريبة الدخل العادية، وفي المقابل نجد أشخاصًا لا يتحملون أيًا من الأعباء العامة على الرغم من ربحهم أو يتحملون العبء ولكن بحصة لا تساوي ما يدعمه دافع الضرائب الآخر.
التوزيع العادل للعبء العام بين دافعي الضرائب في الشركة علاوةً على ذلك، فإنّ عدم فرض ضرائب على هذا النوع من الربح يؤدي إلى فجوات بين فئات الشركة (زيادة الفجوة بين أعضاء الشركة)، حيث نجد الأشخاص الذين تنتمي ثروتهم التراكمية إليهم، وأحد الأسباب عدم فرض ضرائب على ثرواتهم من مكاسب رأس المال الأشخاص الذين تأثرت ثرواتهم بالضريبة. وبالإضافة إلى ذلك، عادةً ما يتم تحقيق مكاسب رأس المال من قبل الأشخاص ذوي الدخل المرتفع، وتتطلب قواعد العدالة مساهمة هؤلاء الأشخاص لتحمل عبء عام أكبر من عبء دافعي الضرائب ذوي الدخل المنخفض وإعادة توزيع الدخل الدخل الناتج لمصلحة دافعي الضرائب ذوي الدخل المنخفض نسبيًا.
ليس من الممكن الرد على عدم فرض ضرائب على أرباح رأس المال على أساس أنها ليست دورية وليست ثابتة، مع ذكر أن هناك دخل خاضع للضريبة كدخل عادي خاضع للضريبة وفق أحكام القانون، أي أنها تعتبر مصدر دخل غير منتظم وغير منتظم ومتكرر مثل (دخل الفنانين، دخول المفوضين). وبالإضافة إلى ذلك، من المتوقع أن يأخذ المستثمر أي دافع الضرائب في الاعتبار مكاسب رأس المال عند القيام بأنشطة استثمارية تهدف إلى تحقيق الأرباح، وبالتالي لا تختلف عن الأرباح التجارية والصناعية التي تخضع للضريبة كأرباح عادية؛ لأنها مصادر دخل خاضع للضريبة.
إنّ فرض ضريبة الأرباح الرأسمالية يساعد في إدخال المالية العامة، ومن ثم من خلاله لتمويل وتشجيع مشاريع التنمية الاقتصادية، وخاصة في البلدان النامية.
قد يؤدي عدم فرض ضريبة على أرباح رأس المال إلى ابتعاد دافعي الضرائب عن عمليات الإنتاج والانخراط في المضاربة، ممّا يضر بالاقتصاد الوطني.
ثانياً: الاتجاه المعارض لخضوع الأرباح والخسائر الرأسمالية للضريبة:
تميل المجموعة الثانية من المحامين إلى تجنب أرباح رأس المال الضريبي وما يترتب على ذلك من عدم القدرة على خصم خسائر رأس المال من الوعاء الضريبي، ويستند هذا الاتجاه أو المجموعة إلى عدة أعذار:
إن فرض الضرائب على المكاسب الرأسمالية يضر بالاقتصاد الوطني ويضعف التنمية الاقتصادية.
عادةً ما يتم استثمار رأس المال في البلدان التي تحقق عائدًا مرتفعًا للمستثمر، وبالتالي فإنّ شدة الضرائب من حيث تغطية مكاسب رأس المال تؤدي أيضًا إلى عدم وجود دافع للاستثمار ويؤثر المال في هذه الدول على الاقتصاد الوطني والتنمية في الدول التي هي في حاجة ماسة إلى استثمارات النقد الأجنبي والفضة خاصة الدول الأجنبية والنامية.
بالإضافة إلى أن فرض الضريبة على الأرباح يؤدي إلى تقليل المدخرات من العبء الضريبي؛ لأنّ الناس يدركون أن كل ثرواتهم تخضع للضريبة وبالتالي عدم وجود دافع لاستثمار أموالهم التي تتراكم معهم مدخرات،كما أن المكاسب الرأسمالية الناتجة عن اندماج المنشآت فيما بينها عندما كانت ضريبية، فهذا يقلل من اندماج الشركات وبالتالي يبطئ التوسع الاقتصادي وفرض الضريبة على هذا النوع من الربح لا يمكن للمنشآت تعويض خسارتها؛ لأن المنشآت بعد خسارة يجب تعويضها عن الخسارة، بحيث تعوض المكاسب الرأسمالية عن الزيادة مرة أخرى.
إنّ فرض الضرائب على أرباح رأس المال لا يتوافق مع عناصر الضرائب الحديثة تُفرض الضريبة عادةً على الموارد المتجددة حتى يمكن للدولة الاعتماد عليها في الإنفاق العام وأداء وظائفها هذا مصدر غير دوري وغير متجدد، بمعنى آخر، لا تتمتع الأرباح بنوعية الدخل التي تتميز بالتواتر والانتظام والتجديد، وبالتالي لا تفرض عليها ضريبة.
يؤدي فرض الضرائب على مكاسب رأس المال إلى الازدواج الضريبي؛ لأنّ (الزيادة في القيمة الرأسمالية للأصل تزيد الدخل المتوقع للأصل وفرض الضرائب على الزيادة في دخل الأصول في الأصول)، تعكس السنوات التي تم تحقيقها فيها، وكذلك الأرباح الرأسمالية الناتجة عن بيع الأصل في السنة التي تم تحقيقها فيها حدوث الازدواج الضريبي الاقتصادي كلما زاد الدخل الناتج عن الأصل زادت قيمته.
طالما يتم فرض ضريبة على أرباح بيع الأصل، والدخل المتولد كأرباح منتظمة، فهناك مصدر واحد يتم فرض ضرائب عليه مرتين، أول ضريبة على ربح بيع الأصل و تشير الضريبة الثانية إلى الإيرادات أو الدخل من إنتاج الأصل؛ لذلك فهي تخضع للازدواج الضريبي.
إنّ فرض ضريبة أرباح رأس المال يقلل من سرعة الشركات والمؤسسات التجارية في تجديد أصولها الثابتة عن طريق بيعها بسبب الربح الذي قد يتم تكبده وبالتالي فهي تخضع للضريبة.
بالإضافة إلى أن فرض ضريبة على مكاسب رأس المال يؤدي إلى (الحد من توزيع السلع الرأسمالية، وتجميد النشاط التجاري والاقتصادي وبالتالي تخفيض الضرائب التي يمكن أن تفرضها الدولة على هذه الشركات والمؤسسات)، كما أن تحصيل الضرائب على هذه الأرباح له تأثير على الشركات التي بدأت للتو أنشطتها الاقتصادية أو التجارية (أعمال تجارية جديدة)، حيث تحتاج هذه الشركات بشكل عاجل إلى الدعم والتشجيع لمواصلة أنشطتها، خاصة في البلدان النامية .
على أساس المبررات المذكورة أعلاه، سواء كان الغرض منها فرض ضرائب على أرباح رأس المال أو ما إذا كانت تؤدي إلى خصم خسائر رأس المال من الوعاء الضريبي أو إلى فرض ضرائب على مكاسب رأس المال، ممّا أدى إلى عدم أهلية خصم خسارة رأس المال، أي خسائر التخلص من أصول المنشأة أو المشروع، كما يعتقد الباحث؛ لأنّ مشكلة ضرائب الأرباح الرأسمالية لها فوائد وأبعاد أكثر إيجابية من جوانبها وأبعادها السلبية والسبب أنّ فرض الضرائب على مكاسب رأس المال ورؤيتها كمصدر للدخل هو مورد مهم للدولة لا يمكن التخلي عنه، ممّا يساعد على تحسين قدرتها على الإنفاق وحماية مصالحها تستخدم مصادر وموارد أخرى في كافة المجالات الضرورية التي تنفق فيها الدولة باستمرار.
كما تقضي القواعد القانونية بخصم الخسائر الناتجة عن بيع الأصول الثابتة للمنشأة أو المشروع (دافع الضرائب) أي خصم الخسائر الرأسمالية، من ناحية أخرى فإنّ إخضاع أرباح رأس المال للضرائب كمصدر للدخل والحاجة الناشئة عن خصم خسائر رأس المال تضمن تحقيق متبادل لمصالح الدولة ودافعي الضرائب.
ولا يمكن الرد على عدم فرض ضرائب على مكاسب رأس المال على أساس أنها ليست دورية وليست ثابتة ، مع ملاحظة أنه دخل خاضع للضريبة كدخل معياري خاضع للضريبة وفق أحكام القانون ، وهذا هو يعتبر مصدر دخل غير منتظم وغير منتظم ومتكرر. بالإضافة إلى ذلك، من المتوقع أن يأخذ دافعو الضرائب في الحسبان مكاسب رأس المال عندما يأخذون أنشطة استثمارية تهدف إلى تحقيق أرباح، وبالتالي لا يختلفون عن الأرباح التجارية والصناعية التي تخضع للضريبة كأرباح معيارية؛ لأنها مصادر دخل خاضعة للضريبة.