عندما يتم إخراج زكاة المال يجب أن تكون مدخرات الفرد المالية تبلغ قيمتها خمسة وثمانون جرامًا من الذهب، ويمر عليها فترة زمنية تقدر بعام هجري واحد، ويتم حساب زكاة المال على المدخرات بنسبة من أصل المبلغ المدخر، وتقدر النسبة ب 2.5%.

 

مثال على ذلك: إذا كان الفرد يمتلك 50 ألف جنيهًا مصريًا في البنك، وأرباح تلك الأموال إجمالي سنويًا 5000 جنيهًا مصريًا، ففي نهاية العام يصبح لدى الفرد من مدخراته وأرباحها 55 ألف جنية، فالزكاة المفروضة هنا يتم حسابها بنسبة 2.5%.

 

الاستعلام ن شهادات الاستثمار في البنك الأهلي المصري

 

هل يتم إخراج الزكاة على أصل قيمة الشهادة الاستثمارية، أم على أرباحها فقط؟

يوجد عدة آراء متضاربة، فذلك السؤال موضع اختلاف بين العلماء والشيوخ وسنوضح بعض من آرائهم فيما يلي:

 

الدكتور علي جمعة

 

كان للأستاذ الدكتور علي جمعة مفتي جمهورية مصر العربية سابقًا رأيه الخاص في تلك المسألة الشائكة، حيث أوضح أن المال المودع  في البنوك ذو العائد المجزي والثابت، وجب فيه الزكاة إذا مر عليه عام هجري كامل، وتحسب نسبة الزكاة كما قلنا من قبل 2.5% من قيمة المال المدخر وأصل رأس المال.

 

أما بالنسبة للزكاة على شهادات الاستثمار، فلا يوجد زكاة فيها مهما بلغت أرباحها، لأن أساس الزكاة هو المال بجميع أشكاله، فيمكن أن يكون ذلك المال في قطعة أرض يقضي متطلبات حياته من إيرادها، وإن قلّ أو نقص ذلك الإيراد وسبب لصاحبه الضيق في المعيشة، فيمكنه فقط إخراج زكاته بنسبة ضئيلة تقدر بالعشر من العائد.

 

 

الأستاذ أحمد وسام

 

الاستاذ الشيخ أحمد وسام أمين الفتوى في دار الإفتاء المصرية وضح طرق إخراج الزكاة على الشهادات الاستثمارية والعائد منها، وقال ان الشهادة الاستثمارية قيمتها لا تتغير في البنوك، وهي تحمل أصل المدخرات المالية لدى الفرد، تزداد عليها العوائد الشهرية أو السنوية، فالزكاة هنا فرض على أصل المبلغ والعائد منه أيضًا إذا كان العائد سنويًا ويمر عليه سنة هجرية كاملة.

 

أما إذا كانت الأرباح تصرف باستمرار ولا تدخر ليمر عليها عام، فلا يجب إخراج الزكاة في الأرباح، وإذا كانت تلك الأرباح تنفق في المتطلبات الحياتية وتعتبر مصدر دخل أساسي للأسرة، فيمكن هنا إخراج الزكاة من تلك الأرباح بنسبه صغيرة جدًا وهي عشرة بالمئة فقط، ويظل أصل مال الشهادة الاستثمارية كما هو.

 

ويوجد استثناء في حالة أن الفرد دخله الشهري ضئيل ولا يكفي لاحتياجات بيتة، مع وجود عائد شهادات الاستثمار ليساهم في متطلباته، فعلية فقط دفع نسبة 10% على الأرباح وتلك نسبة صغيرة، أما إذا كان لديه دخل شهري كبير ويكفي احتياجاته، مع وجود أيضًا عائد الشهادات الاستثمارية الزائد عن حاجته، فعلية دفع نسبة أكبر وهي 2% على أصل قيمة رأس المال وأيضًا الأرباح.

 

الشيخ عبد الله المشد

 

أجاز الرئيس السابق للجنة الفتوى الشيخ عبد الله المشد أنه يمكن إخراج زكاة المال على الشهادات الاستثمارية بنسبة تقدر بعشرة بالمئة، وكان رأيه مساندًا لرأي الأستاذ الشيخ علي جمعة، مؤكدين كلاهما أن القيمة المقدرة لزكاة المال هي عشرة بالمئة مطبقة على الأرباح فقط، وليست اثنان ونصف بالمئة من إجمالي رأس المال و الفوائد المعلنة، كما أنه أجاز أيضًا إخراج قيمة الزكاة المقدرة ب 10% من العائد من الشهادات الاستثمارية شهريًا، وذلك إذا كانت تلك الشهادات ارباحها شهرية ثابتة.

 

الدكتور شوقي علام

أغلق مفتي جمهورية مصر العربية الدكتور شوقي علام الجدل في تلك المسألة، فزكاة المال واجبة على الشهادات الاستثمارية، لأنها تدخل تحت قائمة الأموال المدخرة، وقال أن زكاة المال من الفروض الخمسة الواجبة على جميع المسلمين المتوافر بهم شروط إتاء الزكاة، وهذه الشروط هي:

 

أن يكون صاحب المال المدخر لا يحمل فوق عاتقة أي ديون مالية لأحد.

أن يمضي على الأموال المدخرة عام هجري كامل.

أن تبلغ قيمة الأموال المدخرة المقدار الشرعي، وقيمته ما يقدر ب خمسة وثمانون جرامًا من الذهب، فإذا قدر المال بتلك القيمة أو ما يزيدها، كانت الزكاة على الشهادات الاستثمارية واجبة وفرض.

 

آراء العلماء

قالوا العلماء أن الشهادات الاستثمارية إذا كانت أرباحها تكاد تكفي معيشة صاحبها، في تلك الحالة تخرج الزكاة على الأرباح فقط، وذلك الرأي اجتهادًا من أهل العلم فقط.

 

زكاة المال على الشهادات الاستثمارية المحددة بفترات زمنية طويلة

شهادات الاستثمار المحددة بفترات زمنية طويلة، كفترة خمس أو عشر سنوات، ذلك النوع من الشهادات الاستثمارية لا يسترد قيمة رأس المال إلا بعد انتهاء فترة العشر سنوات أو الخمس سنوات، وفي تلك الحالة كيف يتم إخراج الزكاة، حين يمر عليها عام هجري كامل، أم يتم إخراج الزكاة على الفوائد فقط و الزكاة على قيمة الشهادة الاستثمارية حين انتهاءها.

 

وهذه الحالة أنشأت خلافًا بين الفقهاء، وخلافًا قانونيًا أيضًا يخص شهادات استثمار بمشروع قناة السويس، فكان هناك ضجة كبيرة هنا، حيث تم جمع ما يقرب إلى تسعة مليارات دولار لاستثمار الشعب في تمويل كبرى المشروعات الحديثة، ولكن لم يتم حسم الخلاف.

 

زكاة المال على الشهادات الاستثمارية المحددة بفترات زمنية قصيرة

شهادات الاستثمار المحددة بفترات زمنية قصيرة، كفترة الثلاث سنوات وأرباحها تكون كل ثلاثة أشهر، في تلك الحالة زكاة المال واجبة في كلا من الفائدة الناتجة عن الشهادة الاستثمارية وأيضًا في أصل قيمة المدخرات، ويجب أن يمر عليه عام هجري كامل، حين يبلغ نصابًا، ويحول علية الحول.

 

كما أن زكاة المال فرضًا في كل الأموال المدخرة، فعندما ينقضي كل عام، وجب عليك إخراج زكاتك دون تأخير، وذلك عن طريق حساب الأموال المدخرة، ثم حساب منها نسبة اثنان ونصف بالمئة، ويتم إخراجها للمحتاجين.

 

الامتناع عن إخراج زكاة المال

قال رسول الله صلى الله علية وسلم، أن البخيل هو من منع حق من حقوق الله تعالى، والزكاة من حقوق الله عز وجل، نخرجها طاعة منا لأوامره، ولمساعدة المحتاجين من عباده، فتلك الزكاة هي رزق الفقراء والمساكين كتبه الله لهم، فكيف لك أن تمنع رزق المحتاجين وتمتنع عن طاعة الخالق عز وجل، (ويقول عبد الله بن مسعود: ثعبان ينقر رأس أحدهم قائلًا له، أنا مالك الذي بخلت به).

 

وقال تعالى في سورة التوبة: بسم الله الرحمن الرحيم (فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ وَنُفَصِّلُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ)، وأيضًا في قوله تعالى: (الَّذِينَ لَا يُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ بِالْآخِرَةِ هُمْ كَافِرُون) صدق الله العظيم.

 

فآيات القرآن الحكيم تفصل في فرض الزكاة، من أخرجوا زكاتهم لإخوانهم المحتاجين، فقد صلحت أعمالهم ونالوا رضى الله عز وجل، أما الذين يمتنعون عن إتاء الزكاة للفقراء فقد حسمت الآيات الكريمة تلك المسألة فهم في الأخرة من الكافرين.