تعرف على شابان من لبنان على طريق الشهرة
عندما بدأ “إيلي خوري”، الذي يعتبر نفسه رجل كمبيوتر منذ أن كان عمره 12 عاما، بإنشاء موقع على شبكة الإنترنت خصصه لموضوع عزف الغيثار
وجد صعوبة بالغة في العثور على برنامج تحليلي يحصل من خلاله على بيانات مناسبة بشأن المشتركين الذين يطالعون موقعه وما يطالعون فيه.
لم يجد “خوري” الطالب اللبناني في الجامعة الأمريكية في بيروت والذي ما يزال يواصل دراسة علم الكمبيوتر إلا شيئا واحدا يفعله. إذ يقول “خوري” البالغ 23 عاما من العمر، وهو يجلس أمام شاشة كمبيوتر تعرض موقع “ووبرا” (Woopra)، الذي هو عبارة عن برنامج لتحليل المواقع طوره بنفسه بالاشتراك مع “جاد يونان” البالغ 24 عاما من العمر، “منذ اليوم الأول الذي دشنا فيه الموقع، عرفنا بإنه هذا الموقع سيمثل ضربة كبيرة”.
ويعتبر كل من “خوري” و”يونان” بأن موقع “ووبرا” عبارة عن الجواب اللبناني لكل من “لاري بيج” و”سيرجي برين”، اللذين طورا موقع “غوغيل”.
لقد تعاون كل من “خوري” و”جاد” على تطوير مشروع برنامج حظي بتغطية كبيرة في صحافة التكنولوجيا ويتلقى الآن سيل من الطلبات من زبائن مستقبليين، رغم أن هذا المشروع الذي تقدر قيمته الآن بنحو 18 مليون دولار ما يزال في مرحل التطوير.
يقول “خوري” إن موقع “ووبرا”، الذي يحمل اسما سخيفا آخر من أسماء مواقع الإنترنت، يسمح لأصحاب المواقع على الإنترنت بمراقبة مباشرة لمن يدخل مواقعهم وإلى أي مكان يدخلون في ذلك المواقع.
وفي معرض استعراضه للمنتج الذي طوره مع “يونان” في شقة تقع فوق محل “دانكن دوناتس” في مدينة جبيل شمال بيروت، يقدم “خوري” بيانات “ووبرا” التحليلية من على مدونة خاصة به.
ويبدو الموقع ذو اللون الأزرق أشبه بشاشة لوكالة “بلوومبيرغ” الاقتصادية مع صناديق تظهر بيانات المستخدم ومؤشر عند أسفل الشاشة يظهر عدد الزوار بطريقة أشبه بعرض أسعار الأسهم وباللونين البرتقالي والأخضر.
ويظهر موقع “ووبرا” أن شخصا ما في جاكارتا، على سبيل المثال، يقوم باستخدام نظام تشغيل “ويندوز فيستا” و”فايرفوكس 3″ كبرنامج للتصفح، قد استخدم ماكنة “غوغيل” للبحث عن كيفية “القيام بخطوط مضيئة باستخدام برنامج أدوبي فوتوشوب” قد وجد الموقع الذي يعود إلى “خوري” في نتائج البحث وضغط عليه. كما يمكن للبرنامج أن يرصد درجة ألوان شاشة المستخدم، وهي معلومة يمكن أن تساعد مصممي المواقع. وفي معرض استعراضه ذلك، ظهرت أعلام هولندية وجنوب أفريقية وأمريكية وهندية على الشاشة، في إشارة إلى وصول مستخدمين جدد للموقع إلى جانب البيانات الخاصة بالبحث لديهم.
يقول “خوري” “هذه ميزة حية، فليست هناك حاجة إلى احديث أي شيء. وهذا ما يجعل ووبرا موقعا مبتكرا بالمقارنة مع أدوات التحليل الأخرى التي تتطلب الإنتاظار لمدة 48 ساعة من دون أن تتيح المعلومات الكاملة”.
كما يسمح نظام “ووبرا” لأصحاب المواقع على الإنترنت بتسمية الزائرين ومنحهم علامات خاصة بهم، وخصوصا منهم أولئك الذين يتركون أسمائهم عندما يدلون بتعليقاتهم على المدونات أو يسجلون أسماءهم كمستخدمين، مما يعني أن بإمكان أصحاب المواقع أن يرونهم عندما يعودون إلى المواقع.
إذ يقول “خوري” “بإمكان الزائر أن يرى تفاصيل الموقع ولكن بفضل ووبرا فإن صاحب الموقع أصبح بإمكانه أن يرى الزائرين والتفاصيل المتعلقة بهم”.
تقول صحيفة الفاينانشيال تايمز إن الجغرافيا أصبحت تمثل مشكلة للمشاريعيين (entrepreneurs) اللبنانيين “إيلي خوري” و”جاد يونان”. فهما يريدان أن يبقيا في مدينتهما، جبيل، وذلك خلافا لنسبة 99% من زملائهما في الجامعة الأمريكية في بيروت، الذين يعملون الآن في منطقة الخليج العربي. وبطبيعة الحال فإن لبنان، المعروف بتصدير العقول المهنية إلى مختلف أنحاء العالم، سيكون مسرورا ببقاء هذين المخترعين.
وبهدف الإلتقاء بالمستثمرين، كان على “خوري” و”يونان” أن يقضيا بعضا من الوقت في الولايات المتحدة. إلا أنهما لم يتوقعا الصعوبات التي سببتها جنسيتهما اللبنانية لهما. إذ يقول “خوري” “واجهنا بعض المشاكل في السفارة الأمريكية لأننا عرب. إذ لم يمنحنا المسؤولون في السفارة تأشيرة دخول مما دفعنا إلى اللجوء إلى محامي لكي يعمل على استخراج الوثائق اللازمة”.
ويضيف “يونان” قائلا “عندما دخلنا أمريكا، واجهنا مصاعب مع المستثمرين أيصا عندما أدركوا بأننا لبنانيون وإننا نخطط للعودة إلى بلدنا. إذ قالوا يمكن أن تقع حرب في لبنان ولن يكون بمقدورنا أن نعمل. وكانوا يقولون لنا بأنهم سيكونون أكثر ارتياحا لو قررنا العيش في الولايات المتحدة”.
إلا أن “خوري” و”يونان” عادا إلى لبنان رغم إدراكهما بأنه قد يكون عليهما الانتقال إلى الخارج من أجل بناء قاعدة أعمال لهما.
ولكن بعد المشاكل التي واجهاها في الولايات المتحدة فإنهما يبديان ترددا في الذهاب إلى أمريكا. ويقولان إن أوروبا قد تبدو أكثر جاذبية لهما.
ويعترف كل من “خوري” و”يونان” بأن النظام الذي ابتكراه قد يثير تساؤلات تتعلق بالخصوصوية لكنهما يؤكدان بأن الأمر يعتمد في نهاية المطاف على تصرف المستخدمين بمسؤولية. إذ يقول يونان “ندرك بأنه ستكون هناك على الدوام قضايا تتعلق بالخصوصية”. ويضيف خوري قائلا “إن الأمر جديد لكن الناس سيتعودون عليه مع مرور الوقت مثلما تعودوا على نظام إقامة الشبكات الاجتماعية. فقد كان الكثير ضد هذا النظام لكنهم أصبحوا يتقبلونه”.
لقد كانت فكرة “ووبرا” لا تعدو أن تكون مجرد فكرة في رأس خوري حتى لقائه بيونان أثناء تمثيلهما للبنان في منافسة برمجية دولية جرى تنظيمها في المغرب في نهاية عام 2006.
وعن ذلك يقول “خوري” “كان الأمر مضحكا لأننا كنا نعيش بالقرب من أحدنا الآخر ولكن لم نلتق إلا في المغرب. فهناك أطلعته على مشروعي وعلى الفكرة”.
وعندما عادا إلى مدينة الجبيل، بدأ “خوري” و”يونان” في تطوير الفكرة اعتبارا من بداية عام 2007. ففي ذلك الوقت كان “يونان” قد تخرج لتوه من الجامعة الأمريكية في بيروت وحصل على شهادة في هندسة الكمبيوتر في حين كان لدى “خوري” فصل واحد لكي يتخرج حاملا شهادة في علوم الكمبيوتر.
بدأ “يونان” بالعمل في المشروع مركزا اهتمامه على الجانب المتعلق بتجهيز الخدمة حيث كان يعمل على تجهيز الخلفية والبنية التحتية لبرنامج “ووبرا” في حين ركز “خوري” على جانب الزبائن.
استطاع “خوري” و”يونان” بعد ذلك جمع 25 ألف دولار من مدخراتهما الخاصة ومن مساهمات من أفراد اسرتيهما ليفتتحا أول مكتب وليبدءا بمشروع “ووبرا” باعتباره مشروعا تجاريا.
يقول “خوري” “كنا نفكر بشيء أكبر بكثير من مشروعنا الجامعي مما دفعنا إلى التخلي عن كل ما قمنا به في الجامعة لكي نبدأ من الصفر، مفكرين في الحجم وفي كيفية التعامل مع مئات الآلاف من المستخدمين”.
ومن المتوقع أن يشهد شهر مايو المقبل تدشين النسخة الجديد من برنامد “ووبرا” حيث يريد “خوري” و”يونان” من كتاب المدونات تجربته أولا. لذلك أقدما على الاتصال بأبرز المختصين في تكنولوجيا المدونات، بضمنهم جون بوزادزيديس، رئيس قسم التسويق في شركة “ليرتيك”، ومقرها ولاية تكساس، والذي يريدان تأجير ما لدى شركته من أجهزة تقديم خدمة الإنترنت.
وكان “خوري” و”يونان” يأملان بأن يكون هناك ما لا يقل عن 2000 شخص يختبر برنامج “ووبرا” بحلول نهاية العام الحالي.
غير أن الواقع تجاوز توقعاتهما بكثير بعد أن أصبح لديهما الآن نحو 50 ألف شخص يستخدمون “ووبرا” من دون دفع أي رسوم وعلى أساس التجربة.
وعلى الرغم من الخطوات المهمة والتقدم الكبير الذي أنجزاه خوري ويونان فإن برنامج “ووبرا” ما يزال في مرحلة التطوير.
ويتطلع خوري ويونان إلى تدشين البرنامج بشكل تجاري بحلول مارس المقبل، رغم اعترافهما بأن المناخ الاقتصادي الحالي لا يعد مناخا مثاليا للبدء بمشروع جديد. غير أنهما يخططان لتقديم برنامج “ووبرا” على أساس الاشتراك بمستويات متباينة لكتاب المدونات وإلى الشركات الصغيرة والمؤسسات الكبيرة.
لقد أصبح السيد بوزادزيديس وبسرعة شريكا في “ووبرا” بعد أن استثمر كمية لا بأس بها من أموال شركته في الشركة الجديدة وبعد أن قام بتسجيل الأخيرة في الولايات المتحدة. وقد ساعد الدعم الذي أسداه بوزادزيديس في استقطاب المزيد من الأموال من مستثمرين خاصين آخرين. ويرفض خوري ويونان مناقشة التفاصيل المالية لمشروعهما عدا القول بإن قيمة المشروع تصل الآن إلى 18 مليون دولار، وهو أمر يعترفان بأنه قد شكل مفاجأة كبيرة لهما. وعن ذلك يقول خوري الذي بات يحمل الآن عنوان رئيس قسم المعلومات “إنه أمر مدهش أصابني بالصدمة”.