يعد مفهوم العولمة من المفاهيم الحديثة نسبيًا، والتي ارتبط ظهورها بحدوث حالة من التطور في الحياة الإنسانية على كافة الأصعدة، ونتيجة للتغيّرات في الحياة الاجتماعية والثقافية والسياسية والاقتصادية أصبحت الشعوب أكثر انفتاحًا على بعضها البعض، وأُزيلت العديد الحواجز التي كانت تُعيق التواصل فيما بينها، إلى درجة أن بعض المناطق التي كانت معزولة نسبيًا عن العالم بحُكم البعد الجغرافي أو الطبيعة الثقافية فيها أصبحت مجتمعاتها على انفتاح مع العديد من المجتمعات الأخرى، وانبثق عن مفهوم العولمة مجموعة من المفاهيم التي تساعد على تفسير حالة التواصل الإنساني بعد ما طرأ من تطور في المجتمعات الإنسانية، ومن أبرزها العولمة الاقتصادية، وفي هذا المقال سيتم تناول معلومات عن العولمة الاقتصادية.
يمكن تعريف العولمة الاقتصادية على أنها حدوث توسع في الأنظمة الاقتصادية لتصبح أنظمة اقتصادية متكاملة وذات طابع عالمي، وبسبب وجود هذه التشاركية بين الأنظمة الاقتصادية في العديد من الدول حول العالم تحدُث حالة من التمازج في الأفكار والأساليب وبعض القيم والأعراف الخاصة بالأفراد،كما يشير مفهوم العولمة الاقتصادية إلى اتجاه الشركات والجهات الاستثمارية المحلية إلى الأسواق الإقليمية والدولية، وهذا يسمح بنشوء حالة من التمازج بين مختلف الأسواق، ويتيح الاستفادة من التجارب التي خاضتها الدول الأخرى على الجانب الصناعي أو التجاري، وما يؤثر به ذلك على الحالة الاقتصادية لكل دولة من الدول التي شملها هذا التمازج.
تؤثر العولمة الاقتصادية بشكل مباشر على الحياة الاقتصادية للدول، ولا بد أن يكون لتأثيرها العديد من الإيجابيات بسبب ما تُحدثه حالة التداخل التي يخلقها مفهوم العولمة الاقتصادية، وفيما يأتي بعض إيجابيات العولمة الاقتصادية بالنسبة للدول المتأثرة بها:
بالرغم من وجود العديد من التأثيرات الإيجابية للعولمة الاقتصادية فإن هناك بعض التأثيرات السلبية التي يمكن أن يُحدثها ظهور هذا المصطلح في العديد من القطاعات، وفيما يأتي أهم السلبيات المتعلقة بالعولمة الاقتصادية:
حيث ساهمت العولمة الاقتصادية في استقطاب عدد أكبر من الأيدي العاملة الخارجية إلى الداخل، فقد أتاح التلاحم الاقتصادي وجود العديد من البدائل في الأيدي العامة، ووجّه اهتمام العديد من الشركات إلى الأيدي العاملة في الخارج خاصة في بعض الاختصاصات، مما يؤدي إلى تخفيض عدد الموظفين المحليين، وبناءً على ذلك فقد يتم الاستغناء عن خدمات العديد منهم مما يزيد نسبة البطالة بين عموم المواطنين.
حيث ساهمت ظهور الشركات العملاقة التي تغطي عدة دول في تقديم سلع وخدمات ذات جودة أعلى وسعر منخفض مقارنة بما تنتجه الشركات المحلية أو الشركات الصغيرة نسبيًا، ومع مرور الوقت فإن الشركات الصغيرة قد تكون عاجزة عن مجاراة التنافسية مع الشركات العملاقة، ويؤدي بها الأمر إلى انسحابها من السوق وتكدُّس منتجاتها في الأسواق أو إغلاقها بالكامل، بالإضافة إلى ما يمكن أن يؤثر به ذلك على اندثار بعض المنتجات المحلية التي تعتبر مُفضلة للعديد من المواطنين.
وذلك من خلال عمليات المقارنة غير العادلة التي يُحدثها دخول الشركات العملاقة إلى السوق التنافسية، وما تدفعه الشركات العملاقة من أجور عالية نسبيًا لأيديها العاملة وموظفيها، الأمر الذي يرفع من سقف توقعات الأيدي العاملة المختصَّة، ويزيد تكلفة استقطابها بالنسبة للشركات المحلية، وهذا الأمر قد ينعكس سلبًا على بعض الشركات ويزيد من تكلفة الإنتاج لينعكس ذلك بشكل مباشر على أرباحها.
هناك العديد من المظاهر التي ارتبطت ظهورها بنشوء مفهوم العولمة الاقتصادية ودخوله على الواقع الاقتصادي في علم الاقتصاد الحديث، حيث يعتبر وجود هذه المظاهر في دول معينة دليلًا على تأثُّرها بالعولمة الاقتصادية، ومن أبرز مظاهر العولمة الاقتصادية ما يأتي: