يعرف الإمساك (بالإنجليزية: Constipation) على أنَّه حالة صحية تتمثل بحركات غير متكررة للأمعاء أو خروج براز صلب، وهو من المشاكل الشائعة لدى الأطفال، وقد يختلف تعريفه من طفل لآخر وذلك بالاعتماد على المقارنة مع عدد مرات التغوط وكثافة البراز في الحالة الطبيعية لكل طفل، إذ يوجد تباين كبير في حركات الأمعاء بين الأطفال وذلك بالاعتماد على العمر والطعام الذي يتناوله الطفل، وبشكل عام فإنَّالتغوطالطبيعي للطفل يكون بمعدل مرة كل يومين إلى 3 مرات يومياً، ويتم ترجيح الإصابة بالإمساك في حال كان التغوط أقل من مرة كل يومين، وهنا يجب التنبيه على أنَّه في بعض هذه الحالات لا يتم وصف الحالة على أنَّها إصابة بالإمساك في حال كان الإخراج سهلاً وكانالبرازليناً وذا كثافة طبيعية، وبالتالي يتم وصف إصابة الطفل بالإمساك في حال كان عدد مرات التغوط أقل من 3 مرات في الأسبوع مع وجود صعوبة أثناء التغوط إلى جانب الشعور بالألم.
يجب التأكيد على أنَّه توجد العديد من الأسباب التي من شأنها التسبُّب بالإمساك العرضي لدى الأطفال والذي لا يدعو للقلق عادة، فإجراء تعديلات بسيطة في حياة الطفل تعود حالته إلى الوضع الطبيعي،وحسب ما أشارت إليه دراسة نشرت في مجلة الجهاز الهضمي العصبي والحركة (بالإنجليزية: Journal of Neurogastroenterology and Motility) عام 2011م، فإنَّ الإمساك من المشاكل الصحية الشائعة التي تؤثر في ما نسبته 0.7% إلى 29.6% من الأطفال حول العالم.
يتم علاج معظم حالات الإمساك لدى الأطفال بإجراء تغييرات على نمط الحياة في المنزل، وفيما يأتي تفصيل ذلك.
يساعد التغيير فيالنظام الغذائيبما في ذلك الالتزام بجدول معين لتناول وجبات الطعام على علاج الإمساك لدى الأطفال، وفيما يأتي النقاط التي ينصح باتباعها من أجل ذلك:
يتعرض الأشخاص الذين لا يتحركون بشكل كبير للإصابة بالإمساك في العادة، وبالتالي فإنَّ مساعدة الطفل على ممارسة المزيد من التمارين الرياضية تفيد في حالات الإمساك، وذلك لتأثيرها في عملية الهضم، إذ تساعدالتمارين الرياضيةعلى تسهيل الحركات الطبيعية للأمعاء والمتمثلة بدفع الطعام أثناء هضمه، ويكون ذلك عن طريق تشجيع الطفل على اللعب في الخارج، أو ممارسة النشاطات المختلفة داخل المنزل بدلاً من مشاهدة التلفاز.
إنَّ من المهم محاولة تعويد الطفل على اتباع عادة الذهاب إلى الحمام بشكل منتظم، فيجب تشجيع الطفل على ذلك بضع مرات في اليوم وخصوصاً بعد 20-30 دقيقة من تناول وجبتي الفطور والعشاء، إذ يساعد ذلك على الاستفادة من انقباضاتالأمعاءالطبيعية التي تحدث بعد تناول الطعام، ويجب التنبيه هنا على تشجيع الطفل على الجلوس على المرحاض حتى إن لم يكن الطفل يشعر بحاجته للإخراج، ومن المهم أثناء جلوس الطفل المحافظة على وضعية معينة تساعد الطفل على استخدامالعضلاتاللازمة للإخراج، ويكون ذلك بوضع قدميه على كرسي صغير بحيث تكون الركبتان أعلى من مستوى الوركين، كما يجب التنبيه على جعل الطفل يميل للأمام قليلاً مع المحافظة على استقامة الظهر وقد يحتاج الطفل لسند كوعيه على فخذيه، وينصح بالمحافظة على وضعية الطفل هذه لمدة تتراوح بين 3-5 دقائق بدون مشتتات كالكتب أو الشاشات وغيرها، وللمساعدة على ذلك من الممكن مكافأة الطفل عند جلوسه على المرحاض حتى إن لم يُخرج، ومن المهم هنا الاستعانة بمكافأة مناسبة لعمر الطفل وتجنب معاقبة الطفل في حال عدم الإخراج، ومن الضروري تحفيز الطفل على الدخول مباشرة للحمام فور إحساسه بحاجته للإخراج.
يعتمد علاج الإمساك عند الأطفال على الأعراض التي يعاني منها الطفل، وشدَّة الحالة إلى جانب العمر والصحة العامة،ففي بعض الحالات قد تتسبب بعض الأدوية التي يتناولها الطفل سواءً التي تحتاج إلى وصفة طبية أو تلك التي لا تحتاج، أو المكملات الغذائية بالإصابة بالإمساك، وعندها قد ينصح الطبيب بإيقاف الدواء أو تغيير الجرعة أو تبديل الدواء بآخر، ومن المهم هنا التنبيه على عدم إيقاف أي دواء يتناوله الطفل دون استشارة الطبيب،وفي حال لم تُجد التغييرات على نمط الحياة التي تم ذكرها سابقاً نفعاً في حل مشكلةالإمساكلدى الطفل، قد يشخِّص مقدم الرعاية الصحية وجود مشكلة أخرى لديه، وعندها قد يتم اللجوء إلى بعض العلاجات الدوائية، مثل: الملينات (بالإنجليزية: Laxatives)، أو منعمات البراز (بالإنجليزية: Stool softeners) أو ما اسمها مطريات البراز، أو الحقن الشرجية (بالإنجليزية: Enema)، ومن الجدير بالذكر أنَّه من الممكن استخدام هذه العلاجات فقط بناءً على توصية مقدم الرعاية الصحية، كما يجب عدم استخدامها دون التحدث معه في البداية، وفيما يأتي تفصيل الخيارات الدوائية المختلفة:
يسبب الإمساك الشديد ما يعرفبانحشار البراز(بالإنجليزية: Impaction)، وتتجمَّع فيه كمية كبيرة من البراز في الجزء السفلي من الأمعاء أقرب ما يكون لفتحة الشرج وتحديداً في المستقيم، ويسبب ذلك أعراضاً مختلفة تتضمن على وجه الخصوص التسبُّب بخروج براز لين على الملابس الداخلية للطفل أو خروج مخاط مخلوط ببراز، وحينها قد يخلط الوالدان في الحالة ظناً منهما أنَّها أعراض الإصابةبالإسهال، وبالنسبة للعلاج فيتشابه علاج الإمساك مع علاج انحشار البراز، ويكمن الفرق الرئيسي في الحاجة إلى جرع أعلى من الملينات لتنظيف المستقيم من البراز المنحشر فيه، كما أنَّ الطفل يكون بحاجة لعلاج المداومة (بالإنجليزية: Maintenance treatment)، أي الاستمرار في أخذ جرعة لمدة أطول بهدف منع تجمُّع البراز مرة أخرى كوسيلة وقائية لمنع الانحشار، ومع مرور الوقت يبدأ المستقيم بالعودة إلى حجمه الطبيعي والعمل بكفاءة بشكل تدريجي، إذ إنَّ إيقاف جرعة الملين في وقت مبكر قد يؤدي إلى تجمُّع البراز في المناطق الضعيفة من المستقيم التي لم تأخذ وقتاً كافياً للعودة إلى حجمها وقوتها الطبيعية، ومن الجدير بالذكر أنَّه يتم علاج الأطفال الذين لم تنجح معهم العلاجات المختلفة لحل مشكلة انحشار البراز في المستشفى، وذلك بالاستعانة بالحقن الشرجية، وقد يصل الحال إلى لجوء الطبيب إلى تخدير الطفل بمخدر عام والبدء بإخراج البراز بشكل يدوي وذلك في الحالات الصعبة جداً.
"