” الإرادة تصنع المستحيل”، شعار يمكن اتخاذه عنوانًا لقصة نجاح هيلين كيلر؛ الطفلة التي فقدت حواسها وهي رضيعة، لكنها نجحت بإرادتها في تغيير حياتها؛ إذ قدمت للعالم قدوة على أن الإعاقة الحقيقية، هي إعاقة الفكر وليس إعاقة الجسد.
رحلة شاقة، تلك التي قطعتها هيلين كيلر من الطفولة؛ حتى أصبحت أشهر كاتبة أمريكية، فكيف كانت رحلتها؟
بداية صعبة
ولدت كيلر- التي ينحدر والداها من أصول ألمانية- بصحة جيدة في 27 يونيو 1880 بولاية ألاباما الأمريكية، في عائلة ثرية أفرطت في تدليلها. وبعد 19 شهرًا من مولدها، أصيبت بحمَّى شديدة شخَّصها الأطباء بالتهاب سحائي؛ ما أسفر عن فقدها السمع والبصر، لكنها تعلمت لغة الإشارة من مارثا- نجلة طباخة المنزل- لتتمكن من التواصل مع العالم الخارجي.
هيلين تتعلم الكلام
حرص والد هيلين على تعليمها، فنصحه صديقه جراهام بل؛ مخترع الهاتف، بأن يوكل مهمة تعليمها للمعلمة آن سوليفان. وفي البداية، اشترطت آن سوليفان أن تقيم بمنزل صغير بحديقة منزل هيلين؛ حتى نجحت في تعليمها الكثير خلال عام؛ فأتقنت الجغرافيا وعلم النباتات.
كان طموح هيلين يدفعها لمزيد من التعلم، فنجحت عبر معلمتها في تعلم القراءة بعدة لغات عبر لغة برايل؛ لتنجح في تعلم القراءة بأربع لغات: الفرنسية، واللاتينية، والإنجليزية، واليونانية.
الدراسة بمعهد كامبردج
بعد ذلك، اصطحبت آن سوليفان تلميذتها الماهرة هيلين، إلى معلمة تُدعي سارة فولر؛ لتعلمها الكلام، فكانت تضع يدي هيلين على شفتيها عند نطقها للكلام؛ لتقرأ بها حركة الشفاه؛ كي تستطيع تكوين جمل. ومع الوقت، بدأت هيلين تتكلم بصعوبة بالغة في البداية، ثم أصبحت تتحدث بشكل جيد مع التكرار.
وفي شبابها، التحقت هيلين كيلر بمعهد كامبردج للفتيات، ودرست الآداب والعلوم والفلسفة، والنحو، فكان صعبًا عليها في البداية استيعاب ما تدرسه، لكن بمساعدة معلمتها آن سوليفان، استطاعت أن تتخرج في الجامعة في سن الرابعة والعشرين، بدرجة الدكتوراة في العلوم والفلسفة.
بداية الشهرة
عقب تخرجها، بدأت هيلين في تنظيم حملات؛ لجمع تبرعات لمساعدة المكفوفين حول العالم، فذاع صيتها؛ حتى أصبح يُطلب منها إلقاء المحاضرات بمحافل عالمية.
وبجانب القراءة والكتابة، تعلمت هيلين السباحة، وتفصيل الملابس، ومهارات عديدة أخرى.
من أشهر أقوالها: “عندما يُغلق بابُ للسعادة، يُفتح آخر، لكن البعض منا يُصر على الوقوف أمام الباب المُغلق، دون محاولة البحث عن باب آخر”.
أشهر كاتبة
أصبحت هيلين كيلر، واحدة من أشهر الكاتبات؛ إذ ألفت 18 كتابًا من بينها: “الحب والسلام”، و”أضواء في ظلامي”، و”الخروج من الظلام”، وغيرها من الكتب، كما تُرجمت كُتبها إلى 50 لغة، وحاضرت في عشرات الجامعات حول العالم بـ4 لغات: الفرنسية والألمانية، واليونانية، واللاتينية، وجنت ثروة كبيرة، بفضل عزيمتها وإيمانها.
توفيت هيلين كيلر في يونيو 1968، بعد أن عاشت حياة حافلة بالعمل والأمل؛ لتؤكد أن المعاق ليس مَنْ فقد أطرافه أو حواسه؛ بل من يفتقد الطموح، فقد نجحت بإرادة من حديد، ودعم من معلميها في بلوغ المنزلة التي حققتها؛ لتستحق عن جدارة لقب: “سفيرة الصم، وقاهرة الإعاقة”.
الدروس المستفادة:
1-الإرادة تصنع المستحيل:
اعلم عزيزي رائد الأعمال أنَّ إرادتك هي سر قوتك، فكما كانت إرادة هيلين كيلر هي سر نجاحها وتميزها، فعليك التسلُّح بإرادة فولاذية.
2-اقبل الدعم:
اقبل الدعم من الآخرين، وتقبل المساعدة من معلميك ومُرشديك، قبل البدء بنشاطك، واستفد من خبرات من سبقوك.
3-التعلم وسيلة التقدم:
احرص على التعلم دائمًا، ولا تتوقف عن طلب العلم، فالحياة من حولك تتطور بشكلٍ كبير، يتطلب منك تطوير مهاراتك بالتبعية.