جاءت أهداف النظام الاقتصادي في الإسلامي لتخلق حالة من الانسجام والتوافق داخل أفراد المجتمع الإسلامي من خلال ما يحتوي عليه النظام الإسلامي المرتكز على مصادر التشريع من أحكام شرعية تخص المعاملات الاقتصادية على اختلاف أشكالها وأنواعها، ومن أهم أهداف النظام الاقتصادي الإسلامي ما يأتي:
وهي من أهم أهداف النظام الاقتصادي الإسلامي، والتي جاءت بخلاف العديد من الأنظمة الاقتصادية التي ركزَّت السلطة والأموال في يد فئة محددة من المجتمعات على حساب الفئات المجتمعية الأخرى، فيقف أفراد المجتمع الإسلامي مع المُعسرين والغارمين ومن هم في سبيل الله تعالى.
حيث ينظر النظام الاقتصادي الإسلامي إلى المجتمع المسلم على أنه كتلة واحدة لا فرق فيه بين الغني والفقير والقوي والضعيف، لذلك جعل للفقراء حقًّا شرعيًا من أموال الأغنياء، ومن خلال هذه الحقوق المالية للفقراء تقل الفجوة الكبيرة بين الحالة الاقتصادية للطبقة الغنية، والحالة الاقتصادية للطبقة الفقيرة داخل المجتمع الإسلامي.
من أهداف النظام الاقتصادي الإسلامي حماية اقتصاد الدول من خلال توفير قدر من المرونة يجعل النظام الاقتصادي قادرًا على التجاوب مع العديد من المتغيرات الاقتصادية والمالية التي تلقي بظلالها على الاقتصاد العام، فضلًا عن دور الاقتصاد الإسلامي في تخفيف حدة الأزمات المالية التي قد تعصف بالأنظمة الاقتصادية للدول.
من أهداف النظام الاقتصادي الإسلامي إرساء حالة من الشعور بالعدل بين أفراد المجتمع الإسلامي، من خلال إعطاء كل ذي حق حقه بموجب ما تفرضه أحكام معاملات الاقتصاد الإسلامي، فلا ينقص من أموال الناس شيء، ولا تحدث المظالم التي تسود في الأنظمة الاقتصادية الأخرى وفقَ ما تفرضه حالة التغول المادي التي تمارسها بعض الطبقات على طبقات أخرى في المجتمع
تعد حماية الأفراد اقتصاديًا من أبرز أهداف النظام الاقتصادي الإسلامي، حيث إن التشريعات الإسلامية تقضي بتوفير بعض أسس الحماية الاقتصادية التي تحجب الضرر الناجم عن تطبيق بعض السياسات أو المعاملات الاقتصادية من فئة على أخرى، ومن ذلك ما تفرضه الشريعة الإسلامية على سياسة الاحتكار، والتي تؤدي إلى رفع أسعار السلع، ووضعها في يد جهة بعينها مما يجعل الحصول عليها صعب المنال، فضلًا حريم سرقة أموال الناس، وقطع الطريق، إلى غير ذلك مما يؤذي الأفراد اقتصاديًا في المجتمع.
تأتي خصائص النظام الاقتصادي في الإسلام لتميزه عن كافة النظم الاقتصادية الأخرى، ومن أجل تحقيق أهداف النظام الاقتصادي الإسلامي لا بُد أن يتم تطبيق الأحكام الخاصة بالنظام الإسلامي وفق ما جاءت به مصادر التشريع الإسلامي، ومن أهم خصائص النظام الاقتصادي في الإسلام ما يأتي:
من أهم ما يتميز به النظام الاقتصادي الإسلامي أنه منبثق من العقيدة الإسلامية، وبالتالي فإن تطبيق الأحكام الشرعية المتعلقة بكافة المعاملات المالية والاقتصادية يُبنى على التصديق والإيمان الجازم بأن هذه الإحكام هي أمر من الله -سبحانه وتعالى-، فلا تحتمل الشك أو التغيير، وهذا سر نجاح الاقتصاد الإسلامي، حيث يخرج الفعل المتعلق بالمعاملات من المنظور المادي إلى المنظور الإيماني الخالص، فإما أن يكون في هذا العمل طاعة لله تعالى، أو أن يكون في هذا العمل تجاوز لأوامر الله -عز وجل-.
إن النظام الاقتصادي الإسلامي هو نظام قائم على ما أوحى به الله تعالى لنبيه محمد -صلى الله عليه وسلم-، وبالتالي فإنه نظام غير وضعي، وهذا ما يتميز به عن الأنظمة الأخرى، حيث إنها من صنع البشر، وهذا ما يجعلها قاصرة على تحقيق التكامل الاقتصادي، فلا بدَّ من وجود ثغرات بشرية في هذه الأنظمة الوضعية التي تكون فيها المصلحة نسبية لفئة على حساب فئة أخرى، وهذا ما يجعلها تحتمل الصواب أو الخطأ.
يتم تحقيق أهداف النظام الاقتصادي الإسلامي من خلال الأحكام الواردة في هذا النظام الرباني القائم على التيسير على الناس ورفع الحرج عنهم، فالأصل أن جميع المعاملات مباحة ما لم يرد نص شرعي يدعو إلى تحريمها، وهذا ما يجعل المعاملات في النظام الاقتصادي في الإسلامي قائمة على السلاسة والبعد عن التعقيد.
إن أهداف النظام الاقتصادي الإسلامي تتحقق في ظل وجود نظام متكامل قائم على حفظ حقوق الناس، والمحافظة على مصالحهم العامة، وإبعادهم على الوقوع في كل ما يفسد القلب أو العقل أو الروح، وهذا هو أساس إباحة الأحكام الشرعية أو تحريمها، فكل ما هو محرَّم له غاية، وكل ما هو مباح له مصلحة يستفيد منها عامة الناس أو فئة منهم.
تكمن أهمية النظام الاقتصادي الإسلامي في أنه يجمع بين مادية علم الاقتصاد، والأخلاقيات التي يدعو إليها الدين الإسلامي الحنيف، حيث إن الاقتصاد ينظر إلى الأشياء بمعزل عن المنظور الأخلاقي، وما يناسب الإنسان من الناحية الشرعية في كافة المعاملات، بينما يتم تحقيق أهداف النظام الاقتصادي الإسلامي من خلال نظام يقوم في أساسه على مراعاة الأحكام الشرعية، والانقياد لمجموعة من الضوابط التي يستشعر فيها الإنسان رقابة الله عليه، وهذا ما يخلق حالة من الاتصال الروحي لمن يقوم بإجراء المعاملات التجارية أو الاقتصادية، حيث يهدف إلى تحقيق المنفعة المادية وإرضاء رب الأرض والسماء في الوقت ذاته.
يقوم النظام الاقتصادي الإسلامي على مجموعة من القواعد الاقتصادية التي يتم من خلالها تحديد طريقة إجراء المعاملات الاقتصادية أو التجارية، والكيفية التي يتم بها إدارة هذه المعاملات بين الأطراف ذات العلاقة من أجل تحقيق أهداف النظام الاقتصادي الإسلامي، وفيما يأتي أبرز القواعد الاقتصادية للنظام الاقتصادي الإسلامي:
إن من أهداف النظام الاقتصادي الإسلامي إرساء حالة من الرضا والقناعة لدى الأطراف التي تجمعها المعاملات المالية والاقتصادية التي تدور بين الناس، ومن هنا تأتي قاعدة تشارك المخاطر التي تبنى عليها عدالة توزيع الأرباح.
هناك العديد من الأنظمة الاقتصادية التي تمتلك العديد من المصادر التي تؤمن بها الأموال لصالح الدولة، ومن الأمثلة على هذه المصادر ما تفرضه من ضرائب ورسوم على المواطنين فيها، أما النظام الاقتصادي الإسلامي فجعل فيحتوي على بعض مصادر الدخل للدولة لكنها بطابع ديني واجتماعي، ومن أبرزها الجزية التي تؤخذ من غير المسلمين، والصدقات على اختلاف أنواعها، والزكاة التي تُفرض من أموال الأغنياء لصالح الفقراء ويتم توريدها إلى بيت مال المسلمين.
من أجل تحقيق أهداف النظام الاقتصادي الإسلامي على المستوى الفردي حَفِظَ الدين الإسلامي للأفراد حق التملك الخاص، ويشمل ذلك وسائل الإنتاج، والعقارات، والأراضي، لكنه فرض بعض المحددات على التملك، فلا يجوز أن يتم امتلاك السلع بصفة احتكارية تضر بالناس، ولا يجب أن يؤدي أن التملك الشخصي إلى الإضرار بالمصلحة العامة.
من أجل تحقيق أهداف النظام الاقتصادي الإسلامي على المستوى الجماعات حَفِظَ الدين الإسلامي الملكية العامة، من أجل توفير الاحتياجات الأساسية لعامة الناس، وبغير ذلك يكون كل ما في الدولة مملوكًا لجهة ما، وتصبح هذه الجهة تتحكم في الناس وتفرض عليهم ما تراه مناسبًا وإن أضرَّ ذلك بهم.
هناك قواعد محددة وفقًا لأحكام الشريعة الإسلامية يتم من خلالها توزيع الميراث والتركات المالية على مستحقيها بوفاة صاحب المال، وقد وُضعت هذه الأحكام لتكون أكثر عدالة من بقية الأنظمة الوضعية الأخرى.
تأتي الأوقاف والصدقات لتؤدي دورًا اجتماعيًا وتكافليًا هامًا في المجتمع الإسلامي، حيث يساعد وجود الوقف والصدقات على تخفيف حدة العوز المادي، ووجود منافذ للفقراء يمكن أن يسدوا بها شيئًا من حاجاتهم ومتطلبات حياتهم المتزايدة.
هناك مجموعة من المبادئ العامة التي يقوم عليها النظام الاقتصادي الإسلامي، وتأتي هذه المبادئ العامة كمؤشر لكافة القضايا المالية أو الاقتصادية التي يعيشها أفراد المجتمع الإسلامي، وفيما يأتي أبرز مبادئ النظام الاقتصادي الإسلامي:
لا يمكن النظر إلى أهداف النظام الاقتصادي الإسلامي بمعزل عن المنظور الأخلاقي الذي يأخذه النظام الاقتصادي الإسلامي بالحسبان في الأحكام الشرعية المتعلقة بالمعاملات المالية والاقتصادية، حيث تتجلى مجموعة من الأخلاقيات التي يدعو إليها النظام الاقتصادي الإسلامي والتي من أهمها ما يأتي:
يكمن الفرق الجوهري بين النظام الاقتصادي الإسلامي والرأسمالية أن أهداف النظام الاقتصادي الاسلامي جاءت لتحقق التوازن بين القوى الاقتصادية في المجتمع الإسلامي، على خلاف الرأسمالية التي جاءت لتعزز موقف الأطراف الاقتصادية القوية، وتزيد من تغولها الاقتصادي في المجتمعات، ومن أبرز الأمثلة على ذلك نظام الفائدة أو الربا الذي بموجبه يستغل الأغنياء حاجة الفقراء للأموال في الوقت العاجل من أجل أكل أموالهم، والحصول على مبالغ إضافية في الآجل، وهذا من الربح المُحرَّم الذي لا تُقرُّه شريعة الإسلام، بل على العكس تمامًا، حيث يقف القوي إلى جانب الضعيف، ويكون سببًا في تنفيس كربته بدلًا من تفاقمها عليه.
مع تغول الأنظمة الاقتصادية الوضعية في حياة الناس، وإحداث شرخ بين الطبقات الاقتصادية التي تحتوي عليها المجتمعات الإنسانية ظهرت الحاجة الماسة إلى تطبيق مبادئ الاقتصاد الإسلامي الرباني المبني على حفظ حقوق الناس ومراعاة الفوارق الفردية والوقوف في مصلحة الجماعة، فضلًا عن مرونته الشديدة وقدرته على التجاوب مع المتغيرات الاقتصادية المختلفة، وهذا ما جعله الاقتصاد الإسلامي قادرًا على إيجاد حلول للأزمات الاقتصادية التي عصفت بالعديد من الدول حول العالم، إلى الدرجة التي دعت بعض علماء الاقتصاد الغربيين إلى الاعتراف بأن الاقتصاد الإسلامي هو الحل الأمثل لمشكلات الاقتصادية، وأن سبيل السعادة والعدالة المالية والاجتماعية.
تعد معاملات البيع والشراء من أهم المعاملات وأكثرها شيوعًا في المجتمع الإسلامي، وكانت أهداف النظام الاقتصادي الإسلامي قد بُنيت على حفظ حق البائع والمتشري، لذلك وضع الإسلام مجموعة من الشروط التي تحقق أهداف النظام الاقتصادي الإسلامي في عمليات البيع، ومن هذه الحقوق: رضا الطرفين، وبلوغهما، وأن يكون المبيع ملكًا للمشتري، والقدرة على تسليم السلعة، وتحديد الثمن والسلعة،ومن هذا المنطلق حرمت الشريعة الإسلامية مجموعة من صيغ البيع غير الشرعية والتي تسمى البيوع المحرمة، ومن أهمها ما يأتي: