يُعَدُّ شِعرُنا العَرَبِيّ القَديم مِنْ أَهَمِّ الوَسائِلِ الّتي تُعَبِّر عن أحوالِ وعاداتِ العرب قديماً، وَعُرِفَ هَذا الشَِعر بفصاحتِه وبلاغَتِه، وَسَنَذْكُر لَكُم في هَذَا المَقَال بَعْضَ الأشْعارِ العَرَبِيّة لِكِبارِ الشُّعَرَاء.<br><br>امرؤ القيس<br><br>قِفَا نَبْكِ مِنْ ذِكْرَى حَبِيبٍ ومَنْزِلِ<br><br>بِسِقْطِ اللِّوَى بَيْنَ الدَّخُولِ فَحَوْمَلِ<br><br>فَتُوْضِحَ فَالمِقْراةِ لَمْ يَعْفُ رَسْمُها<br><br>لِمَا نَسَجَتْهَا مِنْ جَنُوبٍ وشَمْألِ<br><br>تَرَى بَعَرَ الأرْآمِ فِي عَرَصَاتِهَـا<br><br>وَقِيْعَـانِهَا كَأنَّهُ حَبُّ فُلْفُــلِ<br><br>كَأنِّي غَدَاةَ البَيْنِ يَوْمَ تَحَمَّلُـوا<br><br>لَدَى سَمُرَاتِ الحَيِّ نَاقِفُ حَنْظَلِ<br><br>وُقُوْفاً بِهَا صَحْبِي عَلَّي مَطِيَّهُـمُ<br><br>يَقُوْلُوْنَ لاَ تَهْلِكْ أَسَىً وَتَجَمَّـلِ<br><br>وإِنَّ شِفـَائِي عَبْـرَةٌ مُهْرَاقَـةٌ<br><br>فَهَلْ عِنْدَ رَسْمٍ دَارِسٍ مِنْ مُعَوَّلِ<br><br>كَدَأْبِكَ مِنْ أُمِّ الحُوَيْرِثِ قَبْلَهَـا<br><br>وَجَـارَتِهَا أُمِّ الرَّبَابِ بِمَأْسَـلِ<br><br>إِذَا قَامَتَا تَضَوَّعَ المِسْكُ مِنْهُمَـا<br><br>نَسِيْمَ الصَّبَا جَاءَتْ بِرَيَّا القَرَنْفُلِ<br><br>فَفَاضَتْ دُمُوْعُ العَيْنِ مِنِّي صَبَابَةً<br><br>عَلَى النَّحْرِ حَتَّى بَلَّ دَمْعِي مِحْمَلِي<br><br>ألاَ رُبَّ يَوْمٍ لَكَ مِنْهُنَّ صَالِـحٍ<br><br>وَلاَ سِيَّمَا يَوْمٍ بِدَارَةِ جُلْجُـلِ<br><br>ويَوْمَ عَقَرْتُ لِلْعَذَارَي مَطِيَّتِـي<br><br>فَيَا عَجَباً مِنْ كُوْرِهَا المُتَحَمَّـلِ<br><br>فَظَلَّ العَذَارَى يَرْتَمِيْنَ بِلَحْمِهَـا<br><br>وشَحْمٍ كَهُدَّابِ الدِّمَقْسِ المُفَتَّـلِ<br><br>ويَوْمَ دَخَلْتُ الخِدْرَ خِدْرَ عُنَيْـزَةٍ<br><br>فَقَالَتْ لَكَ الوَيْلاَتُ إنَّكَ مُرْجِلِي<br><br>تَقُولُ وقَدْ مَالَ الغَبِيْطُ بِنَا مَعـاً<br><br>عَقَرْتَ بَعِيْرِي يَا امْرأَ القَيْسِ فَانْزِلِ<br><br>فَقُلْتُ لَهَا سِيْرِي وأَرْخِي زِمَامَـهُ<br><br>ولاَ تُبْعـِدِيْنِي مِنْ جَنَاكِ المُعَلَّـلِ<br><br>فَمِثْلِكِ حُبْلَى قَدْ طَرَقْتُ ومُرْضِـعٍ<br><br>فَأَلْهَيْتُهَـا عَنْ ذِي تَمَائِمَ مُحْـوِلِ<br><br>إِذَا مَا بَكَى مِنْ خَلْفِهَا انْصَرَفَتْ لَهُ<br><br>بِشَـقٍّ وتَحْتِي شِقُّهَا لَمْ يُحَـوَّلِ<br><br>ويَوْماً عَلَى ظَهْرِ الكَثِيْبِ تَعَـذَّرَتْ<br><br>عَلَـيَّ وَآلَـتْ حَلْفَةً لم تَحَلَّـلِ<br><br>أفاطِـمَ مَهْلاً بَعْضَ هَذَا التَّدَلُّـلِ<br><br>وإِنْ كُنْتِ قَدْ أزْمَعْتِ صَرْمِي فَأَجْمِلِي<br><br>أغَـرَّكِ مِنِّـي أنَّ حُبَّـكِ قَاتِلِـي<br><br>وأنَّـكِ مَهْمَا تَأْمُرِي القَلْبَ يَفْعَـلِ<br><br>وإِنْ تَكُ قَدْ سَـاءَتْكِ مِنِّي خَلِيقَـةٌ<br><br>فَسُلِّـي ثِيَـابِي مِنْ ثِيَابِكِ تَنْسُـلِ<br><br>وَمَا ذَرَفَـتْ عَيْنَاكِ إلاَّ لِتَضْرِبِـي<br><br>زهير بن أبي سلمى<br><br>أَمِنْ أُمِّ أَوْفَى دِمْنَـةٌ لَمْ تَكَلَّـمِ<br><br>بِحَـوْمَانَةِ الـدُّرَّاجِ فَالمُتَثَلَّـمِ<br><br>وَدَارٌ لَهَـا بِالرَّقْمَتَيْـنِ كَأَنَّهَـا<br><br>مَرَاجِيْعُ وَشْمٍ فِي نَوَاشِرِ مِعْصَـمِ<br><br>بِهَا العِيْنُ وَالأَرْآمُ يَمْشِينَ خِلْفَـةً<br><br>وَأَطْلاؤُهَا يَنْهَضْنَ مِنْ كُلِّ مَجْثَمِ<br><br>وَقَفْتُ بِهَا مِنْ بَعْدِ عِشْرِينَ حِجَّةً<br><br>فَـلأيَاً عَرَفْتُ الدَّارَ بَعْدَ تَوَهُّـمِ<br><br>أَثَـافِيَ سُفْعاً فِي مُعَرَّسِ مِرْجَـلِ<br><br>وَنُـؤْياً كَجِذْمِ الحَوْضِ لَمْ يَتَثَلَّـمِ<br><br>فَلَـمَّا عَرَفْتُ الدَّارَ قُلْتُ لِرَبْعِهَـا<br><br>أَلاَ أَنْعِمْ صَبَاحاً أَيُّهَا الرَّبْعُ وَاسْلَـمِ<br><br>تَبَصَّرْ خَلِيْلِي هَلْ تَرَى مِنْ ظَعَائِـنٍ<br><br>تَحَمَّلْـنَ بِالْعَلْيَاءِ مِنْ فَوْقِ جُرْثُـمِ<br><br>جَعَلْـنَ القَنَانَ عَنْ يَمِينٍ وَحَزْنَـهُ<br><br>وَكَـمْ بِالقَنَانِ مِنْ مُحِلٍّ وَمُحْـرِمِ<br><br>عَلَـوْنَ بِأَنْمَـاطٍ عِتَاقٍ وكِلَّـةٍ<br><br>وِرَادٍ حَوَاشِيْهَـا مُشَاكِهَةُ الـدَّمِ<br><br>وَوَرَّكْنَ فِي السُّوبَانِ يَعْلُوْنَ مَتْنَـهُ<br><br>عَلَيْهِـنَّ دَلُّ النَّـاعِمِ المُتَنَعِّــمِ<br><br>بَكَرْنَ بُكُورًا وَاسْتَحْرَنَ بِسُحْـرَةٍ<br><br>فَهُـنَّ وَوَادِي الرَّسِّ كَالْيَدِ لِلْفَـمِ<br><br>وَفِيْهـِنَّ مَلْهَـىً لِلَّطِيْفِ وَمَنْظَـرٌ<br><br>أَنِيْـقٌ لِعَيْـنِ النَّـاظِرِ المُتَوَسِّـمِ<br><br>كَأَنَّ فُتَاتَ العِهْنِ فِي كُلِّ مَنْـزِلٍ<br><br>نَـزَلْنَ بِهِ حَبُّ الفَنَا لَمْ يُحَطَّـمِ<br><br>فَـلَمَّا وَرَدْنَ المَاءَ زُرْقاً جِمَامُـهُ<br><br>وَضَعْـنَ عِصِيَّ الحَاضِرِ المُتَخَيِّـمِ<br><br>ظَهَرْنَ مِنْ السُّوْبَانِ ثُمَّ جَزَعْنَـهُ<br><br>عَلَى كُلِّ قَيْنِـيٍّ قَشِيْبٍ وَمُفْـأَمِ<br><br>فَأَقْسَمْتُ بِالْبَيْتِ الذِّي طَافَ حَوْلَهُ<br><br>رِجَـالٌ بَنَوْهُ مِنْ قُرَيْشٍ وَجُرْهُـمِ<br><br>يَمِينـاً لَنِعْمَ السَّـيِّدَانِ وُجِدْتُمَـا<br><br>عَلَى كُلِّ حَالٍ مِنْ سَحِيْلٍ وَمُبْـرَمِ<br><br>تَدَارَكْتُـمَا عَبْسًا وَذُبْيَانَ بَعْدَمَـا<br><br>تَفَـانَوْا وَدَقُّوا بَيْنَهُمْ عِطْرَ مَنْشَـمِ<br><br>وَقَدْ قُلْتُمَا إِنْ نُدْرِكِ السِّلْمَ وَاسِعـاً<br><br>بِمَالٍ وَمَعْرُوفٍ مِنَ القَوْلِ نَسْلَـمِ<br><br>فَأَصْبَحْتُمَا مِنْهَا عَلَى خَيْرِ مَوْطِـنٍ<br><br>بَعِيـدَيْنِ فِيْهَا مِنْ عُقُوقٍ وَمَأْثَـمِ<br><br>عَظِيمَيْـنِ فِي عُلْيَا مَعَدٍّ هُدِيْتُمَـا<br><br>وَمَنْ يَسْتَبِحْ كَنْزاً مِنَ المَجْدِ يَعْظُـمِ<br><br>تُعَفِّـى الكُلُومُ بِالمِئينَ فَأَصْبَحَـتْ<br><br>يُنَجِّمُهَـا مَنْ لَيْسَ فِيْهَا بِمُجْـرِمِ<br><br>طرفة بن العبد<br><br>لِخَـوْلَةَ أطْـلالٌ بِبُرْقَةِ ثَهْمَـدِ<br><br>تلُوحُ كَبَاقِي الوَشْمِ فِي ظَاهِرِ اليَدِ<br><br>وُقُـوْفاً بِهَا صَحْبِي عَليَّ مَطِيَّهُـمْ<br><br>يَقُـوْلُوْنَ لا تَهْلِكْ أسىً وتَجَلَّـدِ<br><br>كَـأنَّ حُـدُوجَ المَالِكِيَّةِ غُـدْوَةً<br><br>خَلاَيَا سَفِيْنٍ بِالنَّوَاصِـفِ مِنْ دَدِ<br><br>عَدَوْلِيَّةٌ أَوْ مِنْ سَفِيْنِ ابْنَ يَامِـنٍ<br><br>يَجُوْرُ بِهَا المَلاَّحُ طَوْراً ويَهْتَـدِي<br><br>يَشُـقُّ حَبَابَ المَاءِ حَيْزُومُهَا بِهَـا<br><br>كَمَـا قَسَمَ التُّرْبَ المُفَايِلَ بِاليَـدِ<br><br>وفِي الحَيِّ أَحْوَى يَنْفُضُ المَرْدَ شَادِنٌ<br><br>مُظَـاهِرُ سِمْطَيْ لُؤْلُؤٍ وزَبَرْجَـدِ<br><br>خَـذُولٌ تُرَاعِـي رَبْرَباً بِخَمِيْلَـةٍ<br><br>تَنَـاوَلُ أطْرَافَ البَرِيْرِ وتَرْتَـدِي<br><br>وتَبْسِـمُ عَنْ أَلْمَى كَأَنَّ مُنَـوَّراً<br><br>تَخَلَّلَ حُرَّ الرَّمْلِ دِعْصٍ لَهُ نَـدِ<br><br>سَقَتْـهُ إيَاةُ الشَّمْـسِ إلاّ لِثَاتِـهِ<br><br>أُسِـفَّ وَلَمْ تَكْدِمْ عَلَيْهِ بِإثْمِـدِ<br><br>ووَجْهٍ كَأَنَّ الشَّمْسَ ألْقتْ رِدَاءهَا<br><br>عَلَيْـهِ نَقِيِّ اللَّـوْنِ لَمْ يَتَخَـدَّدِ<br><br>وإِنِّي لأُمْضِي الهَمَّ عِنْدَ احْتِضَارِهِ<br><br>بِعَوْجَاءَ مِرْقَالٍ تَلُوحُ وتَغْتَـدِي<br><br>أَمُـوْنٍ كَأَلْوَاحِ الإِرَانِ نَصَأْتُهَـا<br><br>عَلَى لاحِبٍ كَأَنَّهُ ظَهْرُ بُرْجُـدِ<br><br>جُـمَالِيَّةٍ وَجْنَاءَ تَرْدَى كَأَنَّهَـا<br><br>سَفَنَّجَـةٌ تَبْـرِي لأزْعَرَ أرْبَـدِ<br><br>تُبَارِي عِتَاقاً نَاجِيَاتٍ وأَتْبَعَـتْ<br><br>وظِيْفـاً وظِيْفاً فَوْقَ مَوْرٍ مُعْبَّـدِ<br><br>تَرَبَّعْتِ القُفَّيْنِ فِي الشَّوْلِ تَرْتَعِي<br><br>حَدَائِـقَ مَوْلِىَّ الأَسِـرَّةِ أَغْيَـدِ<br><br>تَرِيْعُ إِلَى صَوْتِ المُهِيْبِ وتَتَّقِـي<br><br>بِذِي خُصَلٍ رَوْعَاتِ أَكْلَف مُلْبِدِ<br><br>كَـأَنَّ جَنَاحَيْ مَضْرَحِيٍّ تَكَنَّفَـا<br><br>حِفَافَيْهِ شُكَّا فِي العَسِيْبِ بِمِسْـرَدِ<br><br>فَطَوْراً بِهِ خَلْفَ الزَّمِيْلِ وَتَـارَةً<br><br>عَلَى حَشَفٍ كَالشَّنِّ ذَاوٍ مُجَدَّدِ<br><br>لَهَا فِخْذانِ أُكْمِلَ النَّحْضُ فِيْهِمَا<br><br>كَأَنَّهُمَـا بَابَا مُنِيْـفٍ مُمَـرَّدِ<br><br>وطَـيٍّ مَحَالٍ كَالحَنِيِّ خُلُوفُـهُ<br><br>وأَجـْرِنَةٌ لُـزَّتْ بِرَأيٍ مُنَضَّـدِ<br><br>كَأَنَّ كِنَـاسَيْ ضَالَةٍ يَكْنِفَانِهَـا<br><br>وأَطْرَ قِسِيٍّ تَحْتَ صَلْبٍ مُؤَيَّـدِ<br><br>لَهَـا مِرْفَقَـانِ أَفْتَلانِكَأَنَّمَـا