كيف تطبع النقود في سويسرا فقط ومتى ظهرت لأول مرة؟.
ظهرت العملة المطبوعة في عام ستمائة وستين قبل الميلاد، وكانت التعاملات الأساسية بين جميع التجار وكذلك الحرفيين والناس قائمة على التبادل للسلع فيما بينهما، حيث كان هناك بعض الناس يقومون بتخزين ما يزيد من السلع لديهم في منازلهم، وكان هناك آخرون يقومون بإيداع السلع عندما لا يتوافر لها مساحة لدى أماكن مخصصة لحفظ هذه السلع.
وتقدم لهم هذه الأماكن الضمانات الكافية لحفظ حقهم في السلع المحفوظة لدى هذا المكان، فكان يتم كتابة اسم السلعة على قطعة طين حتى يأتي صاحبها فيما بعد ويأخذها، ومن هنا جاءت فكرة طباعة الفكرة المعدنية، حيث كانت تتخذ نفس شكل قطعة الطين التي يتم كتابة اسم السلعة عليها.
أما الشكل المتعارف عليه في الوقت الحالي فقد ظهر بالعصور الرومانية القديمة، فكان وقت ذاك يتم كتابة إيصال ورقي لأي أموال تم اقتراضها أو إيداعها لدى الأشخاص، ثُم تطورت هذه النوعية من الإيصالات حتى ظهرت أول ورقة نقدية وكان ذلك في عام ألف وثلاثة وعشرين ميلاديًا وبالتحديد بالصين.
فقد أمر الإمبراطور الصيني بإنشاء مكتبة متخصصة تقوم بإصدار الورق النقدي المعتمد، وإذا نظرنا في القارة الأوروبية فنجد أنها متأخرة إلى حدٍ ما في ظهور العملة المطبوعة بها، فقد ظهرت العام ألف وستمائة وواحد وستين وبالتحديد في دولة السويد، ومن القارة الأوروبية انتشرت العملة الورقية المطبوعة لباقي أنحاء العالم.
لماذا تطبع النقود في سويسرا فقط بالتحديد
فيما يخص استحواذ دولة سويسرا على طباعة أكبر نسبة من النقود على مستوى العالم، فهناك عدة مميزات تجعل دولة سويسرا هي الأنسب لطباعة الأموال بها، وسويسرا ليست فقط المكان الذي يتم فيه الطباعة والتوزيع لكل دول العالم فيما يخص النقود الورقية أو المعدنية.
ولكنها أيضًا هي صندوق الإيداع لأثرياء العالم وحتى الفاسدين لن يجدوا ملاذًا يضعون فيه أموالهم سوى سويسرا، وربما هذا قد ساهم بنسبة تصل إلى تسعين في المائة في أن تحتل سويسرا أغنى دولة في العالم وشعبها يتمتع برفاهية تصل إلى مائتين في المائة بسبب طباعة الأموال بها.
وقد تتسائل عزيزي القارئ لماذا لا تقوم الدول الفقيرة بطباعة الأموال لديها وتقضي على مشكلة الفقر؟ والإجابة سوف تتعرف عليها عندما تطلع على الأسباب التي جعلت سويسرا تتصدر دول العالم في طباعة النقود وتصديرها لكل الدول سواء كانت دول متقدمة أو نامية.
الحيادية السياسية
إذا كنت مطلعًا على تاريخ كل الدول سواء الأوروبية أو العربية سوف تكتشف بكل سهولة أن دولة سويسرا لم تدخل من بعيد أو قريب أي صراع أو حرب، ولم تمر بأي توترات إقليمية مع جيرانها أو دولية من خلال العلاقات السياسية بينها وبين الدول الأخرى، لذلك سويسرا بلد خالية من الصراعات من أي نوع على مستوى العالم.
الاقتصاد الحر
على الرغم من أن سويسرا لها كيان سياسي محدد ولها اقتصاد له ملامح مرسومة، وتعتبر من الدول الغنية التي حققت الاكتفاء الذاتي منذ سنوات بعيدة، إلا أنها فضلت أن تكون بعيدة تمامًا عن التكتلات الاقتصادية، فهي قد رفضت أن تكون عضو بالاتحاد الأوروبي.
رغم أنها تمتلك كل المقومات لتكون عضوًا بارزًا به، إلا أن السياسة الاقتصادية لدى سويسرا جعلت هناك قرارات حكيمة للابتعاد عن أي تكتل اقتصادي قد يؤثر على قوانينها الداخلية.
والمذهل في الأمر أن رغم ما تتحلى به سويسرا من اقتصاد ثري لكنها لم تسعى أبدًا إلى أن تكون عضوة بمنظمة الأمم المتحدة، ولكن بعد إلحاح من رئيس المنظمة التحقت في عام ألفين وإحدى عشر بالمنظمة ولكن كعضو شرفي لا تسري عليه أي قرارات.
سرية الحسابات النقدية بالبنوك
إن السياسة التي وضعتها سويسرا لكي يتم إدارة الحسابات البنكية بها جعلتها الملجأ الآمن لأي رجل أعمال شريف أو غير شريف، فالقوانين السويسرية تتيح لأي عميل أن يقوم بفتح حساب في أي بنك سويسري دون أن يتكبد عناء كتابة اسمه كصاحب للحساب.
وجميع البنوك في سويسرا لا تقوم بطلب أي معلومة شخصية عن صاحب الحساب، وإنما يتم التحويل البنكي بالأموال ويُعطي البنك رمز سري يمكن للعميل أن يدخل عليه من خلال شبكة الإنترنت ويقوم بسحب حسابه أو إيداع ما يريد دون مساءلته عن مصدر هذا المال، مما جعل بنوك سويسرا تكتظ بالأموال.
وبالطبع هذا ليس سببًا في أن تستحوذ سويسرا على طباعة النقود ولكن السبب يمكن في وفرة المال لديها، حيث أن؛ سك العملات وطباعة الأوراق المالية النقدية تتطلب أموالًا طائلة، وهذا غير متوفر سوى في دولة سويسرا، ولعل هذا السبب يكفي للإجابة على السؤال الذي سبق ذكره.