تُعرف البنوك المركزية على أنها مؤسسات مالية تمتلك سيطرة مُتميزة تُمكنها من إنتاج الأموال وتوزيعها لدولة أو لمجموعة من الدُول، كما يكون البنك المركزي مسؤولًا عن صياغة السياسات النقدية وتنظيم البنوك الأعضاء فيها، وتُعد البنوك المركزية مؤسسات مُستقلة ليست تابعة للحكومات لذا فإنها لا تتأثر بطبيعة السوق، ومن مسؤولياته الإشراف على النظام النقدي وتنظيم المعروض النقدي والعمل على تحديد أسعار الفائدة، كما يعمل على تحديد مُتطلبات الصناعة المصرفية كالاحتياطات النقدية التي يجب على البنوك الاحتفاظ بها، وتسعى البنوك المركزية دومًا للعمل على الحفاظ على اقتصاد الدولة مُتساوي، ومما يميز البنوك المركزية عن غيرها هو الاحتكار القانوني الذي يمنحها القُدرة على إصدار الأوراق النقدية، بينما يُسمح للبنوك التجارية إصدار المطلوبات، مثل: فحص الودائع.
تعود نشأة البنوك المركزية إلى القرن السابع عشر حيث كان البنك السويدي وبنك إنجلترا أول البنوك المركزية التي تم العمل على إنشائها، ليتبعها فيما بعد إنشاء بنك نابليون الفرنسي وبنك ريتشرز الألماني الذي تم إنشاؤهما لتمويل العمليات العسكرية الحكومية، ومما ساعد على تطور البنوك المركزية أنها عملت على تسهيل نُمو الحكومات الفيدرالية، حتى تم وضع قانون للبنوك الوطنية عام 1863 بعد مواجهة الولايات المتحدة لحالة من الذعر المصرفي، حتى قام الكونجرس الأمريكي بإنشاء نظام الاحتياطي الفيدرالي عام 1913 لتحقيق الاستقرار في الأنشطة المالية والعمليات المصرفية، حتى تم التخلي عن معيار الذهب مع اندلاع الحرب العالمية الأولى وظهرت أهمية استقلالية البنك المركزي عن أي إدارة سياسية بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية
يُعد البنك المركزي السلطة المسؤولة عن وضع السياسات التي تؤثر على عرض الدولة للنقود والائتمان، وذلك باستخدام أدوات خاصة بالسياسات النقدية، مثل: عمليات السوق المفتوحة، التغيرات في متطلبات الاحتياطي، إقراض نافذة الخصم، وذلك بهدف التأثير على أسعار الفائدة قصيرة الأجل والعمل على تحقيق أهداف سياسية مهمة، وتعود بداية البنوك المركزية للقرن السابع عشر على الأقل، وفيما يأتي سيتم توضيح نشأة البنوك المركزية:
تم العمل على تأسيس أول مؤسسة والاعتراف بها في العام 1668 حيث تم تأسيس البنك المركزي السويدي كشركة مساهمة وذلك بهدف العمل على إقراض الأموال الحكومية، حتى تم تأسيس بنك إنجلترا عام 1694 كشركة مساهمة لتقوم بشراء الديون الحكومية، ليتم بعدها تأسيس العديد من البنوك للتعاون مع الفوضى النقدية والمساعدة في تقديم التمويل لتسديد ديون الحكومة، كما قامت بتنفيذ الأعمال المصرفية الأخرى وعليه أصبحت البنوك المركزية على استعداد لتقديم الأموال الطارئة في أوقات الضائقة المالية.
وهي المرحلة التي تم الانتقال بها من المعيار الذهبي الذي كان يُستخدم لتوحيد العملات وتوفير الاستقرار المالي، حتى انتقل لاعتماد مبدأ المسؤولية الذي يقوم فيه البنك بالاستفادة من مصلحته الخاصة للمصلحة العامة للنظام المصرفي ككل، حيث بدأت البنوك بتقديم القروض مُقابل أي ضمانات سليمة معروضة ولكن بسعر أعلى من سعر السوق وذلك منعًا لأية مخاطر أخلاقية وساهم هذا المبدأ في تجاوز العديد من الأزمات.
في هذه المرحلة تغيرت أهداف البنوك المركزية بعد الحرب العالمية الأولى، حيث كانت قبل ذلك تهدف للحفاظ على استقرار الاقتصاد المحلي، ولكن بعد عام 1914 بدأ الاهتمام بالتوظيف وممارسة الأنشطة الحقيقة مما عمل على تغيير العديد من الأوضاع الاقتصادية السياسية للدُول حيث كان الاقتراع يتسع وظهرت زيادة في الحركات العُمالية كما تم فرض قيود على الهجرة، حتى عشرينيات القرن العشرين حيث بدأ التركيز على تحقيق الاستقرار الخارجي من خلال مراقبة احتياطات الذهب وتحقيق الاستقرار الداخلي من خلال مراقبة الأسعار والإنتاج والتوظيف.
يُعد البنك المركزي وكالة حكومية تقوم مسؤوليتها في مراقبة المعروض النقدي للدولة ووضع شرط الائتمان والإشراف على النظام المالي للبنوك التجارية ومؤسسات الإيداع الأخرى، ومن أهم خصائص البنك المركزي إصدار أوراق النقد في الدُول حيث يتحكم البنك المركزي بحجم العملة في الدُول وفقًا للمتطلبات التي يحتاجها العمل والجمهور العام، وفيما يأتي أهم خصائص البنك المركزي:
يقوم البنك المركزي بدور مهم في النظام النقدي والمصرفي للدُول، فهو يقوم بالحفاظ على السياسة المالية والاستقرار الاقتصادي في الدُول والتنمية الاقتصادية لها، كما يقوم على تنظيم حجم العملة والائتمان في الدُول، ويقوم كذلك على تنظيم المعروض النقدي والتحكم في أسعار الفائدة المختلفة، فهو يُنظم جميع أنشطة البنوك التجارية فالبنك المركزي لا يتعامل مع الأفراد بشكلٍ مباشر، كما يعمل على تجنب التقلّبات الدورية في السوق للحفاظ على استقرار المعيار النقدي فهو الوظيفة الأساسية للبنك المركزي، وفيما يأتي وظائف البنك المركزي: