الموجودات السريرية المشاهدة في قصور القلب الاحتقاني

الكاتب: رامي -
الموجودات السريرية المشاهدة في قصور القلب الاحتقاني
"

الموجودات السريرية المشاهدة في قصور القلب الاحتقاني.

1- الأعراض:

أ- الزلةdyspnea، وهي شعور المريض الشخصي بحركات الشهيق والزفير، إذ في الحالة الطبيعية لا يشعر الإنسان السليم بحركات تنفسه، وهذا هو العرض الأول والأكثر شيوعاً في قصور القلب الأيسر. تبدأ شكوى المريض من الزلة بعد أدائه جهداً معيناً تعوَّد أن يؤديه دون زلة وتسمى زلة جهدية، ومع مرور الوقت يتناقص الجهد المسبب للزلة إلى أن يشكو المريض الزلة في أثناء الاستلقاء، وتسمى زلة اضطجاعية، أو تكون الزلة ليلية انتيابية (اشتدادية) توقظ المريض من نومه. ومع تطور الحالة المرضية تصبح الزلة مستمرة حتى في أثناء الراحة التامة. يتناقص شعور المريض بالزلة وتقل سيطرة هذا العرض في قصور البطين الأيسر بعد أن يصاب البطين الأيمن بالقصور.

يشكو المريض الزلة الليلية الانتيابية بعد نومه بعدة ساعات فيستيقظ على شعوره بالاختناق وضيق النفس الشديد فيأخذ وضعية الجلوس، والحركة الوصفية التي يقوم بها هي فتح نافذة غرفته أو خروجه إلى الهواء الطلق لتخفيف شدة أعراضه. عندما تتطور الحالة يشكو المريض الزلة الانتيابية عند استلقائه مع شعوره بالوزيز وهذا ما يدعى: الربو القلبي، ويمكن أن تلتبس هذه الحالة مع الربو القصبي وخاصة إذا كان المريض مصاباً بآفة تنفسية سادة مزمنة، إذ يمكن أن تتشارك الآفتان القلبية والرئوية عند مريض واحد فيصعب التفريق بينهما. تستمر نوبة الزلة الليلية الانتيابية 30 دقيقة أو أكثر بعد أن يجلس المريض. إن آلية هذه الزلة هي عودة السوائل الخلالية إلى داخل الأوعية في أثناء الاستلقاء فيزداد حجم السوائل (الدم) الجائلة ضمن السرير الوعائي مما يزيد الاحتقان الوعائي والضغط الرئوي، وهذا يفسر شعور المريض بالراحة عندما يجلس أو يقف فتنعكس هذه الآلية.

تعرف الزلة الاضطجاعية بأنها شعور المريض بالزلة بعد اضطجاعه بعدة دقائق وتتحسن عندما يجلس أو يقف، وتتناقص فترة الاضطجاع المحدثة للزلة كلما تقدمت الحالة المرضية إلى أن تصل إلى مرحلة لا يستطيع فيها المريض الاضطجاع مطلقاًَ وينام بوضعية الجلوس أو الانحناء للأمام على كرسيه. تتشابه الآليتان في الزلة الليلية الانتيابية والزلة الاضطجاعية ولكن تدل الأخيرة على حالة قلبية أكثر سوءاً.

ب- يشكو المريض أحياناً سعالاً جافاً وسببه الاحتقان الرئوي، وهو يتحسن عادةً بالمعالجة الفعالة لاسترخاء القلب علماً أن مثبطات الإنزيم المحوّل للأنجيوتنسين، وهي من الأدوية المستعملة في معالجة قصور القلب، قد تسبب سعالاً جافاً.

ج- إن سرعة التعب والوهن العام عرضان شائعان في قصور القلب، وسببهما نقص النتاج القلبي، وهما يزدادان وضوحاً بعد تناول الطعام بسبب زيادة احتياجات الأوعية المساريقية للإرواء، مما يزيد من نقص الإرواء الدموي للأنسجة المحيطية.

د- إن التبول الليلي عرض باكر وشائع في قصور القلب؛ إذ تنقص التصفية الكلوية للماء والصوديوم في حالة ضعف وظيفة البطين الأيسر بسبب توزع السوائل بعيداً عن الكليتين عندما يكون المريض بوضعية الوقوف والحركة خلال النهار، إضافة إلى حدوث تقبض وعائي مرافق، وعندما يستلقي المريض ليلاً تنزح السوائل إلى داخل الأوعية ويزول التقبض الوعائي، فيزداد الإرواء الكلوي، وهذا يفسر زيادة الإدرار البولي الليلي. قد يصاب المريض بشح البول بسبب النقص الشديد في نتاج القلب، وهذا يدل على سوء الإنذار وبلوغ المراحل الانتهائية من قصور القلب. يشكو المصابون بقصور القلب ولاسيّما المسنون منهم أعراضاً عصبية دماغية، كاضطراب الذاكرة والتخليط الذهني والأرق والأهلاس والصداع، وكلها أعراض ناجمة عن نقص النتاج القلبي وما يتلوه من نقص في تروية الدماغ والنسج العصبية.

هـ- إن الألم الشرسوفي عرض شائع في قصور القلب، وسببه الاحتقان الكبدي وتمدد محفظة الكبد، كما ينتج الألم البطني المعمم في هذه الحالة عن الاحتقان الوعائي المساريقي وما يرافق ذلك من حبن ووذمة الأعضاء الحشوية البطنية، إضافة إلى شعور المريض بالتخمة وحس الامتلاء البطني وتطبل البطن ونقص الشهية والغثيان والإمساك. كثيراً ما تفسر الأعراض الهضمية لدى مريض القلب وخاصة الألم الشرسوفي بشكل خاطئ، إذ تعالج كشكوى هضمية وليست قلبية.

2- الفحص السريري:

يبدو مريض قصور القلب واهناً متعباً بسبب نقص الأكسجة من جهة، وبسبب نقص الشهية والغثيان وما يتلوهما من نقص الوارد الغذائي من جهة أخرى، علماً أن هذه الأعراض قد تنجم عن الانسمام بالديجوكسين المستخدم في معالجة قصور القلب.

يجب التحري عن الزلة الاضطجاعية كعلامة مرضية فضلاً عن أن المريض يشكوها كعرض. ويلاحظ هنا أن المريض لا يستطيع أن يستلقي على طاولة الفحص لأكثر من عدة دقائق ما لم يكن جذعه مرفوعاً، وكذلك بالنسبة إلى الزلة الجهدية التي يمكن ملاحظتها كعلامة عندما ينتقل المريض من غرفة الانتظار إلى غرفة الفحص.

يجب ملاحظة مظاهر فرط الفاعلية الودية وهي شائعة عند مرضى قصور القلب، وتشمل شحوب الأطراف وبرودتها وزرقة الأصابع وذلك بسبب التقبض الوعائي. يكون النبض سريعاً وضعيفاً (خيطياً) وقد يلاحظ تنفس شاين- ستوكس (التنفس الدوري) وهو تناوب دوري بين زيادة حركات التنفس وبين توقفها، ويدل على تبدل السيطرة العصبية المركزية على حركات التنفس بسبب نقص الأكسجة الدماغية في قصور القلب.

تسمع خراخر ناعمة رطبة في قاعدتي الرئتين وسببها نزوح السوائل من الأوعية إلى الأسناخ الرئوية والقصيبات الشعرية. أما في الحالات الحادة والتي تتظاهر بوذمة الرئة الحادة فتسمع خراخر مالئة للساحتين الرئويتين، وقد تترافق بوزيز بسبب التشنج القصبي المرافق أو بقشع رغوي مدمى أحياناً. قد يشاهد انصباب جنبي في جانب واحد أو في جانبين، وهذا يفاقم من شدة الزلة التنفسية بسبب إنقاصه السعة الحيوية للرئتين ويمكن كشفه سريرياً بضعف أو غياب الأصوات التنفسية من جهة الانصباب مع أصمية بالقرع على جدار الصدر المصاب. ويرتشف الانصباب الجنبي ببطء عندما يتحسن قصور القلب ولكن قد يستمر وجوده عدة أيام أو أسابيع بعد زوال أعراض المريض وتحسنه سريرياً.

يدل ظهور الوذمات الانطباعية على قصور البطين الأيمن، ويجب أن يتراكم حوالي 5 لترات من السائل في الحيز خارج الخلوي قبل أن تظهر الوذمة المحيطية في الأطراف. تكون الوذمة انطباعية ومتناظرة وتبدأ من الكاحلين في الطرفين السفليين وتتجه صعوداً كلما ساءت حالة المريض وذلك عند المرضى الجوالين (المتحركين)، أما عند المرضى طريحي الفراش فهي تبدأ من العجز. وبعد تقدم الحالة تصبح الوذمة معممة وشديدة وتشمل الأطراف العلوية وجدار البطن والصدر والمنطقة التناسلية، وقد تنزّ السوائل إلى خارج الجلد إذا كانت الوذمة شديدة أو بعد رض خفيف على الجلد. تسبب الوذمة المزمنة زيادة في التصبغات واحمراراً وتصلباً في جلد الطرفين السفليين.

يمكن الشعور بانزياح صدمة قمة القلب المتضخم نحو الوحشي لدى جس الصدر براحة اليد، ولكن هذه العلامة ليست نوعية وقد تكون غائبة وخاصة في حالات القصور الحاد أو لدى البدينين أو إذا ترافقت الآفة القلبية بآفة رئوية سادة مزمنة.

يلاحظ بالتسمع وجود صوت رابع يسبق الصوت الأول وسببه نقص مطاوعة البطين الأيسر في طور الامتلاء الناجم عن انقباض الأذينتين. وقد يسمع صوت ثالث يتلو الصوت الثاني إذا تقدمت الحالة أكثر وسببه بطء الامتلاء البطيني الباكر في بداية زمن الانبساط. يدعى كل من الصوت الثالث أو الرابع خبباًgallop، وإذا سمع الصوتان سمي خبباً جمعياً.

من الشائع سماع نفخات انقباضية قد تكون ناجمة عن المرض الصمامي الأصلي المؤدي إلى قصور القلب، إضافة إلى أن نفخة القصور التاجي قد تنجم عن توسع حلقة الصمام التاجي بسبب توسع أجواف القلب نتيجة قصوره. يمكن أن تغيب هذه النفخات أو تخفت بعد العلاج الفعال، ويمكن سماع نفخات انبساطية كنفخة قصور الأبهر أو التضيق التاجي.

يلاحظ انتباج في الأوردة الوداجية ناجم عن ارتفاع الضغط الوريدي الجهازي، علماً أن الحد الأعلى للضغط الوريدي الوداجي هو 4سم فوق الزاوية القصية وذلك عندما يكون المريض مستلقياً وجذعه مرتفع بزاوية 45ْ في الحالة الطبيعية.

يعدّ ارتفاع الضغط الوريدي الوداجي المستمر من العلامات الباكرة والموثوقة لتشخيص قصور القلب الأيمن، كما يعدّ الجَزْر الكبدي الوداجي علامة مهمة أيضاً، ويتحرى عنه بالضغط أكثر من 30 ثانية على ناحية المراق الأيمن فيزداد انتباج الوريدين الوداجيين، وسببه عدم قدرة البطين الأيمن على استيعاب الزيادة العابرة في العود الوريدي. قد يجس نبض كبدي متوافق مع انقباض القلب في قصور ثلاثي الشرف. تعدّ ضخامة الكبد الماضة دلالة على الاحتقان الكبدي في قصور القلب، ويمكن التحري عنها بجس الكبد وبقرعه.

يمكن أن تستمر العلامات الاحتقانية الكبدية على الرغم من المعالجة الفعالة لقصور القلب وغياب كثير من العلامات الأخرى. وفي بعض الأحيان لا يزول التضخم الكبدي مطلقاً بسبب التغيرات البنيوية الحادثة بعد مضي وقت طويل على الإصابة.

يعدّ النبض المتناوب علامة شائعة في قصور القلب وسببه اختلاف حجم الدم المقذوف بين ضربة قلبية وأخرى ويمكن التحري عنه بجس النبض المحيطي وخاصة الفخذي حيث يلاحظ تبدل دوري في قوة النبض. وقد تبلغ التقلصة القلبية درجة من الضعف لا تمكنها من فتح الصمام الأبهري وعندها يمكن جس صدمة القمة دون جس النبض السباتي أو الفخذي.

"
شارك المقالة:
170 مشاهدة
هل أعجبك المقال
0
0

مواضيع ذات محتوي مطابق

التصنيفات تصفح المواضيع دليل شركات العالم
youtubbe twitter linkden facebook