أمسى العمل الافتراضي واقعًا محققًا بفعل أزمة وباء كورونا المستجد؛ حيث تحولت الشركات، بما فيها تلك التي كانت تنظر إلى هذا النمط من العمل على أنه ترف، إلى العمل من المنزل؛ نظرًا لإجراءات الحجر الصحي، وسياسات التباعد الاجتماعي، وعلى الرغم من أن لهذه النقلة مكاسب فإنها انطوت على تحديات كذلك.
ومن بين تحديات العمل الافتراضي على سبيل المثال هو ضرورة العمل على الموازنة بين حياة الموظفين الشخصية وبين عملهم هذا من جهة، والذي هو عمل المنظمات والشركات والقائمين عليها، وكان ثمة تحد آخر متعلق بحتمية وجودة تواصل داخلي فعال بين الموظفين وبعضهم أو بين الموظفين ومدرائهم، خاصة أن العمل أمسى يتم عن بُعد، ومن ثم لا بد من وجود آليات محددة وفاعلة؛ لضمان تحقيق هذا النوع من التواصل.
وفي هذا السياق، قال معاذ المسلّم؛ المتخصص في التواصل الداخلي بالمنظمات، مستشار جمعية التواصل المؤسسي، في تصريحات حصرية لموقع «رواد الأعمال»، إن الصحة النفسية تُعتبر جزءًا لا يتجزأ من بيئة العمل الصحية والآمنة؛ فمن طبيعة البشر أن معدلات الإنتاجية والإبداع والابتكار لديهم لا ترتفع في بيئةٍ تخلو من ذلك.
وأضاف أن منظمة الصحة العالمية ذكرت أن للاكتئاب والقلق أثرًا اقتصاديًا وخيمًا؛ حيث تُقدر تكلفتهما من جهة فقدان الإنتاجية للاقتصاد العالمي بحوالي تريليون دولار أمريكي سنويًا، إلى جانب أن دولارًا أمريكيًا واحدًا يُستثمر في تهيئة بيئة عمل داعمة للصحة النفسية وتساهم في حل وتقليص المشكلات النفسية يتم تحقيق عائد من خلاله قدره 4 دولارات أمريكية؛ من حيث تحسّن الصحة والإنتاجية للعاملين.
وأشار «المسلّم» إلى أن أثر بيئات العمل الضاغطة لا يقتصر على المنظمات الربحية فحسب، بل حتى منظمات القطاع العام في جانب ضعف وتأثر مستوى الخدمة المقدمة للمستفيدين، موضحًا أن أثر بيئات العمل الضاغطة يظهر في عدد الاستقالات، ونسبة الإجازات المرضية، ومعدل استخدام الموظفين لخدمات التأمين الصحي، وكذلك نسبة التأخر والغياب، وتأخر الإنجاز، والعلامات كثيرة ومتعددة، والمنظمة الواعية والراشدة هي التي تكون قريبة من منسوبيها وتلتمس احتياجاتهم قبل أن تظهر أعراضها وتتفشى.
ورأى أنه، يجب، لكي ننشئ اتصالًا داخليًا فعالًا بين الموظفين أيًا كانت مستوياتهم، علينا دراسة ثقافة المنظمة ومعرفة الجمهور جيدًا، مبينًا أن ثقافة المنظمة ليست محصورة في الموظفين فحسب، بل تنشأ من قِبل القيادة العليا والتي من خلال ممارستها والرسائل التي يرسلونها من خلال سلوكياتهم وتواجدهم ورسائلهم في المناسبات والقنوات الاتصالية، فهي لبنة أساس.
وتابع: ومن ثم يأتي الدور في ترسيخ الثقافة لدى المديرين؛ من خلال تنظيم ورش العمل المخصصة، وتأكيد القائد لأهمية فتح القنوات بينه وبين فرق عمله، مؤكدًا أن مثل هذه الرسائل والاتصالات المستمرة تتم من خلال مجموعة من القنوات والأدوات التي تتناسب مع طبيعة بيئة العمل.
ولفت إلى أن هناك مجموعة من المعايير التي يجب توافرها لضمان وجود بيئة عمل صحية، ومن هذه المعايير ما يلي:
وفيما يتعلق بإمكانية الحديث عن بيئات عمل افتراضية في الوقت الراهن، قال معاذ المسلّم؛ المتخصص في التواصل الداخلي في المنظمات، قبل مرورنا بأزمة وباء كورونا المستجد COVID 19 كانت بعض المنظمات تعتمد على العمل الافتراضي كأحد خيارات وطرق العمل المتاحة لديها؛ إذ كانت تعتبرها ميزة، ولكن ذلك أصبح الآن أساسًا.
واستطرد قائلًا: بل إن بعض المنظمات اعتمدت أسلوب وطريقة العمل عن بُعد، ومن هنا يجب على المنظمات أن تخرج بسياسات عمل مناسبة تراعي فيها توازن الحياة والعمل لدى الموظف.
ورأى أن حملًا كبيرًا يقع على الرؤساء والمديرين في وضع آلية لتقسيم الأعمال، وقياس الإنتاجية بين الموظفين؛ حتى يضمن تحقيق العدالة بين الجميع ويحقق هدف منشآته، إلى جانب وضع الآليات المحفزة على الإنتاجية والإبداع، وفتح قناة التواصل المباشرة بين الموظفين ومديريهم، وسنّ برتوكولات مناسبة لطريقة عقد وتنظيم الاجتماعات والتواصل الفعّال بين العاملين.
وأشار إلى أن جزءًا مهمًا، كذلك، يقع على عاتق التواصل الداخلي في استثمار وابتكار الوسائل المناسبة؛ لصنع التفاعل الإيجابي بين الموظفين حتى وإن كانوا عن بُعد.