يُعرف شلل الأطفال طبياً بالتهاب سنجابية النخاع (بالإنجليزيّة: Poliomyelitis)، ويعدّ أحدالأمراض المعدية، ويحدث بسبب دخول فيروس يدعى الفيروسة السنجابية (بالإنجليزيّة: Poliovirus) إلى الجسم عن طريق الفم أو الجهاز التنفسي، ويتكاثر الفيروس وتزداد أعداده في الحلق والأمعاء، وفي الحقيقة يمكن للفيروس التنقل داخل الجسم عبر الدم، كما يمكنه الدخول إلى أجزاء الجهاز العصبي المركزي؛ النخاع الشوكي والدماغ، بينما يخرج الفيروس من جسم المصاب عن طريق البراز،وفي الغالب ينتقل فيروس شلل الأطفال بين الأفراد عن طريق التعامل بشكل مباشر مع المصاب، الأمر الذي قد يؤدي إلى وصول الفيروس من براز الفرد المصاب إلى فم الفرد السليم، وفي بعض الحالات يمكن أن ينتقل الفيروس عن طريق الطعام والماء الملوثين بالفيروس،ومن الجدير بالذكر أنّ معظم حالات الإصابة بفيروس شلل الأطفال تُعتبر خفيفة وتسبّب أعراض بسيطة تشبه الأعراض المرافقةللإنفلونزا، إلّا أنّ هناك بعض الحالات الشديدة منه؛ حيث يهاجم الفيروس الخلايا العصبية التي تساعد العضلات على القيام بوظيفتها مما يؤدي إلى حدوث شلل شديد في العضلات،وبشكل عام يؤثر فيروس شلل الأطفال في الفئة العمرية الأقلّ من 5 سنوات في الغالب، ولكنّه يمكن أن يُصيب الأفراد خلال أي مرحلة عمرية، وتجدر الإشارة إلى أنّ أفضل وأنجح طريقة للوقاية من المرض هوالتطعيمضدّ فيروس شلل الأطفال، ويوجد نوعان من اللقاحات المستخدمة حالياً في مختلف دول العالم؛ النوع الأول هو لقاح شلل الأطفال الفموي (بالإنجليزيّة: Oral polio vaccine) واختصاراً OPV، والذي يحتوي على الفيروس الحي الموهن أو المضعّف، والنوع الثاني لقاح شلل الأطفال معطّل النشاط (بالإنجليزيّة: Inactivated polio vaccine) واختصاراً IPV الذي يتم إعطاؤه عن طريق الحقن، وفي الحقيقة فإنّ العالم بأسره قارب على القضاء على هذا الفيروس نتيجة تحسين وتطوير الظروف الصحية، والاهتمام بإعطاء اللقاحات اللازمة.
يمكن تقسيم الحالات المصابةبفيروسشلل الأطفال إلى أربعة فئات تختلف فيما بينها بمدى خطورة الأعراض الظاهرة على المريض، وفي الحقيقة فإنّ معظم الحالات لا تظهر عليهم أي أعراض بتاتاً، ويُطلق على هذه الفئة العدوى المستترة (بالإنجليزيّة: Inapparent infection)، وتقدر نسبة هذه الفئة بما يقارب 72% بحسب إحصائيات مراكز مكافحة الأمراض والسيطرة عليها (بالإنجليزيّة: Centers for Disease Control and Prevention)، أما الحالات التي تظهر عليها أعراض فهم ينتمون إلى إحدى الفئات المتبقية وهي؛ التهاب سنجابية النخاع المُجهِض (بالإنجليزيّة: Abortive poliomyelitis)، والتهاب سنجابية النخاع غير الشللي (بالإنجليزيّة: Nonparalytic poliomyelitis)، والتهاب سنجابية النخاع الشللي (بالإنجليزيّة:Paralytic poliomyelitis)،وتجدر الإشارة إلى أنّ فترة الحضانة لفيروس شلل الاطفال بشكل عام تتراوح بين 3 و35 يوم، وفي الحالات التي يصاحبها شلل تحديداً فإنّ فترة الحضانة تتراوح بين 7 و14 يوماً.
يُعدّ التهاب سنجابية النخاع المُجهض أحد الحالات الخفيفة التي لا تستمرّ لفترة طويلة، وبالنسبة للأعراض المرافقة له فقد تختلف من طفل لآخر قليلاً، ولكن بشكل عام يمكن أن تتضمّن بعض الأعراض الشائعة والتي من أهمّها؛ارتفاع درجة حرارة الجسم، وانخفاض الشهية للطعام عن الوضع الطبيعي، والمعاناة من اضطرابات المعدة؛ كالغثيان والتقيؤ، واحتقان الحلق، والشعور بالانزعاج والتوعك العام بالجسم، والإصابة بالإمساك، وألم البطن.
تعد الأعراض المرافقة لالتهاب سنجابية النخاع غير الشللي أشد من الأعراض المرافقة للنوع السابق، وتتمثّل أبرزها بالصداع،والغثيانوالتقيؤ الشديد، وملاحظة تناوب حالة التعب والمرض مع التحسن الظاهري لدى الطفل ثمّ تراجع الحالة الصحية من جديد، والشعور بألم في عضلات العنق والجذع والذراعين والساقين، وتصلّب المنطقة الممتدة بين الرقبة والعمود الفقري،وتجدر الإشارة إلى أنّ هذه الأعراض تختفي من تلقاء نفسها خلال عشرة أيام عادةً، ولا تُسبّب الشلل للمريض.
يمكن أن يتسبّب فيروس شلل الأطفال في بعض الأحيان بظهور أعراض شديدة وخطيرة في حال كان من فئة التهاب سنجابية النخاع الشللي، وذلك نتيجة وصول الفيروس إلى الخلايا العصبية الحركية وتكاثره داخلها ومن ثم إتلافها، ويستهدف الفيروس هذه الخلايا العصبية الواقعة فيالنخاع الشوكي، أو جذع الدماغ، أو الجزء من القشرة الدماغية المسؤول عن الحركة، وعادةً يُسبّب أعراض مشابهة لالتهاب سنجابية النخاع غير الشللي في البداية ولكنّها تتطوّر فيما بعد لأعراض أكثر شدة أهمّها؛ فقدان ردود الأفعال العضلية، والشعور بألم وتشنجات عضلية شديدة، وارتخاء وليونة الأطراف، وفي الغالب يتأثر أحد جانبي الجسم بشكل أكبر من الآخر، وفي الحقيقة يمكن تقسيم التهاب سنجابية النخاع الشللي إلى ثلاثة أنواع، وهي:
يُعتبرالشللأو عدم القدرة على تحريك بعض أجزاء الجسم أشد وأخطر الأعراض المصاحبة لفيروس شلل الأطفال،[?]وفي الواقع فإنّ غالبية الأفراد المصابين بالشلل سيستعيدون جزءاً من قوتهم البدنية في النهاية، وسيعود البعض منهم إلى وضعه الطبيعي،وذلك لأنّ درجة الشلل تعتمد على عدد الخلايا العصبية المُتأثرة في الهجوم الفيروسي، وفي حال تم تدمير وتحطيم الخلايا العصبية بالكامل فإنّ الشلل يكون دائماً، بينما يكون هناك أمل للتعافي من الشلل في حال تم تعرضالخلايا العصبيةللتلف فقط، حيث يمكن إصلاحها،وتجدر الإشارة إلى أنّ نسبة الإصابة بالشلل وضعف الأطراف العلوية أو السفلية أو كلاهما يُقدّر بحدوثه لحالة واحدة بين 200 حالة مصابة بفيروس شلل الأطفال تقريباً، وذلك بحسب إحصائيات مراكز مكافحة الأمراض والسيطرة عليها.
تُعرف متلازمة ما بعد شلل الأطفال (بالإنجليزيّة: Post-polio syndrome) بأنّها مجموعة من العلامات والأعراض التي تُعيق وتُضعف القدرة على القيام بالأنشطة الطبيعية، وتظهر على المريض وتؤثر فيه بعد عدّة سنوات من الإصابة بفيروس شلل الأطفال، وفي الحقيقة فإنّه ليس بالضرورة أن تحدث متلازمة ما بعد شلل الأطفال لجميع الحالات التي أصيبت بفيروس شلل الأطفال في السابق،ولكن يزداد خطر الإصابة بمتلازمة ما بعد شلل الأطفال لدى الأفراد الذين عانوا من حالة شديدة من التهاب سنجابية النخاع الشللي الحادّ، والأفراد الذين أصيبوا بالفيروس في سنّ كبير، والذين خلّف لديهم الفيروس ضعف واضطراب دائم بالإضافة إلى بعض العجز والإعاقة الجسدية،وتجدر الإشارة إلى أنّ متلازمة ما بعد شلل الأطفال غير معدية على عكس فيروس شلل الأطفال، ويُقدّر نسبة حدوثها بحسب تقارير مراكز مكافحة الأمراض والسيطرة عليها بانّها تؤثر في 25 إلى 40 من بين كل 100 فرد ناجي من شلل الأطفال.تظهر أعراض متلازمة ما بعد شلل الأطفال بشكل بطيء جداً، وتتضمّن الآتي:
يحتاج الفرد إلى مراجعة الطبيب لتلقي الرعاية الطبية اللازمة عند ظهور أي علامات تدلّ على ضعف أو شلل العضلات، وذلك لا سيّما عند ارتفاع درجة حرارة الجسم، أو عند المعاناة من الصداع الشديد المصاحبلتيبّس الرقبةوالظهر، وبالرغم من أنّ فيروس شلل الأطفال قد لا يكون السبب في ظهور هذه الأعراض إلا أنّه يمكن أن يكون نتيجة الإصابة بفيروس آخر، وهذا بدوره يستدعي مراجعة الطبيب أيضاً.
يعيش ملايين الأفراد الذين أصيبوا بفيروس شلل الأطفال في كافة أنحاء العالم، وفي الحقيقة تتفاوت أعمار الناجيين من الفيروس بشكل كبير؛ حيث أنّ هناك من يتعافى من المرض من الأطفال اللذين لم تتجاوز أعمارهم بضعة أشهر، وهناك من يتعافى من المسنين الكبار الذين تجاوزوا التسعين من العمر، ويعتمد تحدي التعايش مع مرض شلل الأطفال لكل مصاب حسب مدى توفر الرعاية الطبية، وفرص إعادة التاهيل لديه، والدعم الاسري والاجتماعي المحيط به،وفي الواقع فإنّ العلاج بشكل أساسي يقوم على الدعم، وتوفير التدابير التي تخفّف من الأعراض، وتحسين راحة المصاب ومساعدته على استعادة عافيته، وفيما يأتي مجموعة من النصائح للتعامل مع أعراض شلل الأطفال: