استراتيجيات التسويق في وقت الأزمات تختلف من علامة تجارية لأخرى

الكاتب: وسام ونوس -
استراتيجيات التسويق في وقت الأزمات تختلف من علامة تجارية لأخرى

 

 

استراتيجيات التسويق في وقت الأزمات تختلف من علامة تجارية لأخرى

 

لا يتوقف التسويق وإنما يتكيف مع الظروف والمستجدات الطارئة، ومن ثم تنبع أهمية موضوع «التسويق في وقت الأزمات» ، خاصة أن العالم برمته يرزح تحت نير جائحة كورونا، وهو الأمر الذي فرض على المسوقين استحداث طرق جديدة وتطوير تلك الطرق القديمة التي كانوا يسوقون بها؛ رغبة منهم في الاستمرار في العمل والقدرة على الوصول إلى العملاء.

وإذا كنا بصدد الحديث عن موضوع كهذا فلن نجد أفضل من الدكتور محمد العوض؛ أستاذ وخبير الإدارة الاستراتيجية والتسويق، وصاحب الباع الطويل في هذا المجال، والذي يتمتع بخبرة تمتد لأكثر من ثلاثين عامًا في مجالات التسويق والإدارة والإدارة الاستراتيجية.

وللرجل سجل حافل بالخبرات العلمية والعملية والتنفيذية، وتقديم الاستشارات والتدريب والدراسات لشركات ومؤسسات عريقة في عدد من شركات ومنشآت القطاعين العام والخاص، وهو مؤلف كتاب «التسويق في وقت الأزمات» ، وكان لنا _في موقع رواد الأعمال_ معه هذا النقاش المطول.

ما هي أفضل الاستراتيجيات التسويقية خلال الأزمة؟

استراتيجيات التسويق في ظل الأزمات تختلف من علامة تجارية إلى أخرى ومن صناعة إلى أخرى وباختلاف طبيعة منتجاتها وخدماتها، إلا أنها شريكة في الظروف المحيطة بها، كونها تخضع جميعها لنفس العوامل ومجريات الأحداث، ومن ذلك على سبيل المثال الوضع الذي نتعايش معه اليوم ويشهده العالم باجمعه ويعرف بـ أزمة كورونا.

  • بناء العلامة التجارية

وستخبرنا أزمة كورونا يومًا ما أننا كنا بحاجة إلى التفكير الاستراتيجي العميق في أهمية بناء العلامة التجارية، والاستثمار طويل الأمد فيها، وأن ندرك تمامًا أهمية رأس المال البشري، وأنه أحد العناصر الرئيسية في تخطي الأزمات. ومما يزيد من تأثير تسارع الأحداث في التسويق، تسارع الأدوات التسويقية في هذا الوقت الذي أصبح الإنترنت والتسويق الرقمي سمة غالبة فيه.

وإذا رجعنا بالذاكرة إلى التاريخ فاننا سنجد أنه يحكي لنا أن المنشآت التجارية التي دعمت علامتها التجارية كانت أكثر حظًا في البقاء من تلك التي توقفت، وتكرر هذا السيناريو بشكل أو بآخر في وقت انتشار وباء الإنفلونزا الإسبانية عام 1918م، و في أزمة الطاقة عام 1973م، وفي الزيادات الهائلة في أسعار النفط في عام 1991م، وأخيرًا في أزمة سارس عامي 2002 و2003م.

ومع تكرار سيناريوهات الدعم التي قدمتها المنشآت التجارية لعلامتها التجارية وزيادة نشاطاتها التسويقية والإعلانية، كانت النتائج بعد تلك الأزمات زيادة في مبيعاتها بشكل أكثر بكثير من نظيراتها التي خفّضت نشاطاتها التسويقية.

وقد تنطلق تلك الاستراتيجيات من القول المأثور “عندما تكون الأوقات جيدة عليك أن تعلن، وعندما تكون الأوقات سيئة يجب عليك أن تعلن”.

وفي مقابل تلك النظرات الاستراتيجية تتولد خلال الأزمات رغبة جامحة لدى عدد من الشركات التجارية العاملة بالسوق في عمليات المبيعات السريعة والقفز إلى النهايات دون اعتبار يُذكر للنتائج المترتبة على تلك التصرفات.

 

  • استراتيجية البيع على المدى الطويل

إن الالتزام بعقلية المبيعات على المدى الطويل يتطلب استراتيجية واضحة ورؤية بعيدة تنظر إلى ما بعد الأزمة وليس أثنائها فقط. ونظرًا لما تثيره الأزمات من تعاملات قصيرة المدى، لدى إدارة بعض الشركات التي كانت تسير وفق استراتيجية بعيدة المدى، غالبًا ما تكون نتائجها غير محفزة ويائسة ولا تؤدي إلى أي نجاح، وحدث ذلك نتيجة أن النهج طويل الأجل قد يتطلب تنازلات عن بعض الأحداث التي تبدو بأنها فرص.

ويتبع هذه الاستراتيجيات عدد من التكتيكات التي تطرقتُ لها في كتابي “التسويق في وقت الأزمات”، ومنها على سبيل المثال:

  • تغيير فلسفة المبيعات

ومن ذلك تعديل عمولات فريق المبيعات وحوافز المكافآت مؤقتًا؛ لتجنب الضغط على فريق المبيعات الذي يُترجم إلى ضغط على العملاء المحتملين؛ إذ إن أغلب العملاء مشتتو الانتباه خلال الأزمة، وهناك أناس مرضى أو لديهم أقارب أو زملاء مرضى على سبيل المثال. وكل ما عليك هو أن تغير سياسات البيع الحالية؛ لأن هذا الوقت ليس هو وقت العمل المعتاد. وبهذا التكتيك سينجح الجميع -الشركة والموظفون- في تأمين مستقبلهم.

 

  • رهانات التسويق

وهي تلك المبنية على معرفتنا بأن الحجر الصحي للحد من انتشار الوباء لن يستمر إلى الأبد على الرغم من أننا لا يمكن أن نتكهن بموعد نهايته، ولكن، بكل تأكيد، نتوقع الخروج منه في وقت ما، وهذا ما يشجعنا على الاستعداد لهذا الانتقال بشكل مدروس واستباقي.

وفي مثل هذه الأوقات تُصْنَع رهانات التسويق وتُعد الاستراتيجيات لما بعد الأزمات. وفي حين أن الجميع مشتتون خلال جائحة كورونا إلا أن ذلك ليس سببًا للتوقف عن البيع والتسويق؛ لأن أي توقف سيؤدي في نهاية المطاف إلى أن تكون خارج نطاق العمل.

  • اصنع الانطباع

وجدت كثير من الشركات في هذا الوقت فرصة مناسبة لتصنع انطباعًا إيجابيًا دائمًا لعلامتها التجارية. ولربما كانت لديك خططٌ طويلة الأمد لتحسين الانطباعات التي يحملها عملاؤك عن علامتك التجارية وعن منتجاتك وخدماتك.

والأمثلة كثيرة، ومنها إنشاء أدلة جديدة، أو فيديو جديد، أو سلسلة ندوات عبر الإنترنت أو صفحات جديدة على موقع الويب الخاص بك، أو إذا كانت لديك أفكار في طور الإعداد لم يتم إطلاقها أبدًا بسبب ضيق الوقت، وسنحت الفرصة لاستخدام الوقت الإضافي الذي قد يتوفر لديك هذه الأيام لتحديث أصول علامتك التجارية. كما يمكنك أيضًا استخدام هذا الوقت لدراسة وتنفيذ التفرع إلى تقنيات جديدة لتقديم منتجاتك وخدماتك من خلالها.

كيف نتأكد من أن المحتوى الذي نقدمه مناسبًا للفترة الحالية التي تغير فيها سلوك المستهلك بشكل جذري؟

يُعتبر المحتوى الأداة الأهم في الاتصال التسويقي بشكل عام، وتتأكد أهميته في أوقات الأزمات؛ حيث تتسارع الأحداث في الأزمات ومع كثافة المعلومات وسرعتها تكون هناك مساحة كبيرة للخطأ، وتزداد احتمالية الوقوع في الأخطاء عندما لا يوجد هناك شخص مسؤول عن مصدر الرسائل في الشركة.

المحتوى التسويقي والتجاوب مع الأزمات

وبالتالي فإنه من المهم استراتيجيًا وتكتيكيًا أولًا تغيير لغة ومحتوى الرسائل؛ بحيث لا تكون الرسائل تصدر في وقت الأزمات بنفس الطريقة المعتادة في الأوقات الأخرى.

علاوة على أنه من المعلوم أن تدفقات المعلومات المتنوعة، بالإضافة إلى أن كثرة المعلومات الخاطئة أو مجهولة المصدر تمر علينا أسرع من لمح البصر، فمن المذهل مواكبة هذا الكم من المعلومات، ومن الصعب اكتشاف ما هو حقيقي وجدير بالثقة وما هو مجرد هراء ومضيعة للوقت؛ وهنا تكمن استراتيجية أخرى تتعلق بتسويق المحتوى، وهي توحيد جهة الاصدار من الشركة أو الجهة المسؤولة؛ للتأكد من سلامة هذه المعلومات قبل صدورها.

ومن المتعارف عليه أن وجود عدد كبير جدًا من الطباخين للمحتوى الذين يتعاملون مع طبق الأحداث اليومي سينتج عنه محتوى “طبخة” كارثي.

 

  • المحتوى القيّم والولاء للعلامة التجارية

وتكتيك آخر يكمن في تقديم محتوى ذي قيمة حقيقية، فمن أهم الإيجابيات في هذه الأزمة أن الشركات تعلمت منها سرعة تغيير رسائلها التسويقية، وتعلم البعض منهم كيف ترسل الرسائل التسويقية المناسبة للأزمات، ومن ذلك تحديد المحتوى المناسب للرسالة التي تقولها في مثل هذه الظروف الصعبة، والتي من أهمها التأكد من أن الشركات تقدم لعملائها شيئًا ذا قيمة حقيقية من شأنه أن يوفر الولاء لعلامتها التجارية.

  • الموظفون المؤثرون وسمعة الشركة

ولعلي أختم بتكتيك تسويقي آخر يتعلق بالمحتوى التسويقي والذي وضعته في كتابي “التسويق في وقت الأزمات” تحت عنوان: الموظفون المؤثرون، إذ إن نشر العلامة التجارية ثقافة إيجابية للشركة؛ حيث تمتلك الشركة قنوات سهلة للوصول إلى وسائل التواصل الاجتماعي المختلفة، ويشارك الموظفون في كثير من الأحيان محتوى ضخمًا جدًا من وراء الكواليس على مواقع التواصل الاجتماعي المختلفة.

وغالبًا ما يؤدي موظف واحد مؤثر فقط إلى زيادة التفاعل في منشورات الشركة أكثر من الشركة نفسها. ويمنح الموظفون المؤثرون لديك فرصة لجمهور العملاء لمعرفة كيف تبدو الحياة في شركتك، وينقلون قصة الأحداث اليومية التي تؤدي إلى نجاحاتك.

إن نسبة جيدة من الموظفين يستطيعون أن يتحدثوا بشكل إيجابي عن شركاتهم على وسائل التواصل الاجتماعي، سواءً عن طريق مشاركة المحتوى الخاص بك أو نشر المحتوى الذي أنشأوه.

هل تأثر التسويق العقاري في المملكة بهذه الجائحة وكيف؟

السوق، بل كل شيء، تأثر بهذه الجائحة، والسوق العقاري ليس خارج هذه المنظومة؛ حيث انتهى الربع الأخير من عام 2019م بموجة تزايد في أسعار العقارات بشكل عام إلا أن هبوب الرياح المعاكسة للتباطؤ الاقتصادي العالمي على خلفية جائحة كورونا أدى إلى التراجع، خاصة على العقارات التجارية.

وعلى الرغم من أن التسويق يصنع الفرص، فإن المسوقين العقاريين يحاولون البحث عن الفرص المختبئة خلف الأزمات، ومع ذلك، ونتيجة لارتباط التسويق العقاري بشكل مباشر بالسوق فإنه تأثر بهذه الجائحة.

  • المسوق العقاري وحتمية الإبداع

أن تكون وسيط (مسوق) عقارات في سوق اليوم أمر صعب للغاية، إلا أن العزاء أنها مهنة مربحة للغاية، فالمسوق العقاري، والمسوق بشكل عام، مبدع ومبتكر؛ ويتكيف بإبداعاته مع تغير السوق وإلا فهو مسوق غير ناجح. ومن أهم مفاتيح النجاح للمسوق العقاري أن يتعلم كيفية الاستمرار في التفاعل مع عملائه الحاليين وكيفية الوصول الى عملاء محتملين.

ولا يمكنك الذهاب للمسوق للمساعدة في بيع منزل لشخص ما أو مساعدة آخر لشراء منزل، إذا لم تكن تعرف أن المسوق موجود بالفعل. ومن هنا فإن على كل مسوق عقاري التأكد من أن الأشخاص في منطقة عمله يختارونه دون غيره من المنافسين. المسوق الناجح الذي يحسن التعامل مع الأزمة يعلم أن العملاء لن يظهروا أمامه بطريقة سحرية.

المنافسة شرسة قبل وبعد الأزمة وستحتاج هذه الأيام إلى مهارات تسويقية أكثر إبداعًا وخاصة عبر الإنترنت، وبقدرة يميز فيها المسوق نفسه عن المنافسين. ومن أهم وسائل النجاح في تجاوز الأزمة بمجال التسويق العقاري، التفكير في جعل خدماتك تبرز للعملاء في كل مكان من خلال الذهاب إلى أماكن تواجد العملاء، خاصة التي قد لا يفكر فيها المنافسون أو لا يرون أهميتها.

لا يزال المشترون يتطلعون بشكل متزايد إلى إجراء مزيد من البحث على الإنترنت قبل شراء منازلهم، ما يؤدي إلى الحاجة الحيوية لوسطاء (مسوقي) العقارات؛ ليكون لهم وجود نشط وجذاب ومتواصل عبر الإنترنت.

 

  • نصائح للمسوقين العقاريين

ولهذا فاني نصيحتي للمسوق العقاري هي “إن بدا لك أن العالم في استراحة من التسوق العقاري بسبب كورونا فتأكد أنه لا يزال هناك مهتمون بالبحث عن منازل أحلامهم، وإذا كانت زيارة العقار غير ممكنة فإن أبواب الإنترنت مفتوحة، وإن كل ما عليك هو أن تضيف معلومات وصورًا وتفاصيل مهمة لعرضك العقاري”.

تواصل، كمسوق عقاري، مع العملاء عبر الإنترنت من خلال وسائل التواصل الاجتماعي الخاصة بك. حدّث ملفك الشخصي وأضف حسابات جديدة على المواقع التي لم يسبق لك التواجد عليها من قبل. وغيرها من الوسائل والطرق الابداعية التي تتناسب مع شريحة عملائك وطبيعة العقار الذي أنت بصدد التسويق له، والتي ذكرتها في كتابي “التسويق في وقت الأزمات” بعنوان “كن واسع الحيلة”، وأشرت فيها إلى أنه مع زيادة حجم الطلب في هذه الفترة على خدمة العملاء واحتمال انخفاض عدد الموظفين، حان الوقت الآن لمضاعفة العمل عن بُعد.

قد يقول قائل، “هذا ليس التوقيت الأفضل لبدء شيء جديد”، لكن تأكد من أن ما هو موجود من قواعد المعرفة وبرامج الدردشة الآلية ووسائط الاجتماعات تعمل جميعها بشكل جيد وسهل جدًا، وأنها توفر أحدث المعلومات وبأسرع الطرق”.

وإذا كان من الممكن إضافة حلول إضافية للعملاء على ما هو موجود في السوق، مثل خيارات الجولات الافتراضية للعقارات ودعمها بواسطة القنوات الموجودة، افعل ذلك بدون تردد. ولا تنس أن تخبر عملاءك الذين ينتظرون الحصول على الرد من خدمة العملاء بهذه الموارد الجديدة التي بدأت باستخدامها والمتاحة لهم على الفور.

 

شارك المقالة:
177 مشاهدة
هل أعجبك المقال
0
0

مواضيع ذات محتوي مطابق

التصنيفات تصفح المواضيع دليل شركات العالم
youtubbe twitter linkden facebook