قصور القلب الاحتقاني أسبابه وأنماطه

الكاتب: رامي -
قصور القلب الاحتقاني أسبابه وأنماطه
"

قصور القلب الاحتقاني أسبابه وأنماطه.

قصور القلب الاحتقانيcongestive heart failure، ويدعى اختصاراً قصور القلب أو استرخاء القلب، هو خلل في وظيفة العضلة القلبية، يجعلها عاجزة عن تأمين إرواء دموي كافٍ لتلبية الاحتياجات الاستقلابية للنسج وللأعضاء المختلفة، وهو النتيجة النهائية لجميع أمراض القلب وينجم عن تأذي ألياف العضلة القلبية وتلاحظ مظاهره بعد نفاد قدرة الآليات المعاوضة الحركية الدموية والخلطية العصبية، وسببه عادةً فقدان مقدار حرج من وظيفة العضلة القلبية عقب احتشاء قلبي حاد أو نقص تروية قلبية مزمن نتيجة إصابة الشرايين الإكليلية أو بعد إجهاد قلبي وعائي مديد كما في ارتفاع الضغط الشرياني أو الأمراض الصمامية أو بعد التسممات كما في الإدمان الكحولي أو بعد الأخماج أو بسبب آفة قلبية ولادية، وقد لا يكون السبب واضحاً فيدعى اعتلال العضلة القلبية مجهول السبب.

يتعلق الإرواء الدموي للنسج وللأعضاء المختلفة بالنتاج القلبي الذي يعرف بأنه يساوي حجم الدم المقذوف بالضربة الواحدة * عدد ضربات القلب بالدقيقة، وهو يرتبطبأربعة عوامل أساسية هي:

1- سلامة الحالة التقلصية للعضلة القلبية.

2- الحمل القبلي للبطين الأيسرpreloadوهذا يتعلق بحجم الدم ضمن جوف البطين الأيسر في نهاية الانبساط وما ينجم عن ذلك من تطاول الألياف العضلة القلبية قبل الانقباض.

هناك رابط بين العاملين السابقين هو قانون فرانك- ستارلنغ الذي يقول: يتناسب نتاج القلب السليم طرداً مع ضغط البطين الأيسر في نهاية الانبساط، وهذا يعني أنه كلما ازداد تمدد ألياف البطين الأيسر في نهاية الانبساط ازدادت قوة التقلصة القلبية وازداد النتاج، إذا كان القلب سليماً.

3- الحمل التِّلْويafterloadالمطبق على الأجواف البطينية القلبية وهذا يدل على شدة الممانعة تجاه القذف البطيني.

4- سرعة القلب، علماً أن حجم الدم المقذوف في الضربة الواحدة ينقص في حالات التسرع الشديد بسبب نقص زمن الانبساط. يموت حوالي ثلث إلى نصف مرضى قصور القلب بسبب ترقي حالة القصور لديهم وما يرافق ذلك من نقص في تروية النسج والأعضاء المختلفة وتأذيها، ويموت الباقون بسبب الموت القلبي المفاجئ الناجم عن عدم الاستقرار الكهربائي القلبي أو اضطرابات النظم البطينية المرافقة لقصور القلب أو بسبب أمراض إكليلية مرافقة أو لأسباب مرضية أخرى غير قلبية.

يصنف قصور القلب من الناحية الوظيفية في أربع درجات حسب تصنيف رابطة نيويورك للقلب (NYHA).

- الدرجة :Iيوجد مرض قلبي دون أن يسبب تحديداً لفعالية المريض، ولا يسبب الجهد اليومي العادي أعراضاً قلبية (كالخفقان والزلة).

- الدرجةII: يوجد مرض قلبي ويسبب تحديداً طفيفاً لفعالية المريض. فالمريض غير عرضي في أثناء الراحة ولكن الجهد اليومي العادي يسبب له أعراضاً قلبية (كالخفقان والزلة). ويقصد بالجهد العادي صعود طابق واحد أو حمل الأغراض المنزلية اليومية العادية.

- الدرجةIII: يوجد مرض قلبي ويسبب تحديداً ملحوظاً لفعالية المريض، فهو لا عرضي دون جهد ويشكو أعراضاً قلبية (كالخفقان والزلة) لدى قيامه بجهد خفيف، ويقصد بالجهد الخفيف المشي العادي على أرض أفقية، ولا يستطيع المريض القيام بأي جهد يومي عادي كالتسوق أو الأعمال المنزلية.

- الدرجةIV: يوجد مرض قلبي ولا يستطيع المريض القيام بأي جهد عضلي مهما قل دون شكوى قلبية. وقد يشكو المريض الخفقان والزلة أثناء الراحة، ويكاد المريض يكون قعيد الفراش أو الكرسي المتحرك.

إن قصور القلب مرض مترق عادة وتتراوح نسبة الوفاة فيه من 40-60% بعد 5 سنوات من تشخيصه وذلك حسب الدرجة التي صنف بها عند تشخيصه، أما عندما يصنف من الدرجةIVفنسبة الوفاة 40-50% سنوياً.

الأسباب والفيزيولوجيا الإمراضية

عندما يتعرض القلب لإجهاد سواء كان ناجماً عن زيادة الحمل القبلي أو التِّلْوي أو عن أذية في بعض خلايا العضلة القلبية فإن ألياف العضلة القلبية السليمة تتضخم بهدف تقوية القدرة التقلصية لها لتعويض القدرة التقلصية المفقودة بسبب الأذية القلبية، أو للتغلب على زيادة الحمل القبلي أو التِّلْوي، ولكن بعد فترة من المعاوضة القلبية الناجمة عن التضخم تبدأ الأجواف القلبية بالتوسع، وهذا يؤدي إلى تراجع في نتاج القلب بسبب ضعف القوة التقلصية القلبية الناجم عن توسع الأجواف البطينية ولا يبقى قانون فرانك - ستارلنغ مطبقاً في هذه الحالة. يعبر عن نتاج القلب بتعبير: الجزء المقذوف(EF) ejection fraction، ويتم حسابه كما يأتي:

الجزء المقذوف = حجم جوف البطين الأيسر في نهاية الانبساط - حجمه في نهاية الانقباض × 100
حجمه في نهاية الانبساط

ويعبر عنه بنسبة مئوية، ويساوي الجزء المقذوف الطبيعي 50-70%. وإن تراجع الجزء المقذوف دليل على تراجع نتاج القلب وبالتالي تراجع إرواء النسج والأعضاء. يؤدي تراجع الجزء المقذوف إلى زيادة سرعة القلب لتأمين نتاج أكبر للتعويض عن نقص النتاج الحاصل بسبب هذا التراجع، ولكن مع مرور الوقت وزيادة توسع الأجواف القلبية تضعف الاستجابة التقلصية للعضلة القلبية تجاه زيادة الحجم في نهاية الانبساط، أي تنعدم علاقة الزيادة الطردية بين قوة التقلص القلبي وحجم نهاية الانبساط (قانون فرانك - ستارلنغ) مما يؤدي إلى تفعيل الآليات المعاوضة غير القلبية وهي الآليات الخلطية العصبية، وهذا يعني زيادة السيطرة الودية وتفعيل جملة رينين - أنجيوتنسين، فيحدث تقبض وعائي محيطي، مما يزيد المقاومة الوعائية الشريانية المحيطية ويحد من زيادة النتاج القلبي في أثناء الجهد. يفسر كل ما ذكر أعراض وعلامات قصور القلب التي سيرد ذكرها لاحقاً.

قد تترقى حالة قصور القلب وتتدهور الوظيفة القلبية بشكل مهم دون أن يشعر المريض بذلك وخاصة إذا كانت طبيعة حياته لا تستدعي ممارسة جهد عضلي، ولا تظهر أعراضه إلا بعد تراجع الجزء المقذوف إلى درجة مهمة.

قد تترقى الأعراض بسرعة وخلال عدة أسابيع أو شهور، أو تترقى ببطء خلال عدة سنوات وذلك حسب الحالة المسببة لقصور القلب. يمكن أن يحدث قصور بالصمام التاجي نتيجة توسع حلقته التالي لتوسع أجواف القلب وليس نتيجة إصابة وريقاته، ويمكن أن يحدث نقص تروية قلبية تحت الشغاف بسبب ارتفاع الضغط ضمن جوف البطين الأيسر في نهاية الانبساط، وهذا يؤدي إلى إقفار قلبي وخاصة إذا كان لدى المريض إصابة إكليلية.

قد تفاقم ضخامة العضلة القلبية من تأثير مرض إكليلي موجود لأنها تتطلب قدراً أكبر من الإرواء الدموي وهذا يزيد من خطر الإصابة بالإقفار القلبي ومضاعفاته.

تؤدي زيادة فاعلية جملة رينين - أنجيوتنسين إلى زيادة السيطرة العصبية الودية وما يتلو ذلك من اضطرابات نظم قلبية قد تكون مميتة.

أنماطقصور القلب

يقسم قصور القلب إلى عدة أنماط حسب المنظور الذي يتم تصنيفها به وهي: قصور القلب الحاد والمزمن، وقصور القلب الأيمن والأيسر، وقصور القلب عالي النتاج ومنخفض النتاج، وقصور القلب الانقباضي والانبساطي، وقصور القلب بسبب زيادة الحمل القبلي أو التِّلْوي.

1- قصور القلب الحاد والمزمن:

تعتمد المظاهر السريرية لقصور القلب على سرعة تردي الحالة القلبية وعلى سبب القصور. وبشكل عام، إذا تطور المرض القلبي المسبب للقصور على نحو بطيء (كما في الآفات الصمامية القلسية مثلاً) فإن ذلك يفسح المجال لتفعيل آليات المعاوضة ولتأقلم المريض تدريجياً مع أعراضه. أما إذا تطور قصور القلب بشكل حاد وسريع كما هو الحال في القصور التاجي الحاد التالي لاحتشاء العضلة القلبية فلا يكون هناك متسع من الوقت لتفعيل آليات المعاوضة ويظهر قصور القلب بأعراضه المفاجئة، ومثاله الوصفي هو وذمة الرئة الحادة، وهي تنجم عن ارتفاع الضغط المفاجئ والحاد في الأجواف القلبية في نهاية الانبساط.

2- قصور القلب الأيمن والأيسر:

يكون قصور القلب في جانب واحد عادةً (أيمن أو أيسر) إذا كان السبب مفاجئاً (كاحتشاء العضلة القلبية الحاد أو الصمة الرئوية الحادة). وعلى الرغم من أن الإصابة تقتصر على جهة واحدة في البداية فهي سرعان ما تشمل الجهتين بعد مدة قصيرة فيصاب البطينان (الأيمن والأيسر) بالقصور وخاصة إذا كان البطين الأيسر هو المصاب أولاً، وهذا هو الغالب. أما إذا أصيب البطين الأيمن أولاً كما في قصور القلب التالي للفتحة بين الأذينتين فإن إصابة البطين الأيسر أقل عادةً ما لم تكن هناك إصابة أخرى مشاركة كالإقفار القلبي مثلاً. تتحسن عادةً أعراض قصور البطين الأيسر إذا تلاه قصور بطين أيمن تحسناً كاذباً، فتتحسن جزئياً الزلة الجهدية والاضطجاعية والليلية وذلك بسبب نقص تناج القلب الأيمن الذي يخفف من احتقان الرئتين. إن العرض المسيطر في قصور القلب الأيسر هو الزلة، وفي القلب الأيمن هو الوذمات والحبن.

3- قصور القلب عالي النتاج ومنخفض النتاج:

يكون نتاج القلب منخفضاً في معظم حالات قصور القلب وهذا يسبب تقبضاً وعائياً محيطياً وما يرافق ذلك من برودة الأطراف ورطوبتها وشح في البول وضعف الضغط النبضي (نبض ضعيف أو خيطي). يترافق قصور القلب عالي النتاج، وهو أقل شيوعاً من القصور منخفض النتاج، بدوران مفرط الحركية، كما في فقر الدم والبري بري (الهزال الرزي) وفرط نشاط الدرق والحمل ومرض باجيت العظمي والنواسير الشريانية الوريدية، وتسبب هذه الحالات قصوراً في القلب إذا ترافقت بمرض قلبي مؤهب. وخلافاً للتقبض الوعائي المشاهد في قصور القلب منخفض النتاج، يترافق قصور القلب عالي النتاج بتوسع وعائي فتكون الأطراف دافئة ويكون النبض ممتلئاً. وعلى الرغم من أن نتاج القلب يكون عالياً في هذه الحالة، فهو أقل مما كان عليه قبل حدوث القصور، ولا يلبي المتطلبات الزائدة من الأكسجين الناجمة عن المرض الأصلي المرافق للقصور بسبب زيادة المتطلبات الاستقلابية.

4- قصور القلب الانقباضي والانبساطي:

قد ينجم قصور القلب عن سوء في الوظيفة الانقباضية لألياف العضلة القلبية وما يتلو ذلك من نقص في حجم الدم المقذوف وهذا يدعى قصور القلب الانقباضي، وفي هذه الحالة يرتفع الضغط الامتلائي للبطين الأيسر ويسبب احتقاناً رئوياً وتكون الزلة هي العرض المسيطر ومثاله الوصفي قصور القلب الناتج عن الآفات الصمامية القلسية. وقد يكون قصور القلب ناجماً عن سوء في الوظيفة الانبساطية مع وظيفة انقباضية طبيعية مما يؤدي إلى نقص الامتلاء البطيني في طور الانبساط فينقص حجم الدم في الضربة الواحدة القلبية، ومثال ذلك اعتلال القلب الضخامي وسوء المطاوعة البطينية في الإقفار القلبي أو أمراض التأمور الحاصرة أو آفات العضلة القلبية الاندخالية، ويكون العرض الأساسي سرعة التعب بسبب نقص النتاج، إضافة إلى الأعراض الخناقية في حال وجود إصابة إكليلية.

يصعب أحياناً الفصل بين قصور القلب الانقباضي والانبساطي وخاصة بعد مرور زمن طويل على بدء الإصابة، فيتشارك الشكلان معاً، وأوضح مثال على ذلك هو قصور القلب التالي لإصابة إقفارية إكليلية.

5- قصور القلب بسبب زيادة الحمل القبلي أو التِّلْوي:

يدعى قصور القلب تِلْوياً إذا كان سببه إعاقة لقذف الدم من البطين الأيسر في أثناء الانقباض كتضيق الصمام الأبهري وارتفاع الضغط الشرياني، وهذا يسبب تضخم العضلة القلبية مع سوء في وظيفتها الانبساطية.

ويدعى قصور القلب قبلياً إذا كان سببه زيادة في الحمل البطيني كالقصور الأبهري أو التاجي، وهذا يفضي إلى توسع في أجواف القلب مع سوء وظيفتها الانقباضية.

إن معظم حالات قصور القلب مزيج من الأنماط السابقة جميعاً ولا يمكن تصنيفها ضمن نمط واحد.

أسباب قصورالقلب

إن أمراض القلب الإكليلية هي السبب الأول لقصور القلب في الدول الصناعية، وأمراض القلب الصمامية وخاصة القلسية هي السبب الأول في البلدان النامية، يضاف إلى ذلك ارتفاع الضغط الشرياني واعتلال القلب التوسعي البدئي اللاإقفاري، والداء السكري كسبب غير مباشر، وهناك أسباب لقصور القلب أقل شيوعاً. يلخص الجدول (1) أسباب قصور القلب.

1- اضطرابات ميكانيكية:

أ- زيادة الحمل التِّلْوي (زيادة الحمل الضغطي):

- تضيق الصمام الأبهري.

- ارتفاع الضغط الشرياني.

- ارتفاع الضغط الرئوي.

- تضيق برزخ الأبهر.

- تضيق الصمام الرئوي.

ب- زيادة الحمل القبلي (زيادة الحمل الحجمي).

- الآفات الصمامية القلسية.

- فقر الدم.

- الانسمام الدرقي.

- التحويلةshuntالشريانية الوريدية (بقاء القناة الشريانية مفتوحة، النواسير الشريانية الوريدية، الفتحة بين الأذينتين، الفتحة بين البطينين).

- أم الدم البطينية.

2- تحدد الامتلاء البطيني:

- تضيق الصمام التاجي.

- آفات التأمور الحاصرة، الاندحاس التأموري.

- ضخامةالبطين الأيسر مهما كان سببها.

- تليف بطانة العضلة القلبية.

3- أمراض العضلة القلبية:

- اعتلال القلب الضخامي.

- اعتلال القلب الحاصر.

- اعتلال القلب التوسعي البدئي مجهول السبب.

- أمراض القلب الإقفارية والاحتشاء القلبي.

- اعتلال القلب الكحولي.

- فقر الدم المزمن.

- الأدوية (أمفيتامين، دوكسوروبيسين، كوكائين).

- التسمم بالمعادن: رصاص، كوبالت، فرط حمل الحديد.

- الحمى الرثوية الحادة.

- أمراض الغراء والنسج الضامة.

(الجدول1) أسباب قصور القلب


يمكن أن يكون قصور القلب ناجماً عن اجتماع سببين أو أكثر، كما قد يشاهد في سياق أمراض متعددة أخرى، ولكن تكون الصورة السريرية للمرض الأصلي هي المسيطرة عادة، ولا يظهر قصور القلب إلا في المراحل الانتهائية للمرض.

إن أكثر الأسباب شيوعاً لانكسار المعاوضة القلبية في قصور القلب المزمن المنضبط والمستقر هي:

1- الأخماج عموماً وخاصة التنفسية الرئوية.

2- إهمال المريض علاجه القلبي والتوصيات الغذائية (كتناوله وجبة مفرطة الملح) أو ممارسة الفعالية الفيزيائية بإفراط.

3- النوب الإقفارية الإكليلية الحادة.

4- اضطرابات النظم الحادة المفاجئة كالتسرعات فوق البطينية والبطينية ونوب الرجفان الأذيني وخاصة إذا رافقتها آفة إكليلية.

5- بطء القلب الشديد إذا ترافق بضعف في القوة التقلصية القلبية أو إحصار أذيني بطيني إذ يصبح النتاج القلبي ناقصاً جداً بسبب بطء النبض.

6- الصمة الرئوية الحادة.

7- الشدة النفسية والإفراط في تناول الكحول واستعمال الأدوية الحابسة للصوديوم مثل مضادات الالتهاب اللاستيروئيدية المستعملة بشكل واسع في الأمراض المفصلية.

"
شارك المقالة:
178 مشاهدة
هل أعجبك المقال
0
0

مواضيع ذات محتوي مطابق

التصنيفات تصفح المواضيع دليل شركات العالم
youtubbe twitter linkden facebook