عسرات الولادة الناجمة عن اضطراب القوى الدافعة

الكاتب: رامي -
عسرات الولادة الناجمة عن اضطراب القوى الدافعة
"

عسرات الولادة الناجمة عن اضطراب القوى الدافعة.

تحدث الولادة بفعل تقلصات الرحم في نهاية الحمل وتأثير هذه التقلصات ـ التي تسمى مع الحزق في نهاية المخاض حادثات المخاض الفاعلة ـ في حادثات المخاض الأخرى من امحاء عنق الرحم واتساعه وتقدم الجنين وانقذافه وهي التي تسمى حادثات المخاض المنفعلة.

من المعلوم أن الرحم تتقلص طوال الحمل تقلصات خفيفة غير منتظمة لا تشعر بها الحامل تسمى تقلصات بركستون هيكسBraxton Hicks. وفي أوان المخاض تشتد هذه التقلصات وتصبح لها صفات جديدة فهي مؤلمة ومتقطعة ومشتدة تدريجياً، وتبدأ كل من تقلصات الرحم هذه من أحد قرني الرحم وتسير إلى القرن الثاني ثم تنزل نحو جسم الرحم فقطعتها السفلية وتبلغ أخيراً عنق الرحم.

ولكي تكون تقلصات الرحم مجدية يجب أن تكون صفاتها طبيعية وانتشارها طبيعياً، وكل شذوذ في أحد هذين الأمرين يؤدي إلى فقدها جدواها وهو ما يسمى عطالة الرحمinertia.

1 ـالعطالة بنقص المقوية

تنجم هذه العطالة عن ضعف قوة التقلصات أو نقص مدتها أو تباعدها، وغالباً عن اجتماع أكثر من عامل من هذه العوامل. وتبدو أحياناً مع بدء المخاض وتسمى «العطالة البدئية» أو تبدو بعد فترة من مخاض طبيعي وتسمى «العطالة الثانوية».

في الحالة الأولى قد لا تبدأ التقلصات في أوان الولادة أبداً؛ أو تبدأ ولكنها تكون خفيفة غير مجدية. وإذا وضعت اليد على الرحم في أثناء التقلصة لا تكون قاسية بل تكون رخوة، وقد يصعب التمييز بين زمن التقلصة وزمن الراحة بين التقلصتين، وينجم عن هذا طول مدة المخاض فتتعب الماخض ويتألم الجنين إن لم توجه المعالجة المناسبة.

وفي الحالة الثانية تكون التقلصات طبيعية في البدء فيمحى عنق الرحم ويتسع حتى درجة ما، ثم تخف التقلصات أو تتباعد أو تقف نهائياً، ويقف بذلك تطور المخاض فتتعب الماخض أيضاً ويتألم الجنين. وإن كان جيب المياه متمزقاً فقد يحدث خمج يزيد الحالة سوءاً.

تنجم العطالة البدئية عن ضيق الحوض وعن المجيئات أو الأوضاع المعيبة وعن تمدد الرحم في الحمول التوءمية أو الحمول مع استسقاء السائل الأمنيوسي أو الجنين العرطل، ويبقى كثير من الحالات من دون معرفة سبب واضح.

2ـالعطالة بفرط المقوية

التقلصات في هذا النوع قوية وقد تكون أشد مما هي في الحالة الطبيعية ولكنها تبقى مع ذلك غير مجدية. ويرجع من أجل تعليل ذلك إلى مخطط التقلصات الرحمية، فالتقلصة كما يبدو في الشكل لا تبدأ من خط الصفر بل من نقطة أعلى من هذا الخط بقليل ثم تعود حين انتهائها إلى المستوى نفسه الذي بدأت منه أعلى من خط الصفر، ويدل بقاء الخط على هذا الارتفاع بين التقلصات على أن الرحم تبقى بين التقلصات بحالة توتر وهو ما يعرف بحالة المقويةtonicityويراوح الضغط في هذا المستوى بين 5ملم/ زئبق و12ملم/ زئبق. ويشير بُعد النقطة التي يصل إليها المخطط في نهاية التقلصة عن خط الصفر إلى «القوة المطلقة للتقلصة»، وتختلف هذه القوة بين 30 ـ40ملم/زئبق في بدء المخاص و50 ـ60ملم/زئبق في دور الاتساع و80 ـ90ملم/زئبق في نهاية دور الاتساع وترتفع هذه الأرقام كثيراً في دور الانقذاف، وليس لهذه القوة جميعها تأثير في عضلة الرحم وإنما ينحصر التأثير «بالقوة المجدية»، وهي على المخطط المسافة الفاصلة بين ذروة التقلصة وخط المقوية، وهي بالأرقام حاصل طرح الرقم الذي يدل على المقوية من الرقم الدال على ذروة التقلصة؛ فإذا كانت القوة المطلقة 50 مثلاً والمقوية 15 كانت القوة المجدية 50 ـ15= 35ملم/زئبق. ويعني هذا أن حسن سير المخاض لا يتأثر بقوة تقلص الرحم فقط بل بدرجة ارتخائها بين التقلصات، وإن تقلصات الرحم تصبح غير مجدية إذا ارتفعت مقوية الرحم كثيراً، وهذه هي «العطالة بفرط المقوية».

يبدو هذا النوع من العطالة سريرياً بقساوة الرحم المستمرة إذا جست من خلال جدار البطن، وتتألم الماخض بشدة كما يتألم الجنين بسبب اضطراب الدوران المشيمي الرحمي الناجم عن تقبض الرحم.

ولا ينجم هذا النوع عن فرط مقوية الرحم فقط بل عن اضطراب سير التقلصات الطبيعي من الأعلى نحو الأسفل؛ فتتقلص بعض أقسام الرحم تقلصات فوضوية مما يؤدي بالنتيجة إلى عدم تأثيرها في عنق الرحم وفي سير المخاض، وقد تفضي في الحالات الشديدة المهملة إلى تمزق الرحم.

وتكون العطالة بفرط المقوية بدئية مع بدء المخاض أو ثانوية إذا وجد سبب لحدوثها كتضيقات الحوض والمجيئات المعيبة أو إعطاء محرضات المخاض بمقادير كبيرة أو من دون استطباباتها.

تشخص العطالة بنوعيها بتوقف تبدلات عنق الرحم وبتعب الماخض ولاسيما في العطالة بفرط المقوية. ويميز نوعا العطالة أحدهما من الآخر بجس الرحم، أما الجنين فيتألم في الحالتين ويعرف ذلك بمراقبة حركاته وسماع دقات قلبه، وتتهدد حياته بالخطر في العطالة بفرط المقوية وقد يموت إذا أهملت الحالة.

التدبير

يجب أولاً حين توقف المخاض تمييز العطالة بنقص المقوية من العطالة بفرط المقوية.

تعالج الأولى بمحرضات المخاض وفي طليعتها الأوكسيتوسين، ويخضع هذا التحريض لشروط دقيقة إن لم تتبع قد تنقلب العطالة بنقص المقوية إلى عطالة بفرط المقوية قد تنتهي بتمزق الرحم وتهديد حياة الماخض. لذلك يجب ألا يقوم بهذا العمل إلا اختصاصي وبرقابة حازمة في المستشفى، وعلى الطبيب الممارس عدم المغامرة في هذه المعالجة مع ما يبدو من سلامتها وسهولتها فقد يجر تدخله إلى مآسٍ خطرة.

أما الثانية فتعالج بالمسكنات والمنومات (بتيدين وباربيتورات) التي قد يكون تأثيرها في بعض الأحيان خيالياً إذا زال فرط المقوية فيسير المخاض بسرعة غير متوقعة وتنتهي الولادة بسهولة ويسر. لذلك يجب مراقبة الماخض التي تعالج بهذه الطريقة مراقبة دقيقة كما في الحالة الأولى. أما إذا كان هناك سبب آخر يمنع من تقدم المخاض ولم تستجب الرحم للمسكنات فيجب إنهاء الولادة بسرعة حسب الحالة بالتوليد عن الطريق الطبيعة بالملقط أو بالمحجم أو عن طريق البطن بالقيصرية.

وعلى الطبيب الممارس في هذه الحالة ـ على العكس من الحالة الأولى ـ التدخل بسرعة بإعطاء الماخض البتيدين وتوصية الأهل بنقلها مباشرة إلى المستشفى لإكمال المعالجة؛ لأن إهمالها قد يسبب تمزق الرحم الذي يزيد احتمال حدوثه في أثناء نقل الماخض.

"
شارك المقالة:
140 مشاهدة
هل أعجبك المقال
0
0

مواضيع ذات محتوي مطابق

التصنيفات تصفح المواضيع دليل شركات العالم
youtubbe twitter linkden facebook