بدأنا من العدد السابق استعراض ثلاثة حكايات عن الاستثمار في الأسهم بالسوق المالية، وبهذا العدد نواصل ما انقطع من حديث:
الحكاية الرابعة: الحقيني يا ماما… الحقني يا بابا…أنا خسرت نسبة كبيرة من ثروتي التي في محفظة أسهمي! وهذه عبارة عن نداءات واستغاثات كانت تصدر من القلب في مرحلة هبوط المؤشر لأول مرة من مستويات عليا كان يحلق عندها إلى أدنى مستوياته، الأمر الذي تحقق من خلالها خسائر فادحة خاصة بالنسبة إلى الكثير من المتداولين الذين لم تكن لديهم أي فكرة أو علم أو دراية بالاستثمار في سوق الأسهم، فكانت تداولاتهم اجتهادية وتقديرية خاطئة قائمة على مبدأ شختك… بختك…، أو حادي… بادي، أو في أحسن الأحوال على طريقة قطف أوراق الوردة وترديد كلمتي… تحبني… ما تحبنيش… طبعاً كان المقصود هو الشركة التي كان يفضلها، والتي للأسف لم تكن تفضله؛ لأنها كانت السبب في خسارته لعدم علمه بقواعد اللعب أو الاستثمار في البورصة، وقد يكون ذلك ظلماً لها؛ لأنه كان يستثمر عشوائياً في سوق ليس له دراية فيها أو علم بهذه القواعد وعناصر ومبادئ التداول التي تتطلب الإلمام بالتحليل الفني والتحليلات الأخرى المساندة والمساعدة على الأقل.
الحكاية الخامسة: زيادة الطين بلة… ونقصد بذلك تصرفات الهيئة التي كانت تفاجئ الناس بقرارات تصحيحية وعشوائية وتعديلية وتنموية… وكأن أموال الناس وثرواتهم مرتع خصب لتلك التجارب أو المبادرات… أو المهاترات، وقد يكون من ضمن أسباب ذلك دراسات الشركات الاستشارية الضخمة التي أعدت تلك اللوائح غير المتقنة أو غير الملائمة للمملكة، والتي كانت على شكل ظلل… انسخ… قص… الزق، أو أن يكون السبب في ذلك الأحبة العاملين في الهيئة والعائدين من دورة تشيس مانهاتن في إدارة البورصات الذين كانت رواتبهم منفوخة حبتين فوق… فخسر الناس من تصرفاتهم وجهلهم بسلوك المستثمر المحلي حبتين تحت… فضاعت الأموال بتلك الأفعال المستفزة التي حدثت عقب انهيار السوق… وبقيت لغتهم الإنجليزية المكسرة التي تعلموها في بلاد العم سام! بالرغم من كل ما حدث… وعجبي على ييس… ييس… آي نو… آي نو… التي كنا نسمعها في محادثاتهم… أو تبريراتهم لما حدث بعد تلك المصيبة!! فقد خسر الاقتصاد وخسرت الدولة وخسرنا نحن الكثير والكثير… ولا داعي لذكر ما خسره البعض، ويكفي أن أقول لكم إن هناك من هو مستمر في سداد القروض التي حصل عليها واشترى بها أسهماً وخسر… وهو يسدد حتى الآن… أي بعد أكثر من 8 سنوات من تلك الفاجعة… والأمر لله من قبل ومن بعد.
الحكاية السادسة: نصيحة رجل مخلص… يا أهلي وإخواني وأحبائي… لا تدخلوا إلى هذه السوق إلا بعد أن تتسلحوا بمعرفة قواعد الاستثمار فيها وتتعلموها جيداً وتمارسونها الممارسة الصحيحة…. وإلا فابعدوا… واذهبوا إلى الشركات المتخصصة التي يصل عددها إلى أكثر من 130 شركة للسمسرة… وهي في انتظاركم لكي تستثمر لكم بكل أمانة وصدق… نظير عمولة بسيطة… فمن المستحيل أن يكون هناك أكثر من مليون محفظة تتداول يومياً، بالكثيرين ممن يجهلون قواعد اللعبة حتى يلعبوا… وتكون النتيجة الحتمية هي الخسارة… ليس للجزء، بل قد يكون للكل، وتتحقق الخسارة والعياذ بالله… ولا من شاف ولا من درى، والعوض على الله! أرجوكم بلاش مغامرة… أو على الأصح مقامرة. كلمة في سركم: قارة أوروبا كلها ليس بها سوى مليون وشوية محفظة استثمارية مفتوحة وشغالة… ويحقق أصحابها أرباحاً طائلة… وهم في منتهى السعادة؛ لأن من يستثمر لهم في البورصات الأوروبية مكاتب متخصصة، وليس هم بأنفسهم… يا ليت نصير زيهم في إدارة محافظنا الاستثمارية في البورصة، وتعود إلينا فرحتنا بتحقيق الأرباح… ودمتم.
* الكاتب أستاذ علم الاقتصاد بجامعة الملك عبد العزيز، وعضو في أكثر من جمعية علمية، وعضو محكم في أكثر من دورية اقتصادية محكمة، ومحكم وخبير اقتصادي معتمد، وله عدد من المؤلفات العلمية الاقتصادية المنشورة والمستخدمة كمراجع علمية في علم الاقتصاد، ومستشار اقتصادي في عدد من الجهات بالمملكة.