أرهقك منافسوك؟ المنافسة أصبحت شرسة؟ حصتك السوقية تقل يومًا بعد آخر؟ تعاني من أجل البقاء في السوق؟ إذا كانت إجاباتك بنعم على كل ما سبق، فاعلم أن مزيدًا من الوقت يعني ربما خروجك من السوق، على الرغم من أنه بإمكانك أن تقلب الطاولة رأسًا على عقب، وأن تحلق عاليًا خارج السرب وتغرد منفردًا بين منافسيك وتحقق مزيدًا من الأرباح.
يرتكب المديرون التنفيذيون خطأً كبيرًا عندما يعتقدون أن المنافسة كافية لتحقيق النجاح، إن المنافسة هي جزء من الحد الأدنى اللازم للبقاء، أما النجاح فيحتاج إلى المضي إلى ما هو أبعد من المنافسة.. إلى ما فوق المنافسة. إذا كان هناك شخصان يشدان حبلًا ما من طرفيه فاِن بذل جهد كبير على طرفي الحبل لا يعني أن الحبل سوف يتحرك، مما يعني أن الشركات قد تبذل جهدًا كبيرًا في التنافس فيما بينها لكن النتيجة النهائية قد تكون حفاظ كل شركة على حصتها في السوق.
إن الهدف من المنافسة هو نفع المستهلك بتخفيض الأسعار أو رفع الجودة، حيث يستطيع القادمون بأفكار أفضل أو أسعار أرخص أو نوعية أجود أن يدخلوا مجال المنافسة مع الآخرين، إذن تؤدي المنافسة إلى الكثير من المنافع. لكن المنافسة مصمَّمة من أجل نفع الاقتصاد بشكل عام ومن أجل المستهلك بشكل خاص، ولا ينال المنتِجون إلا جزءًا صغيرًا من المنفعة إذ أنهم مطالبون بمزيد من الإنتاج والكفاءة لكن فوائد ذلك لا تؤدي إلى مزيد من الأرباح، إنما فقط ما يضمن لهم البقاء.
إن احتكارات القيمة تهدف إلى منفعة المنتِجين والمستهلكين على حد سواء، ولذا فقد ابتعدت معظم الدول المتقدمة عن اقتصاديات المحافظة على البقاء واتجهت إلى اقتصاديات القيمة.. أي ابتعدت عن الاقتصاديات القائمة على المنافسة إلى الاقتصاديات القائمة على ما فوق المنافسة.
هناك طرق عديدة لاحتكار القيمة، والتي تعد السبيل الأمثل إلى ما فوق المنافسة، فلنستعرض بعضًا منها.
1- التفرد المادي
هناك لوحة «موناليزا» واحدة في العالم، لذا فاِن الأعمال التي تُبنى على الفن واقتناء الأشياء القديمة إنما تُبنى على التفرد المادي. هناك مدينة «بندقية» واحدة في العالم وهي تُعَد أجمل مدينة في العالم، وهذا مثال آخر على التفرد المادي ألا وهو تفرد الموقع.
إن التفرد المادي – رغم ندرته – إلا أنه إن وُجد وأُحسن استغلاله، فإنه يعد القيمة الأهم على الإطلاق، حيث لا تدانيه قيمة أخرى.
2- التفرد الفكري
إن الدخل الذي حققته «جوان رولينج» من تأليف رواية «هاري بوتر» يبلغ أكثر من مليار دولار (تقديرًا)، جاء القسم الأكبر منها من ترخيص استعمال الاسم «هاري بوتر» في الأفلام والألعاب والبطاقات وغير ذلك، حيث تُقَدَر القيمة المالية للعلامة التجارية «هاري بوتر» بأكثر من 15 مليار دولار، مما جعلها أكثر كاتبة اغتنت مما خطته يداها في التاريخ.
إنك إذا نظرت حولك فستجد أن كل ما تستخدمه في حياتك اليومية من أجهزة أو أدوات إنما بدأ بفكرة، إن الأفكار هي المعين الذي لا ينضب والمصدر المتجدد للتفرد، إن مواقع مثل «على بابا» و«فيسبوك» – والتي تجني أرباحًا بالمليارات اليوم – ما هي في الأساس إلا فكرة.
3- التفرد التكنولوجي
إن نجاح شركات مثل مايكروسوفت وأوراكل يرجع بشكل أساسي إلى التفرد التكنولوجي، إن الحرب المشتعلة الآن بين العملاقين سامسونج وأبل في مجال الهواتف المحمولة تعكس مدى أهمية وقيمة التكنولوجيا في المنافسة.
وعلى الجانب الآخر، تجد أن شركة «نوكيا» والتي كانت تعد الشركة الأبرز والأكبر في مجال الهواتف المحمولة في أوائل هذا القرن، تجدها الآن تخرج من السوق بعد أن تم بيعها إلى مايكروسوفت، وذلك بسبب تخلفها الواضح عن الركب التكنولوجي وعدم مواكبة منافسيها.
4- السيطرة
عندما تمتلك حصة كبيرة من السوق، وعندما تتفرد بتصنيع مُنتَج لا يُنتجه سوى القليلين، وعندما يخلو السوق من منافسة حقيقية، وعندما يصعب دخول منافس جديد نظرًا للتكلفة الضخمة لتلك الصناعة، إذن فأنت فوق المنافسة، وتسيطر على السوق وتتحكم فيه، وأنت بالفعل تحلق بعيدًا عاليًا فوق كل منافسيك.
ينطبق هذا الأمر على شركة بوينج التي تسيطر على صناعة الطائرات. إن نجاح التصميمات الجيدة أعطى الشركة هذا الوضع. إن دفاتر الطلبات مليئة لعدة سنوات إلى الأمام. هناك منافسة متزايدة من شركة إيرباص لكن هذه الشركة ما زال أمامها الكثير أمام شركة بوينج.
5- التخصص
في الوقت الذي عانت فيه تجارة التجزئة في الولايات المتحدة الأمريكية من التوسع الزائد، وأغلقت فيه معظم الشركات العديد من فروعها، كانت شركة «إيدي بوير» تفتح مزيدًا من المحلات، وكان السر يكمن في أن الشركة تركز على الملابس الخفيفة التي يميل الناس إلى شرائها لأنها أقل تأثرًا بتبدلات الموضة، وبالتالي تلبس لفترة أطول، كما أنها كانت تركز على الأزواج الذين في الأربعينيات من عمرهم.
إن التخصص والتركيز على مُنتَجات معينة كان دائمًا طريقة لتحقيق ما فوق المنافسة، إن ذلك يعطي الشركة بداية جيدة على الأقل، حتى لو دخل الآخرون في نفس المجال ستظل هناك ميزة أولية بشرط أن تحافظ الإدارة على الجودة.