يقوم الجسم بتحطيم الكربوهيدرات التي نتناولها، ليحوّلها إلى مركبات سكرية بسيطة تُعرفبالجلوكوز(بالإنجليزية: Glucose)؛ فالجلوكوز هو مصدر الطاقة الرئيسي في الجسم، ويستخدمه الجسم للقيام بوظائفه الحيوية المختلفة، وحالما يحصل الجسم على حاجته منه، يخزّن الكميات المتبقية منه على شكل مركب معقّد يُعرف بالجليكوجين (بالإنجليزية: Glycogen) في كل منخلايا الكبدوالعضلات بشكل رئيسي،كما توجد كميات قليلة من الجليكوجين في بعض خلايا الكلى،والدماغ، وخلايا الدم البيضاء.ويعدّ مركب الجليكوجين نوعاً من السكريات المتعددة؛ إذ يضم كل واحد من مركبات الجليكوجين قرابة 12 جزيء من الجلوكوز المتصلة ببعضها البعض، فيتم تحطيمه وإطلاق هذه الجزيئات عند حاجة الجسم إليها، وتجدر الإشارة إلى أنّ العضلات غالباً ما تستخدم الجليكوجين كمصدر احتياطي للطاقة لحاجتها فقط، بينما تُعدّ مخازن الجليوكوجين في الكبد مصدراً احتياطياً يزود كافة أنحاء الجسم بالطاقة عند الحاجة وخاصة الدماغوالحبل الشوكي.
تتفاوت الكمية التي يخزنها الجسم من مركبات الجليكوجين من شخص إلى آخر، تبعاً لما يتناوله من طعام، ونشاطه البدني، ومقدار الطاقة التي يحرقها جسده بشكل طبيعي أثناء الراحة. ويُعدّ هرمونالإنسولينالمحفز الرئيسي لتصنيع مركبات الجليكوجين في الجسم، فبعد تناول وجبة غنية بالكربوهيدرات يرتفع مستوى سكر الجلوكوز في الدم، ويأتي دور هرمون الإنسولين في تحفيز خلايا الجسم على إدخال الجلوكوز إليها لتستخدمه كمصدر للطاقة، وبالتالي يقلل من مستواه في الدم، كما يعمل هرمون الإنسولين على تحفيز الكبد لإفراز إنزيم يُعرف بالإنزيم المُصنّع للغلايكوجين (بالإنجليزية: Glycogen synthase) الذي يُعدّ مسؤولاً عن ربط جزيئات الجلوكوز ببعضها البعض لتكوين مركب الجليكوجين وتخزينه في الجسم. وتجدر الإشارة إلى أنّ خلايا الكبد تحتوي على تركيز عالٍ من مركبات الجليكوجين بنسبة تُقارب 6-8% من وزن الكبد، أي ما يُقدّر بحوالي 100-120 غرام من الجليكوجين، في حين أنّ الجليكوجين يشكلّ 1% تقريباً فحسب من وزن الخلايا العضلية، إلّا أنّه ونظراً لأنّ مجموع كتلة الخلايا العضلية في الجسم يفوق بمراحل وزن الكبد فإنّ كمية الجليوكوجين الكلية فيها تُعدّ أكبر من مخزونها في الكبدوتُقدّر بحوالي 500 غرام من الجليكوجين.
في أي وقت من اليوم يحتوي الجسم في الوضع الطبيعي على ما يقارب 4 غرامات من سكر الجلوكوز تقريباً، وفي حال عدم تناول كميات كافية من الطعام أو بذل مجهور بدني كبير تبدأ مستويات السكر بالانخفاض بشكل تدريجي في الدم، ويرافقها كذلك انخفاض إفراز الإنسولين في الجسم، ولرفع مستوى السكر في الدم يعمد الجسم لإنتاج إنزيم خاص يعمل على تحطيم مركبات الجليكوجين لتزويد الجسم بحاجته من الجلوكوز.
يُعدّ داء اختزان الجلايكوجين (بالإنجليزية: Glycogen storage disease) أحد الأمراض الجينية النادرة التي تؤثر في مخازن السكر؛ فهو يصيب طفلاً واحداً من بين كل 20-25 ألف طفل مولود، ويتمثل باضطراب أو عدم وجود أحدالإنزيماتاللازمة لتصنيع الجليكوجين في الجسم، أو أحد الإنزيمات اللازمة لتحطيمه بغرض إطلاق الجلوكوز في الدم.
يضم داء اختزان الجلايكوجين 13 نوعاً مختلفاً من الأمراض التي تتفاوت فيما بينها بأعضاء الجسم التي تؤثر فيها، وفي الأعراض والطرق العلاجية المتبعة للسيطرة عليها، وفي مدى شدتها وخطورتها، ولعلّ أبرزها وأكثرها شيوعاً الأمراض التالية:
تتفاوت أعراض داء اختزان الجليكوجين من نوع إلى آخر، فالبعض منها يؤثر في الكبد بشكل رئيسي؛ فقد يتسبّب بتضخم الكبد نتيجة لتراكم مركبات الجليوكوجين فيه دون القدرة على استخدامها، بالإضافة لهبوط مستوى السكر في الدم، ومن الأعراض التي تدل على هبوط السكر:التعرّق، والارتعاش، والتشوّش الذهني. أمّا البعض الآخر من أنواع داء اختزان الجلايكوجين فيؤثر في عضلات الجسم بشكل رئيسي.؛ ممّا يتسبّب بمعاناة المصاب بشكل متكرر من الآلام والتشنّجات العضلية أثناء ممارسة التمارين الرياضية على وجه الخصوص. ومن الأعراض العامة الأخرى التي يمكن أن تظهر على المصابين بأحد أنواع داء اختزان الجليكوجين ما يلي:
يُعدّ داء اختزان الغلايكوجين اضطراباً وراثياً؛ بمعنى أنّه ينتقل من الآباء إلى الأبناء، ويحدث المرض في حال وجود خلل في جين مسؤول عن تكوين أحد الإنزيمات اللازمة لتصنيع الجليكوجن أو استخدامه من مواضع تخزينه في الجسم، وتجدر الإشارة إلى أنّ أغلب أنواع داء اختزان الغلايكوجين يتطلب انتقالها للأطفال أن يكون كلا الوالدين حامل للنوع ذاته من الطفرة الجينية.
"