القسم الأول: الأتراك في فجر التاريخ

المبحث الأول: الأقوام التركية ومناطقها الجغرافية-الأتراك ما قبل التاريخ

1-قرابة الأتراك للأمم الأخرى:

إن صلة الأتراك مع الأمم الأخرى ليست على هيئة وحدة جنس ولغة تماما.

إلا أن عوامل شتى وعلى رأسها تأثير الثقافة التركية على الأمم الأخرى أدت إلى حصول تقارب شديد بينهم وبين تلك الأمم.

ويأتي المغول في مقدمة الأمم التي حدث تقارب كبير بينها وبين الأتراك.

ولكن المغول بالرغم من اعتبارهم أقرب الأقربين إلى الأتراك فإنهم ليسوا من الأقوام التركية.

إن قرابة الأمم من بعضها البعض ودرجة هذه القرابة تشكل مشكلة مستعصية الحل، ولما كان التاريخ وحده عاجزا عن تفسير هذه النقطة فلنا أن نلخص الموضوع بخطوطه العريضة تاركين التفاصيل التي لا علاقة لها بالموضوع.

ان اصل الأتراك من أقوام ألطاي وهذه الأقوام تتألف من الأتراك والمغول والمانجو-تونكوز.

ولنا أن نتساءل ما درجة القرابة بين الأتراك مع باقي أقوام ألطاي وما نوع العلاقة الناشئة بينهم؟

اختلط الأتراك مع المغول في الشمال الشرقي من قارة أسيا طيلة ألاف السنين.

ويرجع الطابع المنغولي المعتدل لأتراك أواسط أسيا على الأرجح إلى هذا الاختلاط الشامل.

وقد أدى هذا الاختلاط الواسع إلى التردد في تعيين نسب بعض القبائل ولغتها بين التركية والمغولية.

اذ نرى قبيلة ما تتكلم بالتركية على مر القرون إلا أنها تنصهر في بوتقة المغول عند انتشارها في المناطق العائدة لهولاء.

وكذلك الأمر بالنسبة لقبيلة قيات التي ينتسب إليها جنكيز خان اذ يرجح الكثير من المؤرخين أنها قبيلة تركية اكتسبت الطابع المغولي على مر العصور.

وقد اشترك الأتراك والمغول في تأسيس الدول وفي صيانتها وقد أدى هذا العمل المشترك إلى إيجاد أسس مشتركة بينهم.

صورة توضح الموطن الأصلي للمغول وأماكن انتشارهم اليوم

أما بالنسبة لصلة قبائل المانجو-تونكوز بالأتراك فقد كانت محدودة .

أما بالنسبة للمجر فتتخطى قرابتهم للأتراك قرابة اللغة إلى قرابة الجنس.

فقد كان المجر أيام معيشتهم في وطنهم الأصلي على سفوح جبال الأورال من أقوام (ألفين) لاتربطهم بلأتراك أية رابطة.

إلا أن قبائل تركية عديدة اختلطت بهم لدى هجرتهم إلى سهل المجر وكانت عائلة (أرباد) الحاكمة لقوم المجر آنذاك عائلة تركية تنتمي إلى (مته) حسب بعض الروايات.

ويتبين من هذا أن الأتراك كانوا عنصرا أهم من عنصر المجريين عند تأسيس المجريين وطنا لهم في المجر الحالي.

وهكذا نشأ عنصر متولد من الأتراك والمجريين ونرى اللغة المجرية حاليا مليئة بالكلمات التركية.

2- انتشار الأتراك والأقوام الطورانية

الحضارة التركية حضارة كبيرة جدا عكس ما يظن معظم الناس ان الاتراك هم فقط التركمانستان وتركيا الحالية بل إن الأتراك شعوب وقبائل كثيرة منتشرة على رقعة جغرافية كبيرة أيضا.

سوف نذكر الأقوام التي تنتمي إلى الثقافة التركية وتتكلم اللغة التركية فقط.

فهناك أقوام ينتمون في أصولهم الى الأتراك ولكنهم فقدوا لغتهم وثقافتهم التركية كليا كالأتراك الموجودين في الصين أو الهند والذين لم يعودو ينطقون التركية وثقافتهم من ثقافة بلدناهم إلا أنهم في الأصل أتراك

ولن نذكر أيضا الاقوام الكثيرة التي تتحدث بالتركية ولا يمسون للأتراك بصلة ولكن نتيجة اختلاط الثقافات امتزجت لغاتهم بآلاف الكلمات التركية.

حيث يقول الكثير من السياح أنه يمكن التجول في أسيا بواسطة التكلم باللغة التركية.

ويمكن تطبيق هذا الكلام على النصف الشمالي لأسيا فيمكن التكلم باللغة التركية من الأدرياتيك إلى كامجاتا ومن البحر المتجمد الشمالي إلى سهول إيران

المناطق التي ينشتر فيها الترك في العالم في وقتنا الحالي

الياقوتيون

يعيش الياقوتيون في جمهورية ياقوستان التابعة للاتحاد السوفيتي سابقا أما الأن فهي ضمن سيبيريا المتجمدة في شمال شرق روسيا

انقطعت علاقتهم بباقي الأتراك منذ 1500 عام تقريبا ويعيشون في الشمال الشرقي من مناطق الأتراك.

وقد استولى الروس على مناطقهم في عام 1632 .

وقد نظم العالم الروسي (بيكارسكي) قاموسا للهجة الياقوتين التركية التي هي أبعد اللهجات عن لهجة تركيا والتي حافظت على نقائها بسبب عدم اختلاطها بالفارسية والعربية.

صورة توضح مناطق انتشار الأتراك الياقوتيون في شمال شرق روسيا