هل هناك نسبة ذكاء محددة للعبقري؟.. اعلم أن كل شيء حولنا نسبي.. السرعة، الكتلة، الوقت وجميعها مقاييس ذاتية تعتمد على بعضها بعضا، ليس هناك شيء مطلق سواء كان الذكاء، العمر، حركة الإنسان،.. للضوء وزن وللسرعة منحنيات.. كل هذا تعرفنا عليه بفضل أينشتاين، الذي قام بصياغة معادلة النسبية التي تبدو بسيطة ولكنها تحكم عالمنا وأي عالم آخر بعيدا عن الأرض.. ومع هذا كان أينشتاين بطيء الفهم، عسر الكلام وخجول، وكان يرجع الفضل في أعظم اكتشافاته الكبيرة إلى بطئه في التعليم قائلاً: إنه من خلال استيعاب وفهم الأشياء في وقت متأخر عن معظم الأطفال تمكن من تطبيق تفكير أكثر تطوراً، والشيء نفسه انطبق على ستيف جوبز، المؤهل علميا الذي قام بتطوير أجهزة الآي ماك وأجهزة الآي بود، بعديد من سمات الذكاء المنشودة في المسوق العبقري مدفوعاً بفهمه العميق لمجاله، ولكنه مثل أينشتاين بطيء الفهم يحتاج إلى قفزات في عالم الخيال والإبداع للوصول إلى حلوله التي حققت ذلك النجاح الاستثنائي الرائع. وكذلك كان بيكاسو، حيث تحدى الأعراف الانطباعية السائدة في عصره. وبعد أن تمهل واستغرق في التعرف على أعمال مونيه، وتولوز قام بدمج شغفه الإسباني الطابع مع مواهبه البصرية لتعريف وتقديم التكعيبية كاتجاه فني جديد، التي تميزت باختصار المشاهدة المعقدة إلى مجرد بضعة أشكال هندسية، ما جعله أسطورة فذة في عصره.
وتحلى فيليب ستارك، المصمم الذي وضع تصميمات كل شيء قد تتخيله من الفارة التي أنتجتها “مايكروسوفت” إلى فندق بارامونت (Paramount)، بعديد من سمات الابتكار المنشود في المسوق العبقري، برغم تأثره باتجاه إبداعي راديكالي فطري إلا أنه مثلما كان الحال مع بيكاسو، تمتع بمنطق ذكي تقوم عليه دعائم حلوله التقدمية غير المسبوقة.
وكان فيل نايك، مؤسس شركة نايك العالمية للساعات، ارتقى بشركته من مجرد نشاط تجاري صغير إلى كيان عالمي رائد يساوي 12 مليار دولار أمريكي، حيث تمتع فيل بعديد من سمات التوافقية والاتزان المطلوبة في المسوق العبقري التي تمكن المرء من دمج الذكاء المتعمق والإبداع الراديكالي؛ لتحقيق نتائج رائعة ومستمرة من خلال شركة يوجهها التسويق، إنه أحد عباقرة التسويق ورجال الأعمال الذين جمعوا بين شغفهم للنجاح وتحقيق الأرباح وبين الابتكار والإبداع في المجال التجاري، جمعوا بين الذكاء والإبداع -وتستطيع قراءة المزيد عن أسباب نجاح وتقدم هذه الشركة في التقارير السنوية الفريدة، وبعد مرور أكثر من أربعة عقود من تاريخ الشركة، قرر فيل أخيرا التنحي عن مهامه كمدير تنفيذي، وبينما تعد عبارته التسويقية الشهيرة “فقط أفعل ذلك” فكرة تعكس أسلوبه الشخصي لإنجاح الشركة، فإنه يرحل تاركا واحدة أخرى من عباراته الترويجية الشهيرة “لا يوجد خط نهاية” عالقة في أذهاننا؛ لأنه ومعه شركة نايك يدركان أن عالمهما يتحرك بمعدل أسرع من أي وقت مضى، ولن يستطيعا ضمان النجاح والريادة إلا بمواصلة تسريع عجلة الأفكار والابتكارات والعلامات التجارية.
إن الوصول لعبقرية التسويق وتحقيق أعلى عائد من الأرباح لا يحتاجان إلى أن يولد الشخص عبقريا، ولكن فقط أن يتمتع بقدر كافٍ من الذكاء والقدرة على الخيال والابتكار، ثم يضيف الرغبة في النجاح بمجهود شاق يميزه عن غيره وخيال واسع يصل به إلى أحدث الابتكارات ويجعله يصعد إلى أعلى سلم النجاح، والذكاء المعني هنا ليس سرعة الفهم، ولكن الذكاء في القدرة على الفهم بنظرة شمولية متعمقة تشمل المنتج والعميل والسوق، وتستطيع البقاء في الدرجات المتقدمة في حلبة المنافسة بداخل الأسواق التجارية المعاصرة.