تسويق البلوكتشين ليس إلا أحد تبعات مفهوم blockchain، ومحاولة فهم هذا المنحى التسويقي الجديد لن يكون ممكنًا إلا عبر المرور بهذا المفهوم، فلا بد من الأرضية التي نُنهض عليها صرحنا التنظيري الجديد.

ويمكن القول، بكلمات قليلات، إن الـ blockchain عبارة عن قاعدة بيانات مكونة عبر عدة عقد أو أجهزة كمبيوتر، ويتم تخزين كل معاملة بعد التحقق منها في وحدات تعرف باسم الكتل، وتحتوي كل كتلة على بيانات المعاملة، والطابع الزمني، وتجزئة التشفير للكتلة السابقة.

وتستخدم blockchain شبكة نظير إلى نظير (P2P) لتخزين البيانات في مواقع متعددة، على أن تقوم كل عقدة بتخزين نسخة من البيانات مباشرة من الكتلة كاملة، وفي كل مرة يتم فيها إضافة سجل جديد إلى قاعدة البيانات، يتم تحديثه تلقائيًا عبر جميع العقد على الشبكة.

وقبل مغادرة هذا الجزء والتوجه إلى استقصاء حدود مفهوم تسويق البلوكتشين، يجدر القول إنه يتم تصميم قاعدة البيانات لتضم كميات أكبر بكثير من المعلومات التي يمكن الوصول إليها وتصفيتها ومعالجتها بسرعة وسهولة من قِبل المستخدمين (مهما كان عددهم) في وقت واحد.

ديمقراطية البيانات

هناك جدل كثير حول فكرة البيانات، سواءً من جهة كونها ثروة، وفرتها التقنية والوسائط والانفتاحات التكنولوجية المختلفة، أو من ناحية الخصوصية (خصوصية هذه البيانات)، والمؤكد أن التسويق ليس بعيدًا عن هذا الجدل.

لكن خبراء التسويق ليسوا منخرطين في هذه الجدالات، بقدر ما هم راغبون في الاستفادة من هذه البيانات وتجنيدها لصالحهم، ومن هنا جاء مفهومنا حول تسويق البلوكتشين؛ فهو ذلك التسويق القائم على البيانات، والذي يعمل في الوقت نفسه على حل المشكلات المتواترة والمتكررة التي تكتنف التسويق التقليدي.

إذًا نحن إزاء ثورة حقيقية في بنية الممارسات التسويقية، بل قد نجسر على القول إن التسويق قبل البلوكتشين ليس كما هو بعده.

حلول تسويق البلوكتشين

وإذا لم تكن مقتنعًا بذاك التصور الفائت الذي طرحناه عن تسويق البلوكتشين، فلك أن تعلم، على سبيل المثال، أن معدل الإنفاق على التسويق بالعمولة في الولايات المتحدة وحدها، وفقًا لشركة Statista الألمانية، يقارب 6.4 مليار دولار أمريكي، وعلى الرغم من هذا الاستثمار، فإن العلامات التجارية تواجه مشكلات جمة، منها: ضعف المواقع (المعلن عليها) وعدم جدواها، ناهيك عن الاحتيال على الإعلانات.

هذه المشكلات المحورية يمكن أن تختفي تمامًا في تسويق البلوكتشين؛ عبر استخدام العملات المشفرة لتبسيط عملية الدفع، أو استحداث عقود ذكية لضمان المساءلة وتقليل عمليات الاحتيال على الإعلانات.

وهكذا يمكن النظر إلى تسويق البلوكتشين بصفته طوق نجاة، وسبيل خلاص من مشكلات كثيرة تؤرق المسوقين، وتحد من فاعلية أدوارهم، كما أنه يساعدهم، في ذات الوقت، في الاستحواذ على الفرص التي يطرحها السوق من آن لآخر، والاستحواذ على العملاء واستدامتهم؛ إذ توفر خطًا مباشرًا لكل عميل، ومن ثم تتعمق العلاقة بين المؤسسة والعملاء، وتنتفي كل العوائق التي تحد من تعمق هذه العلاقة.

الرقمنة ونجاح رواد الأعمال

إننا ندرك أن الشغف والعمل الشاق من بين الحوامل الأساسية لنجاح رواد الأعمال، لكن ليس هذا كل شيء، فرائد الأعمال المخضرم يدرك أن عليه التأقلم مع معطيات السوق المتجددة حصرًا، ومن هنا عليهم التأقلم مع مفهوم تسويق البلوكتشين بل التسويق الرقمي بشكل عام، ويجب أن يكون هذا النمط التسويقي جزءًا أساسيًا من مجموعة أدوات أي رائد أعمال.

فالعديد من الأشخاص يستخدمون أجهزتهم المحمولة لتصفح الإنترنت، كما يفضل المستهلكون التصفح عبر الإنترنت، وأحيانًا استشارة ثلاثة مواقع إلكترونية أو أكثر قبل أن يقرروا شراء أي عنصر.

وبناءً على ذلك، إذا لم يكن من السهل الوصول إلى نشاطك التجاري عبر الإنترنت فستفقد الأعمال من العديد من الأشخاص، خاصة أولئك الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و34 عامًا.

والمؤسف في الأمر أن استراتيجيات التسويق التقليدية لا تجدي نفعًا الآن، ولا حتى بعض استراتيجيات التسويق الأخرى مثل التسويق عبر الإيميل، ومن هنا على رواد الأعمال بشكل عام والمسوقين بشكل خاص القفز خطوة وخطوات أخرى إلى الأمام؛ أملًا في أن يكونوا أكثر قدرة على التعاطي مع الوضع الراهن والتأقلم مع تبعاته، ومن هنا تمسي الحاجة ماسة إلى تبني مفهوم وممارسة تسويق البلوكتشين.