تعرف التسويق العصبي يُغلّب العاطفة على العقل برأي أسامة العمري

الكاتب: وسام ونوس -
تعرف التسويق العصبي يُغلّب العاطفة على العقل برأي أسامة العمري

 

 

تعرف التسويق العصبي يُغلّب العاطفة على العقل برأي أسامة العمري

 

قال أسامة العمري؛ خبير التسويق وتطوير الأعمال، المدير التنفيذي لشركة “جليمر للتسويق والتدريب” بكندا، في حديث حصري لموقع «رواد الأعمال» حول موضوع التسويق العصبي وانتقاداته، إن هناك نوعين لاستمالة المستهلك وجذبه؛ هما: استمالة عاطفية تعتمد على إثارة المشاعر، واستمالة عقلية تعتمد على مخاطبة العقل، موضحًا أنه إذا أرادت الشركة عرض سيارة فقد تلجأ إلى استعراض مزاياها، أما اذا أرادت عرض مشروب غازي فقد تلجأ الى استخدام العاطفة بالترويج للحالة الشعورية التي تنتاب المستهلك عند تناول المشروب أو اقتناء المنتج أو قبوله في أي النوادي.

وأضاف أن التجارب أثبتت أن الاستمالات العاطفية أكثر فعالية من نظيرتها العقلانية؛ لأنها تعمل على بث شعور معين يسيطر على المستهلك، ما يجعله في حالة من الخدر عند اتخاذ القرار، مشيرًا إلى أن التسويق العصبي يكرس مفهوم العاطفة على العقل.

ففي سنة 2011 أكدت هذه الحقيقة شركة “فريتو لاي” الأمريكية عندما أجرى ممثلو الشركة دراسة حول التسويق العصبي؛ بهدف اكتشاف سر نجاح شيتوس الجبن. وتوصل فريق البحث إلى أن المذاق هو أضعف عامل يؤثر في مشترياتنا واختياراتنا في الأكل؛ فالسر في اختيار المستهلك لشيتوس الجبن لا يمكن في مزيج المكونات، بل في المواد التي تتسبب في صبغ الأصابع باللون البرتقالي.

العاطفة وقرار الشراء

ورأى «العمري» أن الطعام مثال واضح على أن العاطفة هي التي تحركنا للشراء؛ إذ إننا نأكل في البداية من خلال العينين، والأذنين، والأنف، والذاكرة، الخيال أيضًا، وغالبًا ما نتناول الطعام من أجل المتعة، مستطردًا: في هذه الأثناء، يربط اللاوعي كل قضمة من الطعام بالاشمئزاز، أو اللامبالاة ،أو المتعة.

وذكر أن اللاواعي يعتمد على مادة الدوبامين المسؤولة عن تنشيط هذه الأحاسيس؛ حيث يلعب الناقل العصبي دورًا بالغ الأهمية في تحديد اختيارات المأكولات والمشروبات؛ لذلك يعمد التسويق العصبي إلى استهداف تلك المادة عند تسويق مطعم أو منتج غذائي؛ حيث يدفعها للشعور بالراحة والرضا، ويعمل على تنشيط تلك المادة؛ لتبث السعادة في ذهن المستهلك، ما يرغّبه في الشراء، وينطبع ذلك الشعور عند المستهلك في كل مرة يمر بجوار المطعم أو يرى العلامة التجارية للمنتج.

ودلل خبير التسويق وتطوير الأعمال على رأيه بتلك التجربة التي قام بها كارستين هيربس وثلاثة من الباحثين لتقييم استعداد الجمهور لدفع ما بين 90% و130% من تكاليف الطاقة الحالية للحصول على الكهرباء من مصادر خضراء، شملت الدراسة 40 مشاركًا، وراقب الباحثون نشاط دماغ المشاركين عند طرح أسئلة الاستبيان عليهم مرفقة بسلسلة من الصور التي أظهرت حزمة كهرباء من المصادر النظيفة مع كلمات جانبية “باهظة الثمن” أو “رخيصة”، والتي يمكن للمشاركين الرد عليها بـ “نعم” أو “لا”. وكانت المفاجأة: ساعد التسويق العصبي في قبول المشاركين لتحمل الزيادة بنسبة تصل إلى 15%.

إعادة هندسة المنتجات

وفيما يتعلق باستخدام الشركات لاستراتيجيات وتقنيات التسويق العصبي، لفت «العمري» إلى أن هناك العديد من الشركات وظفته منذ بداية الألفية فعلامات تجارية مثل Soup Campbell وGerber وFrito-Lay استخدمت التسويق العصبي لإعادة تصميم العبوات الخاصة بها؛ حيث عرّضت للمستهلكين ااختيارات تغليف المنتج نموذجًا تلو آخر، وتم تسجيل ردهم، ثم تحليل المعلومات التي أدت في النهاية إلى تغيرات في عناصر العمل.

وأفاد بأنه تم استخدام هذه المعلومات بعد ذلك بالتزامن مع مقابلة معمقة؛ لتحليل نقاط معينة أدت في النهاية إلى تغييرات في عناصر مثل اللون وحجم النص والصور، لافتًا إلى أن فريتو لاي، على سبيل المثال، اكتشف أن الأكياس اللامعة التي تحتوي على صور للرقائق سببت انزعاجًا للمختبرين، وأشاح المتطوعون نظرهم عنها بعد فترة قليلة من العرض، ما دعا الشركة إلى تصميم أكياس جديدة غير لامعة.

ولفت إلى أن شركة هيونداي استخدمت، هي الأخرى، التسويق العصبي عندما أعطت ثلاثين مشاركًا قبعات EEG (قبعات تقنية ترصد إشارات المخ)، وطلبت منهم فحص نموذج أوليّ لسيارة لمدة ساعة، قامت على إثرها بتحليل تلك التجربة، وإعادة تصميم أجزاء من السيارة وفقًا لتلك التحليلات. كما اكتشفت PayPal أن حملاتها الإعلانية التي تركز على السرعة والراحة أثارت استجابة أعلى بكثير من تلك المتعلقة بالسلامة والأمن، فطورت حملات إعلانية جديدة تمامًا استنادًا إلى النتائج السابقة.

التسويق ومختبرات الأعصاب

إلا أن من أبرز رواد التسويق العصبي هي شركة ديزني؛ حيث نفذت معملًا للتسويق العصبي، وأطلقت عليه اسم معمل أوستن لاختبارات التسويق العصبي عام 2008، ويحمل المختبر باقة من أحدث الأجهزة في العالم في مجالات: المقاييس الحيوية، وتتبع العين، وتشفير الوجه، والاختبار الضمني، إلى جانب الأساليب الأكثر تقليدية، مثل: مجموعات التركيز، والاستطلاعات، واختبارات سهولة الاستخدام، وتم إخضاع كل أنشطة ديزني التسويقية في هذا المعمل والأخذ بالتوصيات وتطبيقها.

ونجحت شركة Pixer أيضًا في توظيف التسويق العصبي في إنتاجها للأفلام الكارتونية؛ حيث لا يعتمد نجاح الأفلام على القصة فحسب بل يتجاوز ذلك إلى الاختبارات التي تقوم بها ديزني على مجموعة من المتفرجين مع وضع كاميرات دقيقة ترصد الانفعالات التي تتناوب على وجوههم أثناء المشاهدة، ومن ثم تعيد تحليل تلك الانفعالات لمعرفة مدى قرب الفيلم وتأثيره في الجمهور من عدمه.

وقال إن من أكبر الشركات المستثمرة في هذا المجال هي شركة نستله، والتي أطلقت عام 2014 أول مختبر لعلم الأعصاب في بومباي، وأتبعت ذلك بشراء أكبر شركتين متخصصتين في مجال التسويق العصبي.

غزو العقل البشري

وذكر «العمري» أن أدوات التسويق العصبى هي أدوات طبية في المقام الأول، كأجهزة الرنين، وتتبع حرارة الجسم، أو دقات القلب، أو انفعالات الجسد، وعادة لا يتم استخدام تلك المعدات على البشر إلا من خلال اتفاق مسبق مع المتطوع، وشرح أبعاد التجربة وآثارها، ومن ثم يكون من حق الشخص أن يوافق أو يرفض، مؤكدًا أنه لم يتضح سريرًا أو دراسيًا أن هناك آثارًا سلبية لاستخدام أدوات التسويق العصبي.

واستدرك قائلًا: لكن المخاوف تنبع من تطبيق بعض الجهات لتلك الآليات دون استئذان، وأن يتحول الأمر إلى سباق بين الجهات المختلفة؛ لغزو العقل البشري وسبر أسراره؛ للسيطرة عليه وتوجيهه وفق رغبات تلك الجهات.

 

مخاوف وانتقادات

وفيما يخص الانتقادات التي وُجهت إلى التسويق العصبي، قال «أسامة العمري» إن هناك العديد من الانتقادات التي طالت هذا النوع من التسويق، على رأسها انتهاك الخصوصية؛ فأكبر المخاوف التي تنتاب المستهلكين هي القلق بشأن خصوصيتهم، فنحن نقبل أن يتم إحصاء تصرفاتنا وانفعالاتنا وردود أفعالنا على المنتج، لكننا نعتبر أن عقولنا ملكية خاصة، ولا نقبل أن يتم غزوها، وإعادة توجيه مشاعرنا وأفكارنا من جديد دون إرادتنا.

وأشار إلى أن كلا الفريقين يسوق أدلته وبراهينه بما يخدم مصالحه، فأنصار التسويق العصبي يرون أن الأفكار واحدة، وأن أفكارك هي أفكاري، وأن الدراسة تقوم على عينة بسيطة لا تسمح للباحثين بالتعميم فلمَ الخوف؟ كما أن العقل كيان معقد بشكل كبير فالوصول إلى أسراره ليس بالشيء السهل.

بينما يرى أنصار الفريق الثاني أن الأمر ليس بهذه الصورة؛ فالبوادر التي ظهرت تنذر بالتحفظ والخوف من تمكن البعض من التحكم بالعقول وتوجيهها، قائلًا: «وفي نظري كلا الفريقين على حق؛ فكل علم جديد يكون محل استنكار وتحفظ وجدال، سوى أن البشرية لا تتقدم إلا بالأخذ بالعلم، لأن ذلك قد يفتح لنا أبوابًا من المعارف لم تكن تخطر لنا على بال من قبل، والفريق الثاني عنده كل الحق؛ فعدم وجود ضوابط تحكم ذلك؛ قد يتسبب في نشر العديد من الأمراض في المجتمع كشبح التلاعب بالعقول وغيرها».

حل وسط

ورأى أن الحل يكمن في أن تكون تلك الدراسات معلنة؛ بحيث يستفيد منها الجميع، ولا تكون حكرًا على أحد، وأن تُلزم الشركات التي تستخدم التسويق العصبى بالتصريح بذلك في حملاتها.

وذهب إلى أنه من المهم، أيضًا، إنشاء أو تكليف جهة بمكافأة الشركات والجهات التي تعلن عن دراساتها وحملاتها بشكل أو آخر، وأن يتم وضع ضوابط صارمة فيما يخص إجراء التجارب على الناس والمتطوعين، ويكون ذلك بإذن مسبق، معتبرًا أن ذلك سيساعد بشكل كبير في إثراء التسويق العصبى مع وجود ضوابط تحمي المجتمع من آثاره.

 

شارك المقالة:
175 مشاهدة
هل أعجبك المقال
0
0

مواضيع ذات محتوي مطابق

التصنيفات تصفح المواضيع دليل شركات العالم
youtubbe twitter linkden facebook