تعرف على قصة نجاح كارلوس بارابيس ملك التجارة الالكترونية الأسباني
الرجل الاسطورة “كارلوس بارابيس” الاسباني عملاق التجارة الالكترونية في اسبانيا ويطلق عليه لقب “أبو التجارة الالكترونية” أو “ملك التجارة الالكترونية” سبع سنوات من الانضباط الصارم في مدرسة النظام الداخلي علمت “كارلوس بارابيس” بأنه يريد أن يكون سيد نفسه. إذ يتذكر قائلا: “إن هذه السنوات كانت الأصعب في حياتي. وعندما خرجت من بوابة المدرسة لآخر مرة، أقسمت بأن لا أسمح لأحد مرة أخرى بأن يأمرني بشيء”.
قصة نجاح “كارلوس بارابيس” ملك التجارة الالكترونية الأسباني
أما الآن وبعد أن بلغ “بارابيس” الأربعين من عمره فإن أهم شيء حققه في حياته هو نجاحه بألا يحنث بذلك القسم. فبعد أن قام بتأسيس موقع “بارابيس دوت كوم” (Barrabes.com) في قريته المسماة “بيناسك” الواقعة في قلب جبال البرنيس، بمساعد أخيه “خوسيه” عندما كان الإثنان في أوائل العشرينيات من عمرهما، وبعد بناء هذا الموقع ليصبح موقعا شعبيا وعالميا عبر الإنترنت لبيع المعدات الخاصة بتسلق الجبال، فقد أصبح أمام “بارابيس” متسع من الوقت والمال والحرية للاستثمار أو لتقديم النصائح والمشورة إلى مجموعة من الشركات المبتدئة والتي تتخذ من الإنترنت المجال الرئيسي لنشاطها.
ويفضل “بارابيس” المشاريع التي تنظر إلى المستقبل من داخل الاتجاهات الأكبر” كما يقول، مثل تطبيقات الهاتف النقال والفيديو عبر الإنترنت والشبكات الاجتماعية التي تضم محتويات إعلانية.
كما يجد “بارابيس” نفسه مشغولا من قبل أناس يريدون أن يتعلموا من خبرته وحماسه. وقد أصبح معروفا في أروقة وقاعات المحاضرات حتى أن حذقه في مجال الأعمال استقطب هذا العام انتباه المنتدى الاقتصادي العالمي الذي أسماه واحدا من بين 200 قائدا عالميا شابا، جنبا إلى جانب شخص إسباني آخر وهو وزير الدفاع “كارمي شوسون“.
إلى جانب ذلك أقدم مصرف “بانيستو” الإسباني المعروف على الاستعانة ببارابيس لكي يصبح مستشارا لديه في الشؤون الخاصة بالأعمال الصغيرة. وعندما سئل مؤخرا في مقابلة تلفزيونية عما يقدمه بالضبط، أجاب “بارابيس” قائلا “المعرفة والخبرة والشراكة”.
تقول صحيفة الفاينانشيال تايمز في تحقيق أعدته عن حياة وأعمال رائد الأعمال “كارلوس بارابيس” إنه إذا كان النجاح قد سمح لبارابيس بأن يكون سيد نفسه، فإن هذا النجاح لم يغير من طبيعته المتواضعة. فأثناء حديث الصحيفة معه في مكتبه بمدينة هويسكا الواقعة إلى الشمال من سرقسطة، كان “بارابيس” يرتدي لباسا غير رسميا والإبتسامة لا تفارق وجهه وهو يشرح كيف أنه رأى في الإنترنت في بداية الأمر باعتباره “أفضل طريقة لبيع المعدات إلى العالم” من دون أن يكون عليه مغادرة قرية بيناسك.
كما يبدو “بارابيس” يحظى باحترام الناس الذين يتعاملون معه. إذ يقول عنه “فيرناندو برلين“، مدير موقع “ريديو كيبل دوت كوم” (Radiocable.com)، وهو موقع إسباني يتخصص في مجال الإعلام، “إن “كارلوس بارابيس” أصبح علامة فارقة لدى رواد الأعمال الإسبان في العالم الإلكتروني. فهو الأب الروحي للتجارة الإلكترونية في هذه البلاد“.
من المؤكد أن موقع “باريباس دوت كوم” لم يتأثر على الإطلاق طوال فترة الركود الاقتصادي الأخيرة، وخصوصا وأن هذا الموقع متوجه لخدمة طلبيات المتحمسين لتسلق الجبال عبر الإنترنت وذلك بفضل السمعة التي يتمتع بها الموقع فيما يتعلق بسلسة المنتجات التي يقدمها وبنوعية تلك المنتجات وبكفاءة توصيلها. غير أن شعبية الموقع قد سببت له في وقت من الأوقات حرجا كبيرا عندما أعلنت محلات البيع التقليدية في الولايات المتحدة الحرب على هذا المتحدي الجديد.
إلا أن نجاح موقع “بارابيس دوت كوم“، الذي يوظف الآن أكثر من 200 موظف، قد استند على شجاعة “بارابيس” في توسيع سلسلة منتجات الموقع بشكل مستمر وعلى سرعة توصيل المنتجات إلى الزبائن. فعن طريق استدراج خدمات شركات التوصيل المحلية والدولية وشركات النقل التي تعمل على مدار الساعة، أصبح بإمكان الموقع أن يوصل الجزء الأكبر من المنتجات خلال 24 ساعة فقط.
وخلافا للعديد من مواقع بيع التجزئة عبر الإنترنت، فإن موقع “بارابيس دوت كوم” يحرص على مواكبة ما يعرضه على شبكة الإنترنت مع ما يمتلكه من مخزونات. وعن ذلك يقول أرتورو بارابيس، الأخ الأصغر لبارابيس، “إذا نفذ لدينا منتج ما، حتى لمدة يوم واحد أو يومين، فإننا نقوم بإزالته من الموقع”.
وحتى قبل الحرب التي شنتها شركات بيع التجزئة الأمريكية على الموقع، فإن شركة “بارابيس” استطاعت أن تصمد في وجه تحديين آخرين غالبا ما يواجهان رواد الأعمال الشباب، وهما التسرب السريع لللموظفين ذوي الخبرة وضيق قاعدة الزبائن اللذين لم يصبحوا بعد متعودين على استخدام الإنترنت.
بدأ كل شيء عندما كان “بارابيس” يدرس مادة السياحة في الجامعة بمدينة سرقسطة، عاصمة أراغون الواقعة في واحدة من المناطق الجبلبية المعروفة في أوروبا. فعندما كان يقضي إحدى عطلات نهاية الأسبوع في قريته بيناسك، فكر هو وأخوه خوسيه بخطة. وعن ذلك يقول “قررت مع خوسيه بأن ندشن عملا ينصب على بيع معدات الرياضة الخارجية، إلا إننا لم نكن متأكدين بشأن ما يتعين علينا التركيز عليه. لذلك وخلال مدة امتدت إلى ستة أشهر قضينا كل عطلة من عطلات نهاية الأسبوع نتجول في مواقف السيارات الكائة في القرية لكي نلاحظ من أين أتت لوحات السيارات وماذا يفعل الناس”.
وجد الأخوان أن هناك مجموعة كبيرة من هواة تسلق الجبال المتحمسين يأتون إلى القرية من مراكز السكان الرئيسية في إسبانيا. ذلك دفعهما لكي يبدءا وبكل تواضع ببيع المنتجات التي يشتريها هؤلاء الهواة مثل الملابس والأحذية الخاصة والحبال ومعدات التزحلق على الجليد متخذين من محل والدهما الكائن في السوق الشعبي في القرية مركزا للبيع. وقد عمد الأخوان إلى الحصول على الجزء الأكبر من المنتجات من معرض تجاري متخصص أقيم في مدينة ميونخ الألمانية.
وعن ذلك يقول باريباس “عندما ذهبنا إلى المعرض لأول مرة لم يأخذنا أحد على محمل الجد. فقد اعتقد التجار بأننا طفلين نبحث عن ملصقات”.
جاءت القفزة التحولية عندما حضر الأخوان مؤتمرا في عام 1993 حول الابتكار الجديد آنذاك والمتمثل في الإنترنت أقيم في مركز بيناسك للعلوم، وهو عبارة عن مركز للبحوث الفيزيائية أسسه أحد الأكاديميين الكاتتلونيين والذي كان نفسه من مستلقي الجبال. حيث ألح هذا الأكاديمي على الأخوين بالحضور. يقول باريباس “رأينا عالم الإنترنت وقلنا: بإمكاننا أن نضع محلا في هذا المجال الجديد”.
خلال 18 شهرا استطاع الأخوان جمع فريق صغير من خبراء تكنولوجيا المعلومات ممن له هوايات في الرياضات الجبلية لكي يعلنوا عن واحد من أولى مواقع بيع التجزئة على الإنترنت في أسبانيا والوحيد الذي يختص ببيع معدات الرياضات الجبلية.
وفي ظل الاستخدام المحدود لشبكة الإنترنت في أسبانيا في عام 1994، فإن قلة قليلة كانت تدخل إلى محل البيع الافتراضي. غير أن السيد “بارابيس” وأخيه واصلا جهودهما ليتحول موقع “بارابيس دوت كوم” إلى أسم مبكر في عالم الإنترنت في أسبانيا. يقول بارابيس “إذا كان عام 1996 يمثل العام الذي انطلق به استخدام الإنترنت فإن عام 1998 قد مثل العام الذي تحول فيه إلى وسيط فعلي للقيام بالأعمال ولإقامة الاتصالات وتبادل الأفكار”.
في عام 1998 ومن أجل المساهمة في زيادة عدد زوار قام الأخوان بارابيس بتدشين “بارابيس 2.0″، وهي واحدة من أولى التجارب في أسبانيا لخلق مجتمع على شبكة الإنترنت. وعن طريق جمع عالمين مختلفين ولكن متشابكين، وهما عالم الرياضات الجبلية وعالم المتحمسين لاستخدام الإنترنت، استطاع الأخوان من خلق سوق ومنتدى للمعلومات الخاصة بالرحلات والمعدات اللازمة للرياضات الجبلية. وباستثمار أولى لم يتعد 8 آلاف يورو، فإن محل البيع على الإنترنت والذي لم يزره سوى القليل في سنواته الأولى أصبح اليوم يمثل محور أعمال مجموعة “بارابيس“، مساهما بنحو نصف إجمالي مبيعات المجموعة.
وقد أعلنت مجموعة “بارابيس” في العام عن قيمة مبيعات إجمالية عند 18 مليون يورو مقارنة بمليون يورو في عام 1998. وقد جرى بناء مجمع معقد من تكنولوجيا المعلومات إلى جانب منصة كبيرة لتقديم الخدمات اللوجستية حول موقع “بارابيس دوت كوم” الذي يقدم الآن أوسع سلسلة في العالم من منتجات ومعلدات وملابس الرياضات الخارجية والجبلية والرحلات والتزحلق على الجليد.
يقيم “بارابيس” في هذه الأيام في العاصمة الإسبانية مدريد إلا أنه يقول إنه ما يزال يتجه شمالا عندما يجد أبسط عذر للقيام بذلك. إذ يقول “لم نكن نريد على الإطلاق بأن نصبح مليونيرية أو أي شيء يشبه ذلك. فقد كنا نريد فقط العيش في الجبال”.