تقوم الحضارة الحديثة على مبدأ الفردانية، لكننا وفي ظل هذه الحضارة ذاتها مجبرون على تطوير مهارة العمل الجماعي، صحيح أن هناك من ينافح عن وجهة نظر مفادها أن العمل الفردي أهم من العمل الجماعي.

ومن دون الخوض في جدالات نظرية متشعبة، يكفي أن نقول: حتى وإن كانت هذه النظرية صائبة فإن هذا لا ينفي أن مهارة العمل الجماعي مفيدة، بل في بعض الأحيان وفي بعض الوظائف تكون محتمة.

إذًا ليس هدفنا هنا الانتصار للعمل الجماعي على حساب العمل الفردي، ولا حتى تعداد مآثره، وإنما فقط الإشارة إلى الطريق التي يمكن من خلالها تعزيز هذه المهارة وصقلها.

تنمية مهارة العمل الجماعي

ويرصد «رواد الأعمال» أهم العوامل التي تسهم في تنمية مهارة العمل الجماعي وذلك على النحو التالي..

• تحديد الأهداف

عن طريق العمل الجماعي يسعى جميع الأفراد إلى تحقيق هدف واحد عام مشترك، ذاك هو جوهر القضية، لكن طرحًا بهذا الشكل قد يكون مغرقًا في المثالية، فقد يقول قائل: ما الفائدة التي ستعود عليّ إن تحقق هذا الهدف المشترك؟

المؤكد أن تحقيق الهدف العام للشركة ينطوي على مكاسب للجميع، وتتناسب المكاسب طرديًا مع مستوى الناس في الإدارة ومواقعهم في التراتب الوظيفي. لكن هل هذا كل شيء؟ مؤكد أيضًا أنه لا.

فعندما تنخرط في إنجاز هدف عام مشترك يجب عليك أن تفكر في تحقيق هدف شخصي لك، تنجزه خلال انخراطك في العمل الجماعي ذاك. هذا الهدف الشخصي أحد أهم العوامل التي تعينك على تنمية مهارة العمل الجماعي.

• توضيح الأدوار

لو لم يعرف كل واحد من أعضاء الفريق دوره المنوط به بدقة ووضوح فسوف يتحول العمل الجماعي إلى نوع من الفوضى.

لذا؛ إذا أردت أن تعزز مهارة العمل الجماعي لديك أو حتى لدى مرؤوسيك وأعضاء فريق فلزامًا عليك أن تبين لكل واحد _أو حتى لنفسك_ الدور المطلوب منه بدقة ووضوح؛ فمن شأن هذا أن ييسر على الجميع إنجاز المهام المختلفة، كما أنه يصنع حالة من الانتظام في سير العمل.

• العقلية الإيجابية

حتى أفضل فرق العمل وأكثرها كفاءة ستواجه، لا محالة، العديد من المشاكل، وهنا تأتي أهمية العقلية الإيجابية كأحد تلك العوامل التي تساعدك في تطوير وتعزيز مهارة العمل الجماعي.

فحين تفكر بإيجابية فسوف يشعر أفراد فريقك بأنهم قادرون على مواجهة وتخطي المشكلات التي تعترض طريقهم، والعكس أيضًا صحيح.

• إدارة الوقت بكفاءة

أكثر ما يخيف في العمل الجماعي أن النتيجة النهائية مرتهنة بعمل الجميع؛ وبالتالي فإن أداء واجبك على النحو الأمثل متوقف على أداء بقية الأشخاص العاملين معك.

ومن هنا تنبع أهمية إدارة الوقت بكفاءة؛ فإذا لم يتمكن فريق العمل ككل أو كل على حدة من إدارة وقته بكفاءة وفعالية فسوف يعم التقصير، وتتأثر في النهاية النتيجة التي يسعى الجميع إلى تحقيقها.

• المكافأة والتحفيز

ما الذي يضمن لك كقائد فريق استمرار جذوة الشغف متقدة لدى الجميع؟ لا شيء سوى التحفيز الدائم، والمكافأة على الإنجازات حتى ولو كانت صغيرة؛ فمن خلال هذا ستضمن صقل وتطوير مهارة العمل الجماعي لدى الجميع.

بل إنك بهذا الصنيع ستدفعهم إلى فعل المزيد، وإلى تعزيز التعاون والتواصل فيما بينهم.

• الأنشطة الجماعية

هناك طريقة أخرى لتعزيز مهارة العمل الجماعي خارج غرفة الاجتماعات أو الفصل الدراسي وهي الأنشطة الخارجية.

ومن هذه الأنشطة _على سبيل المثال_ التدريب الجماعي والذي هو ليس أكثر من مجرد فكرة واحدة للمساعدة في تعزيز العمل الجماعي. فالتمرين يساهم في تدريب العقلية الإيجابية ويتطلب أيضًا وجود الحافز، مثل العمل تمامًا.

• قواعد الفريق وأهدافه

على الرغم أنه من المهم أن يشعر الناس بالحرية في مشاركة آرائهم والتحدث بصراحة مع بعضهم البعض في فريق، إلا أنه لا تزال هناك حاجة إلى بعض القواعد الإرشادية.

وبصفتك مديرًا أو قائدًا يعود الأمر إليك لإنشاء هذه العناصر ومشاركتها مع الفريق، فليس متوقعًا أن ينجح عمل جماعي لم يعرف أفراده ما الهدف الذي يعملون من أجله، أو حتى إذا لم يكونوا مقتنعين بهذا الهدف.