شعر هجاء<br><br>رأى بعض الأعراب عبيدا يلبسون ثياب أحرار فقالوا:<br><br>أرى حللا تصان عل رجال و أعراضا تذال و لا تصان<br><br>يقولون الزمان به فساد و هم فسدوا و ما فسد الزمان<br><br>قال العرب أهجى بي قاله العرب للأعشى:<br><br>تبيتون في المشتى ملاء بطونكم و جاراتكم غرثى يبتن خمائصا<br><br>و قيل أهجى بيت قالته العرب قول الأخطل لجرير:<br><br>ما زال فينا رباط الخيل معلمة و في كليب رباط اللؤم و العار<br><br>قوم إذا استنبح الأضياف كلبهم قالوا لأمهم : بولي على النار<br><br>و قيل أهجى بيت قالته العرب قول الطرماح:<br><br>تميم يطرق اللؤم أهدى من القطا و لو سلطت طرق المكارم ضلت<br><br>قال الجاحظ:<br><br>و وثقت أنك لا تسب حماك لؤمك أن تنالا<br><br>قول الشافعي:<br><br>تموت الأسد في الغابات جوعا و لحم الضأن تأكله الكلاب<br><br>و عبد قد ينام على حرير و ذو نسب مفارشه التراب<br><br>و قالوا أهجى بيت :<br><br>قبحت مناظرهم فحين خبرتهم حسنت مناظرهم لقبح المخبر<br><br>و من أبلغ الهجاء:<br><br>إن يفجروا أو يغدروا أو يبخلوا لم يحفلوا<br><br>و غدوا عليك مرجل ين كأنهم لم يفعلوا<br><br>قال العسكري :<br><br>كـم حـاجة أنـزلـتهــا بكريم قوم أو لئيم<br><br>فإذا الكريم من اللئيم أو اللئيم من الكريم<br><br>سبـحـان رب قــادر قد البريـة من أديــم<br><br>فشريفهم ووضيعهم سيان في سفه و لوم<br><br>قد قل خيـر غـنيـهم فغنـيهم مثـل العديـم<br><br>وإذا اختبرت حميدهم ألــفيتـه مثـل الذمـيم<br><br>و قال بعضهم:<br><br>و جاهل طال به عنائي لازمني و ذاك من شقائي<br><br>كأنه الأشهر في أسمائي أخرق ذو بصيرة عمياء<br><br>لا يعرف المدح من الهجاء أفعاله الكل على اسواء<br><br>أقبح من وعد بلا وفاء و من زوال النعمة الحسناء<br><br>أبغض للعين من الاقذاء أثقل من شماتة الأعداء<br><br>فهو إذا رأته عين الرائي أبو معاذ أو أخو الخنساء<br><br>و قول آخرك<br><br>أرحني منك حـتى لا أرى منظرك الوعرا<br><br>فقد صرت أرى بعدك عني الراحة الكبرى<br><br>فما تنفع في الدنيا و لا تشفع في الأخرى<br><br>لقد خاب الذي كنت له في شدة ذخرا<br><br>و قال بعضهم في أنف أحدهم:<br><br>لك وجـه و فيـه قطـعة أنـف كجدار قـد دعــمــوه ببلغة<br><br>و هو كالقبر في المثال ولكن جعلوا نصفه علـى غير قبـلـه<br><br>تصدى للهلال لكي يراه فلولا عظمه لرأى الهلالا<br><br>و قال بعضهم في امرأة:<br><br>لها جسم برغوث و ساقا بعوضة و وجه كوجه القرد بل هو أقبح<br><br>و تبرق عيناها إذا ما رأيـتـهـا و تعبس في وجه الضجيع و تكلح<br><br>لها منظر كـالنـار تـحسب أنهـا إذا ضحكت في أوجه الناس تلفح<br><br>إذا عاين الشيطان صورة وجهها تعوذ منها حين يمسي و يصبح<br><br>ابن المبارك يهجو قاضيا:<br><br>قد يفتح المرء حانوتا لمتجره و قد فتحت لك الحانوت بالدين<br><br>بين الأساطين حانوت بلا غلق تبتاع بالدين أموال المساكين<br><br>صيرت دينك شاهينا تصيد به و ليس يفح أصحاب الشواهين<br><br>في ذم قوم :<br><br>أفنيت شطر العمر في مدحكم ظنـــا بكــم أنكــم أهلــه<br><br>وعـدت أفنـيته هــجـاء لكــم فضاع عمري عليكم كله<br><br>في وصف الفقير و الغني:<br><br>من كان يملك درهمين تعلمت شفتاه أنواع الكلام فقالا<br><br>و تقدم الإخوان فاستمعوا له و رأيته بين الورى مخال<br><br>لولا دراهمه التي يزهو بها لوجدته في الناس أسوأ حالا<br><br>إن الغني إذا تكلم صادقا قالوا صدقت و مانطقت محالا<br><br>أما الفقير إذا تكلم صادقا قالوا كذبت و أبطلوا ما قالا<br><br>إن الدراهم في المواطن كلها تكسو الرجال مهابة و جلالا<br><br>فهي اللسان لمن أراد فصاحة و هي السلاح لمن أراد قتالا<br><br>قال المتنبي:<br><br>إني نزل بكذابين ضيفهم عن القرى و عن الترحال محدود<br><br>جود الرجال من الأيدي وجودهم من اللسان فلا كانوا و لا الجود<br><br>ما يقبض الموت نفسا من نفوسهم إلا و في يده من نتنها عود<br><br>هجا الحطيئة أباه و أمه و امرأته و نفسه فقال لأبيه:<br><br>و لقد رأيتك في المنام فسؤتني و أبا بنيك فساءني في المجلس<br><br>و قال لأمه<br><br>تنحي فاجلسي مني بعيدا أراح الله منك العالمينا<br><br>أغربالا إذا استودعت سرا و كانونا عن المتحدثينا؟<br><br>و قال لزوجته:<br><br>أطوف ما أطوف ثم آوي إلى بيت قعيدته لكاع<br><br>و تطلع في بئر فرأى وجهه القبيح فقالك<br><br>أبت شفتاي اليوم ألا تكلما بسوء فلا أدري لمن أنا قائله<br><br>أرى لي وجها قبح الله خلقه فقبح من وجه و قبححامله