تعرف على ناصر القحطاني: إطلاق صندوق للتمويل غير المباشر يدعم القطاع الخاص

الكاتب: وسام ونوس -
تعرف على ناصر القحطاني: إطلاق صندوق للتمويل غير المباشر يدعم القطاع الخاص

 

 

تعرف على ناصر القحطاني: إطلاق صندوق للتمويل غير المباشر يدعم القطاع الخاص

 

على الرغم من أن جائحة كورونا أحدثت أضرارًا بالغة بالاقتصاد العالمي، وأصابت بعض القطاعات في مقتل، وأدت إلى تباطؤ النمو بصورة لم تشهدها حِقب الحروب الكبرى، فإن هذه الأزمة وفرت بيئة ملائمة لتصاعد “الشمول المالي”، فأصبح هذا المفهوم هو الأكثر اتساقًا مع الظروف المستجدة وبالتالي الأكثر تطبيقًا في ظل الإجراءات الصارمة التي اتخذتها الدول وأدت إلى تقييد حركة البشر وإغلاق الأسواق، فأصبحت تطبيقات الشمول المالي هي التي تتسيد الحراك الاقتصادي.

ناصر القحطاني

فما هو الشمول المالي.. هذا المفهوم الذي فرض نفسه وقدم آلياته لتكون حلولًا عملية للتعامل مع تداعيات “كورونا”، وما أدته المملكة العربية السعودية من التوظيف التنموي لتطبيقات هذا المفهوم، خاصة في ظل “رؤية المملكة 2030” وبرامج التحول الوطني الواعدة؟

قدم ناصر القحطاني؛ المدير التنفيذي لأجفند (برنامج الخليج العربي للتنمية)، إيضاحات شاملة وعميقة عن الشمول المالي والمفاهيم الاقتصادية والتنموية التي يعكسها.

فالشمول المالي في أبسط تعريفاته هو وصول الأفراد والأعمال للمنتجات في الخدمات المالية يطريقة موثقة. وهذا التعريف الذي يستبطن معان عديدة عبر عنه “القحطاني” في المحاضرة الإلكترونية التي قدمها عبر موقع ” إثرائي” التابع لمعهد الإدارة العامة في الرياض.

“رواد الأعمال” تعرض خلاصات من المحاضرة التي تمحورت حول ” الشمول المالي والتنمية المستدامة في ظل جائحة كورونا” ، واستقطبت اهتمام تنمويين واقتصاديين من داخل المملكة العربية السعودية وخارجها.

“معظم التغيرات والتحولات التي شهدها العالم منذ ظهور “كوفيد-19” تصب في صالح الشمول المالي، وتعزز المكاسب التي يحققها هذا المفهوم منذ عقدين عندما تجلت حلوله التي تناسب العصر ومستجداته”، بهذه العبارات القاطعة يشير “القحطاني” إلى أن التعاملات المالية في مرحلة ما بعد ” كورونا” محسومة لصالح الشمول المالي، الذي يقوم في أساسه على “الاقتصاد الرقمي”.

وأوضح أن ما عجزت عنه شركات القطاع الخاص في زيادة تبني المجتمع للحلول الذكية بشأن المدفوعات عجلّت به جائحة كورونا باعتبارها أتاحت فرصًا لنمو الحلول الذكية وانضمام مزيد من الأشخاص إلى الاقتصاد الرقمي، مشيرًا إلى استطلاع إلكتروني أجرته “الأمم المتحدة” كشف عن أن المؤسسات تتولى -بصورة واضحة- تسريع وتكثيف استخدام الحلول الرقمية من أجل تعويض صعوبة انتقال فرق عمل المبيعات وتنظيم المدفوعات النقدية بسبب الجائحة؛ حيث تبين أن 68% من المشاركين في الدراسة يستخدمون المزيد من الخدمات الرقمية لممارسة أنشطتهم عن بُعد.

ويستند “القحطاني” في استنتاجاته بشأن مستقبل الشمول المالي إلى حقائق من التجربة التي يقودها “أجفند”، وهو “البرنامج الذي تعاونت المملكة ودول الخليج العربي في تأسيسه عام 1980 بمبادرة من الراحل صاحب السمو الملكي الأمير طلال بن عبد العزيز”، بتأسيس بنوك متخصصة في التمويل الأصغر المحقق للشمول المالي. تمارس نشاطاتها في المنطقة العربية، وتقدم منتجات يعتمد تحقيقها على توفير الشمول المالي، بمعنى قدرة العملاء على الوصول للخدمات البنكية (الحسابات البنكية والادخار والتحويل والدفع الإلكتروني)، وكل ما ييسر لغير القادرين وغير المشمولين الاندماج في النظام المالي؛ وبذلك يمكن قياس كفاءة الشمول المالي في توفير منتجات تلبي احتياجات الشرائح المستهدفة.

وإجابة عن السؤال: من أين تنبع أهمية الشمول المالي؟ يوضح أن هذه الآلية بتطبيقاتها المزدوجة تعكس نفسها في الإسهام الإيجابي في صنع فرص عمل جديدة، الأمر الذي يؤدي الى تحقيق النمو الاقتصادي والاجتماعي المستدام، وبالتالي خفض معدلات البطالة وتحسين الدخل ورفع مستوى المعيشة. ووصول التمويل والخدمات المالية لكل فئات المجتمع وقطاعات الأعمال له دور فعال في محاربة مشكلة البطالة على المديين القصير والمتوسط، وتحقيق النمو الاقتصادي الأكثر شمولًا، الذي يمثل الهاجس الأكبر للسياسات الاقتصادية.

وعرض “القحطاني” ملمحًا من واقع الشمول المالي في المملكة، لافتًا إلى أن هذا المفهوم حقق تطورًا نوعيًا، وقفز من 51% في عام 2011 إلى 72% في 2017، وتصاعد إلى 80% في 2020؛ وذلك نتيجة للعديد من المبادرات. والمملكة في مقدمة دول الشرق الأوسط من حيث الحسابات البنكية للسكان؛ إذ بلغت النسبة 87%، فيما على صعيد العالم العربي فإن 37% فقط هم من يملكون حسابات مصرفية. بالإضافة إلى ذلك فالتمويل المقدم للشركات الصغيرة والمتوسطة بلغ 6% في عام 2019، بزيادة ثلاث أضعاف مقارنة بما كانت عليه (2%) في عام 2017م، وما كان ذلك ليتحقق لولا برامج التمويل المالي الرقمي لرؤية المملكة 2030.

ورأى أن النتائج النهائية للشمول المالي في المملكة جيدة، غير أنه يحتاج إلى تحسين أكثر للتنسيق وتوحيد الجهود القائمة لدعم هذا المفهوم عبر التمويل متناهي الصغر عن طريق القطاع الخاص، ومن هذا المنطلق فهذه الصناعة لا تزال في مراحلها الأولية. فالمؤسسات المتخصصة في المجال محدودة؛ ولذلك فإن التنافسية غائبة، كما أن معظم القروض متناهية الصغر تدخل في نطاق الإقراض المدعوم (القروض الحسنة). فالبيئة تحتاج إلى تطوير شامل يستحضر القدرات الهائلة الكامنة في الشمول المالي.

وبالاستناد إلى هذه المعطيات وبالنظر لما أفضت إليه جائحة كورونا من تحولات أقنعت معظم دول العالم بجدوى هذه الآلية، خلص “القحطاني” إلى عدد من المقترحات للنهوض بالشمول المالي في المملكة؛ وهي:

-دعم القدرات الإنتاجية والإدارية للشركات لتعزيز استجابتها للظروف الطارئة؛ من خلال تمكينها من العمل “عن بُعد” عن طريق أتمتة عملياتها وأنشطتها، الأمر الذي يعزز مرونة الشركات في مواجهة التحديات.

-تعزيز مساهمة الشركات ورياديي الأعمال في التجارة الإلكترونية، إضافة إلى تصميم نظام توصيل فعال، الأمر الذي يعزز قاعدة عملاء الشركات ويسهل وصولها الى زبائن أكثر، وفي مناطق جغرافية مختلفة.

-تأسيس صندوق للتمويل غير المباشر (APEX) بهدف تحفيز القطاع الخاص؛ حيث سيعزز الصندوق إقراض المشاريع متناهية الصغر والصغيرة من خلال تقديم قروض ذات تكلفة مقبولة لشركات التمويل التي تقدم بدورها حلولًا تمويلية وقروضًا بمميزات تنافسية للشركات متناهية الصغر والصغيرة ورواد الأعمال. وتنويع مصادر الدعم المالي، ووضع السياسات والمعايير لتمويل المشروعات، إضافة إلى استحداث منصات وأدوات تمويلية تحتاجها الشركات، والصندوق سوف يستهدف القطاعات الأقل حظًا في التمويل، مثل قطاع صغار المزارعين، قطاع الحرفيين وقطاع رياض الأطفال والحضانات.

وتابع: في ضوء الحقائق الماثلة ومعطيات العصر التقني، وبالنظر إلى التدابير الدولية التي اُتخذت لمواجهة كورونا فالمتوقع أن يكون من مخرجات الجائحة:

– تعاظم دور التقنيات الحديثة، خاصةً الذكاء الاصطناعي في جميع القطاعات،

– بلورة عالم جديد تقوده مجموعة العشرين،

– التركيز على تحقيق التنمية المستدامة. والمملكة باستراتيجيتها التنموية الطموحة (رؤية المملكة 2030) ذات السقوف العالية قادرة على أن تجعل من الشمول المالي ذراعًا تنموية يعزز الآليات التي تُستحدث ضمن برامج التحول الوطني.

ولعل دور الشمول المالي في معالجة هذه الهواجس الاقتصادية والتنموية التي تتصدر اهتمامات الدول نلحظه فيما توصلت إليه الدراسات من أن قطاع المشاريع متناهية الصغر والصغيرة والمتوسطة والناشئة مسؤول عن توفير 80% من كل فرص العمل المستحدثة في الاقتصاد (4 من كل 5 فرص عمل جديدة يتم توفيرها). وتكشف الإحصاءات عن أن هذا القطاع يشكل أكثر من 95% من الشركات. ووفقًا لصندوق النقد الدولي فإن تعزيز الشمول المالي للمشاريع الصغيرة والمتوسطة سيؤدي الى تعزيز النمو الاقتصادي السنوي بنسبة 1%، وبالتالي توليد 15 مليون وظيفة جديدة في العالم العربي بحلول عام 2025.

ومثلّت المحاضرة، بما طرح فيها “القحطاني” من معلومات تاريخية وتثقيفية، فيضًا معرفيًا من التعريف بالشمول المالي الذي ينحو إليه العالم بخطى حثيثة تحفزها التطورات التقنية التي أنهت ما كان يعرف بـ “المناطق النائية والمنقطعة” وحققت مفهوم “العالم القرية”.

وبعد أن كان الشمول المالي للمؤسسات المالية خيارًا صعب التحقق، أصبح واقعًا مؤثرًا في اقتصادات الدول وفي تشكيل الخارطة المجتمعية؛ بما يحدثه من فروق في المستويات المعيشية، وهو اليوم يسهم في تحقيق ثمانية من الأهداف الـ 17 التي تشكل أجندة التنمية المستدامة، كما تعتمد مجموعة العشرين “G20” الشمول المالي دعامة أساسية لاستدامة التنمية

 

شارك المقالة:
233 مشاهدة
هل أعجبك المقال
0
0

مواضيع ذات محتوي مطابق

التصنيفات تصفح المواضيع دليل شركات العالم
youtubbe twitter linkden facebook