يُعتبر التمويل من أعسر مشكلات رواد الأعمال، لكنه على الرغم من ذلك ليس المشكلة الوحيدة، فالعثور على المستثمر الأنسب لمشروعك أكثر تعقيدًا من مجرد الحصول على ممول لديه الملاءة المالية للدفع.
إننا ندرك بالطبع أن هناك الكثير من الجهود، الحكومية والخاصة، التي تسعى إلى تسهيل حصول رواد الأعمال على التمويل، لكن مهمة العثور على المستثمر الأنسب لمشروعك تقع على عاتقك أنت، كرائد أعمال، وحدك.
ولك أن تعلم بأن الممول غير المناسب أو غير المتوافق من أهدافك وطموحاتك للمشروع قد يكون معرقلًا أكثر من كونه حافزًا ودافعًا لك لكي تسير إلى الأمام. من هنا كان من المهم أن تفكر، بالتزامن مع التفكير في كيفية الحصول على مصدر رأس المال، في العثور على المستثمر الأنسب لمشروعك.
وطالما أن الوصول إلى المستثمر الأنسب لمشروعك على هذا القدر من الأهمية فسوف يحاول «رواد الأعمال» اقتراح بعض الطرق التي تساعدك في العثور عليه، وذلك على النحو التالي..
كنا تناولنا في مقال سابق «مصادر تمويل رواد الأعمال» والتي تتراوح ما بين: المستثمرين الملائكة، والمستثمرين المغامرون، ومنصات التمويل الجماعي، وحتى الأسرة والأصدقاء وغيرها من مصادر رأس المال.
سوى أن الإلمام بهذه المصادر ليس سوى الخطوة الأولى؛ إذ يتعين عليك بعد ذلك فحص كل مصدر على حدة، ومعرفة نقاط ضعف وقوة كل واحد منها، على أن تقوم، في الخطوة التالية، بتحديد أكثرها توافقًا مع الأهداف التي تبغي من المشروع أن يحققها في إطار زمني محدد.
ومن العوامل التي تحكمك في اختيار مصدر التمويل المناسب أو بالأحرى تحديد المستثمر الأنسب لمشروعك هو مقدار المال الذي أنت بحاجة إليه، فإذا كنت، على سبيل المثال، بحاجة إلى قدر كبير من المال فلا شك أن أموال أسرتك وأصدقائك لن تكون الخيار الأمثل بالنسبة لك.
الآن تأتي الخطوة التالية في رحلة الحصول على المستثمر الأنسب لمشروعك؛ فبعد أن حصرت مصادر التمويل المتاحة أمامك، آن الأوان لتجلس إلى كل ممول من هؤلاء الممولين، وتفهم عن كثب ما يفضلونه، وما هي المجالات التي يركزون على الاستثمار فيها.
ومن خلال هذه العملية سيكون بإمكانك قياس تفضيلاتك الشخصية وأهداف مشروعك وتناسبها مع تفضيلات المستثمرين أو الممولين المحتملين أولئك، وكلما كان مجال اهتمامهم أقرب إلى المشروع كان التعامل معهم أنجح، وتمكنت من العثور على المستثمر الأنسب لمشروعك بشكل ناجح.
ومن المهم أيضًا أن تعرف ماذا يمكن لكل ممول من هؤلاء الممولين المحتملين أن يقدمه، على أن تحدد أنت أولًا ماذا ترغب منهم، ووقتها سيكون سهلًا العثور على المستثمر الأنسب لمشروعك.
تلك مرحلة صعبة وتتطلب جهدًا مضنيًا، فقد يكون المستثمر الأنسب لمشروعك غير مستعد للمغامرة بأمواله في مشروع كمشروعك، أو ليس لديه الحافز الكافي لفعل ذلك، بمعنى أن العثور على مصدر التمويل المناسب لا يعني كون هذا المصدر موافقًا على وضع أمواله في المشروع.
وبالتالي فإن المهمة الأساسية التي يتوجب عليك كرائد أعمال النهوض بها هي إقناع المستثمر المناسب بجدوى مشروعك من الأساس.
وعلى الرغم من صعوبة هذه الخطوة إلا أنها تنطوي على مكاسب جانبية جمة؛ منها على سبيل المثال: دفعك إلى فهم مشروعك على نحو جيد، ومعرفة القيمة المضافة التي يوفرها، ناهيك عن أنها تمنحك الفرصة للتحدث عن المشروع بشكل أجود في كل مرة، وبالتالي ترتفع ثقتك في نفسك وفي مشروعك.
غاية ما نبغي قوله هنا إن العثور على المستثمر الأنسب لمشروعك يستلزم إعداد عرض تقديمي على قدر كبير من الإتقان والحبك؛ فمن خلال هذا العرض سوف تجيب عن كل أسئلة المستثمر المحتمل الذي تبغي إقناعه ليس هذا فحسب، بل إقناعه بجدوى المشروع، ومدى تعقيد المشكلة التي يتعرض لحلها، علاوة على _وهذه أهم نقطة تقريبًا_ إمكانية الحصول على الربح من خلاله.
ففي النهاية لا يبغي أي مستثمر المغامرة بأمواله، ولا حتى الحصول على قدر ضئيل من الربح اللهم إلا إذا كان هذا الربح مستدامًا. وإذا اتبعت هذه الخطوات ونجحت فيها واحدة تلو الأخرى فسيكون بإمكانك، في نهاية المطاف، العثور على المستثمر الأنسب لمشروعك، ومن ثم تبدأ جولة أخرى من جولات ريادة الأعمال، وهي تلك الخاصة بتوظيف هذه الأموال التي حصلت عليها لتوك التوظيف الأمثل.
العربية
