الفصال العظمي هو تلف مستمر ومزمن في الأنسجة الغضروفية المفصلية، والذي يسبب تآكل الأنسجة الغضروفية في المفاصل واحتكاك العظام ببعضها مما يؤدي لألم في المفصل. تشير الاحصائيات الى أن الفصال العظمي أكثر شيوعاً لدى كبار السن، حيث أن 60-90% من الأشخاص فوق جيل ال65 نجد لديهم تغييرات نوعية في المفصل، ولكن فقط ل 20% توجد أعراض.
يتكون المفصل من التقاء عظمتين، وتغطى العظام بطبقة من النسيج الغضروفي المفصلي. وظيفة النسيج الغضروفي المفصلي، هي الحفاظ على المفصل ومنع الاحتكاك بين العظام.
في حال الفصال العظامي فان النسيج الغضروفي المفصلي، يتآكل ويتلف نتيجة حمله للوزن والثقل مما يؤدي لاحتكاك العظام بعضها ببعض. يستمر التآكل ويزداد مع التقدم في السن، كما أن عوامل أخرى كالسمنة تؤدي لتآكل وتلف الغضروف. عند تلف النسيج الغضروفي المفصلي، فان الغضروف والعظام تحاول بناء نفسها من جديد لكن النسيج الجديد الذي يُبنى غير سليم ويفتقد لوظائف النسيج الغضروفي المفصلي ولا يحتمل وزن وثقل الجسم عليه. يؤدي الأمر لزيادة الثقل على المفصل وزيادة التلف والتآكل، كما أن مواد عديدة يفرزها الجسم تعمل على تقدم حالة التلف المستمر( أبرزها الIL-1). تؤدي جميع العوامل أعلاه لتراكم السوائل والوذمة في المفصل، ظهور نوابت عظمية جديدة، كسور صغيرة في الغضروف والعظام، وأكياس تحت غضروفية مما يؤدي للأعراض كالألم. غالباً ما يتضرر مفصل الركبة أو الورك، لأنهم المفاصل الحاملة لوزن الجسم.
ان الفصال العظمي هو النتيجة النهائيةَ لعدّة عوامل مختلفة تُساهمفيإحداث الضرر للغضروف
هناك عوامل عديدة تزيد من خطورة الاصابة بالفصال العظمي. لا يوجد سبب واضح للفصال العظمي، الا أن عوامل الخطورة ترفع من احتمال الاصابة بالفصال العظمي. أهم هذه العوامل:
· الجيل: مع التقدم في السن، فان خطورة الاصابة بالفصال العظمي تزداد. على ما يبدو فان تلف الأنسجة الغضروفية المفصلية، يزداد ويتقدم مع التقدم في السن.
· الجنس: تعاني النساء أكثر من الرجال من الفصال العظمي.
· الوزن الزائد والسمنة: يزيد الوزن الزائد الثقل على المفاصل، وبالذات تلك الحاملة للوزن كالركبة والورك. ويؤدي بذلك لزيادة خطورة الاصابة بالفصال العظمي.
· الاصابات: تزيد الاصابات للمفصل من خطورة اصابته بالفصال العظمي.
· أمراض المفاصل: العديد من أمراض المفاصل قد تغير مبنى المفصل وتسبب تلف الأنسجة الغضروفية أهمها الأمراض الخلقية، النقرس الكاذب (Pseudogout)، التهاب المفاصل الروماتويدي (RA- rheumatoid arthritis)، والتهاب المفاصل العدوائي (infectious arthritis).
· ضخامة النهايات- العرطلة (Acromegaly): وهو مرض من أمراض الغدد الصم والذي يؤدي لتضخم الأنسجة المختلفة في الجسم وتغيير مبناها ومن ضمنها المفاصل، فيزيد من احتمال الاصابة بالفصال العظمي.
· الوراثة: هناك أهمية لعوامل الوراثة حيث أثبتت الدراسات وجود عوامل وراثية نوعية للفصال العظمي. يبرز دور العوامل الوراثية، عند النساء اللواتي يشكون من الفصال العظمي في كف اليد.
· الأمراض العصبية العضلية (Neuromuscular disease): وهي أمراض تسبب وهن العضلات لأسباب عصبية أو عضلية. اذا ضعفت العضلات ولم تتحرك بما فيه الكفاية، فان المفاصل أيضاً لا تتحرك بشكل كاف وبذلك يزيد الاحتمال للاصابة بالفصال العظمي. كما أن هذه الأمراض قد تؤدي لحركات مفاجئة وغير منسقة قد تزيد الضغط على المفاصل.
· أمراض استقلابية (metabolic disease): مثل مرض ويلسون (wilson disease) أو داء ترسب الاصبغة الدموية (hemochromatosis).
· السكري.
· قصور الغدة الدرقية (hypothyroidism).
· الاستعمال المفرط للمفصل: مثل العمل في الأشغال الشاقة أو العمل كأمين صندوق في المتاجر.
من الجدير بالذكر أن الفصال العظمي قد يكون عديم الأعراض. وقد نجد تغييرات نوعية للفصال العظمي في المفصل،الا أن المريض لا يشكو من أية أعراض تُذكر.
· الألم: يميز الألم الفصال العظمي. يكون الألم في المفصل المُصاب، ويشعر المريض في الألم بدايةً أثناء النشاط البدني وتحريك المفصل ويخف أثناء راحة المفصل. الا أن الألم قد يشتد ويظهر حتى عند الراحة في حال تقدم المرض.
· التيبس وخشونة المفاصل: ويظهر عادةً بعد النوم أو عدم استعمال المفصل، الا أن التيبس يستمر لدقائق معدودة ليس أكثر.
· تقييد الحركة في المفصل المُصاب، عادةً في المراحل المتقدمة من الفصال العظمي.
أبرز علامات الفصال العظمي هي:
· الايلام عند لمس المفصل المصاب.
· تضخم العظام.
· الوذمة: أي تراكم السوائل في المفصل.
· انتفاخ وتورم المفصل المُصاب.
· القرقعة في المفصل المُصاب، وذلك نتيجة الكسور الصغيرة التي توجد داخل المفصل.
· تقييد الحركة.
المفاصل التي تُصاب عادةً بالفصال العظمي هي المفاصل الحاملة للوزن:
· مفصل الركبة: وغالباً فان مفصل الركبة هو المفصل الأكثر عرضة للاصابة بالفصال العظمي.
· الورك.
· العمود الفقري العنقي والقطني (lumbar).
الا أن مفاصل أخرى صغيرة غير حاملة للوزن قد تُصاب بالفصال العظمي، ومنها مفاصل اليد ويكون السبب عادةً وراثياً:
· المفصل الداني بين السلاميات في كف اليد (PIP- proximal interphalngeal): وهو المفصل الأول بين عظام أصابع اليد التي تسمى السلاميات. وقد يؤدي الأمر لتضخم المفصل وظهور عقد تسمى عقد بوشار (Bouchard's nodes).
· المفصل القاصي بين السلاميات في كف اليد (DIP- distal interphalngeal): وهو المفصل الأخير بين عظام أصابع اليد. ويؤدي الأمر لتضخمه وظهور عقد هيبردين (Heberden's node).
· المفصل الرسغي السنعي الاول (first carpometacarpal joint): وهو المفصل الذي يصل الابهام بكف اليد.
· المفصل المشطي السلامي الأول (first metatarsophalangealjoint): وهو المفصل الذي يصل الابهام بالقدم.
الفصال العظمي هو مرض مزمن، ويتقدم ببطء لمدة سنين. وقد يؤدي في نهاية الأمر لتقييد الحركة وفقدان وظيفة المفصل. ان اصابة هذه المفاصل تسبب الألم وقد تفقدها الحركة وتسبب العجز للمريض، وللأمر تأثير كبير على مستوى الحياة ونوعيتها، وقد تمنع الاصابة بهذه المفاصل المريض من القيام بفعاليات الحياة اليومية.
من المهم الذكر أن درجة الفصال العظمي وشدته تتفاوت بين المرضى المختلفين، من حيث موقع المفاصل المُصابة، شدة الأعراض، ودرجة العجز.
يعتمد تشخيص الفصال العظمي على التاريخ المرضي ووصف الأعراض المناسبة وعوامل الخطورة. كما أن التشخيص يعتمد على الفحص الجسدي الذي يقوم به الطبيب لاكتشاف علامات الفصال العظمي. لا يؤدي الفصال العظمي الى تغيير ملحوظ في الاختبارات، الا أن الاختبار الوحيد المستعمل هو التصوير بالأشعة السينية للمفصل المُصاب والذي يمكن من خلاله ملاحظة تغييرات نوعية تشمل التالي:
· تقلص مساحة المفصل: وذلك بسبب اقتراب العظام لبعضها.
· أكياس تحت غضروفية (subchondral cysts).
· النوابت العظمية (osteophytes): وهي عبارة عن العظم الذي يحاول بناء نفسه.
· التصلب تحت الغضروف (subchondral sclerosis).
تُعتبر هذه التغييرات نوعية وخاصة بالفصال العظمي، لكن وجودها لا يعني وجود أعراض ولا تتلائم مع الأعراض وشدة المرض. يمكن الاستعانة باختبارات مثل التصوير بالرنين المغنطيسي أو الصورة الطبقية المحوسبة لتحديد أكثر دقة لموقع ومدى اصابة الغضروف.
يمكن تصنيف الفصال العظمي لنوعين:
كما ذكر أعلاه فان الفصال العظمي يتفاوت بين المرضى المختلفين. ويتلقى المرضى العلاجات المختلفة، كما أن نجاح العلاجات والاستجابة لها تختلف من مريض لاخر، لذا فان العلاج مصمم لحاجات كل مريض بشكل خاص.
أهداف العلاج
امكانيات العلاج للفصال العظمي
يوجد عدة امكانيات علاج للفصال العظمي، ويبدأ العلاج من الامكانية الأسهل وحتى الأصعب. كما أن الاستجابة للعلاجات المختلفة، تختلف بين مريض لاخر.
تغيير نمط الحياة كعلاج للفصال العظمي
من المفضل أن يتبع مرضى الفصال العظمي التغيير في نمط الحياة بشكل دائم. أمور عديدة يمكن اتباعها وهي:
العلاج بالأدوية
في حال أن تغيير نمط الحياة لم يخفف من الألم يمكن البدء بالعلاج بالأدوية. تعمل جميع الأدوية كمسكنات الالام وتشمل:
القرح في المعدة: وقد يؤدي القرح في المعدة لألم البطن أو النزيف الداخلي في المعدة. قد يكون النزيف خطيراً.
الاضطراب الكلوي: وقد يؤدي للفشل الكلوي.
الطفح الجلدي.
الأعراض الجانبية لمضادات الالتهاب اللاستيرويدية قد تكون خطرة، لذا يجب استشارة الطبيب قبل تناول هذه الأدوية.
أبرز الأدوية مضادات الالتهاب اللاستيرويدية هي:
الايبوبروفين (ibuprofen).
كيتوبروفين (cetoprofen).
يمكن تجنب الأعراض الجانبية لمضادات الالتهاب اللاستيرويدية، بواسطة استخدام أدوية تعمل على حصر الانزيمCOX 2فقط دون حصرCOX 1، الا أن الدراسات أثبتت أن هذه الأدوية قد تسبب أمراض القلب. رغم ذلك فان الاستعمال الصحيح للأدوية المحصرة للانزيمCOX 2يُساعد جداً على تسكين الألم وبالذات في حالة الفصال العظمي. أبرز الأدوية المستعملة هي السيليكوزيب (Celecoxib) ويُعرف باسمه التجاري سيليبريكس.
العلاج بالجراحة للفصال العظمي
يُعتبر العلاج بالجراحة، طريقة العلاج الوحيدة التي تشفي من الفصال العظمي. الا أن الجراحة لا تُجرى في جميع الحالات. توجد العديد من العمليات الجراحية لعلاج الفصال العظمي.
متى يمكن استبدال المفصل
كما ذكر فان استبدال المفصل لا يكون خيار العلاج في جميع الحالات، انما في حالات معينة ورغم فشل خيارات العلاج الأخرى وهي:
"