يمكن تعريف الاقتصاد المعرفي على أنه ذلك الاقتصاد القائم على وجود رأس المال الفكري لمجموعة من الأفراد الذي يعملون ضمن هياكل تنظيمية محددة في منظمة بعينها من أجل تحويل مجموعة المعارف والخبرات ذات الاختصاص التي يمتلكونها إلى منظومة متكاملة للإنتاج والاستهلاك، ووفقًا لمبادئ المحاسبة المقبولة عمومًا فإن الاقتصاد المعرفي يعد من الأصول غير الملموسة للمنظمات، وبالرغم من أهمية الاقتصاد المعرفي الكبيرة وتأثيره المباشر على منظومة الأعمال إلا أنه لا يمكن إدراج الاقتصاد المعرفي ضمن بنود الميزانية العمومية، وهناك العديد من أهداف الاقتصاد المعرفي التي تسعى المنظمات إلى بلوغها، وفي هذا المقال سيتم تناول بعض أهداف الاقتصاد المعرفي.
ترتكز أهداف الاقتصاد المعرفي على طبيعة عمل المنظمات والكيفية التي يتم بها الاستغلال الأمثل لعناصر الإنتاج، لينعكس ذلك على الأهداف التي تسعى المنظمات إلى بلوغها، ومن أبرز أهداف الاقتصاد المعرفي ما يأتي:
ساهم تطور المنظومة التعليمية في التمهيد لظهور مفهوم الاقتصاد المعرفي وتحقيق العديد من أهداف الاقتصاد المعرفي من خلال إنشاء جيل يحمل الوعي بالعلوم والمعارف المتخصصة، فظهر ما يعرف بعامل المعرفة وهو ذلك الفرد الذي يحمل الخبرة والمعرفة العلمية بأحد التخصصات، كالطبيب أو الممرض أو المهندس أو المحامي، مما خلق حالة من التواصل الفكري والمعرفي بين من تجمعهم التخصصات والخبرات المتشابهة، ومن مرور الوقت ازدادت نسبة العمل المعرفي المتخصص، ففي عام 1958م كانت القوى العاملة المتخصصة في الولايات المتحدة الأمريكية تشكل ما نسبته ثلث إجمالي القوى العاملة، وفي عام بداية السبعينات ارتفعت هذه النسبة إلى ما يقارب 40% من إجمالي القوى العاملة.
وتدل هذه النسب على وجود زيادة في المعرفة المتخصصة لدى الموظفين في القطاعات ذات العلاقة، وبذلك يكون لدى الموظف معرفة متخصصة تساعده على اتخاذ القرار الصحيح وإطلاق الحكم المُناسب وفقًا لمعرفته التي تدله إلى الصواب، وعلى الرغم من وجود هذه النسب التي تعكس كمية العمل المعرفي المتخصص في الولايات المتحدة الأمريكية إلا أن هذه النسب تعد عالية نسبيًا وقتَها، حيث كانت بالنسبة للعديد من دول العالم أقل بكثير بما في ذلك دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، وهذا يفسر تمتع الولايات المتحدة بقوة اقتصادية كبيرة مقارنة ببقية دول العالم في ذلك الوقت.
هناك مجموعة من التأثيرات المختلفة التي تنجم عن تطبيق مفهوم الاقتصاد المعرفي في الواقع المنظمي والذي ينعكس بدوره على تحقيق أهداف الاقتصاد المعرفي في واقع المجتمعات والدول ككل، ومن أبرز هذه التأثيرات وجود اليد العاملة الماهرة والمدربة بشكل يحقق الكفاءة التشغيلية ويوفر من الوقت والجهد في أداء كافة الأنشطة، بالإضافة إلى مساهمة الاقتصاد المعرفي في تطوير مستوى التفكير لدى الأفراد، ليصبح لديهم القدرة على البناء من المعلومات والخبرات السابقة وإحداث تجارب عصرية تساهم في ترسيخ مفهوم التنمية الاقتصادية، كما يمهد تطبيق الاقتصاد المعرفي في قطاع المنظمات لظهور مفهوم اقتصاد المعلومات أو ما يُعرف بالاقتصاد الرقمي الذي يرتكز بشكل أساسي على رأس المال غير المادي كالاختراعات والتقنيات الجديدة.
هناك مجموعة من الأركان الخاصة التي يبنى عليها الاقتصاد المعرفي، ويجب أن تعمل هذه الأركان مجتمعة بشكل فاعل يؤدي إلى تحقيق أهداف الاقتصاد المعرفي، والارتقاء بالمنظومة الاقتصادية على مستوى قطاع المنظمات وعلى مستوى الدول، وفيما يأتي أركان الاقتصاد المعرفي:
يطرح العديد من المختصين موضوع جدوى الاقتصاد المعرفي في التأثير على العديد من القطاعات التي تعنى بها المجتمعات، ومدى تأثير أهداف الاقتصاد المعرفي على الجوانب الاجتماعية والاقتصادية والتعليمية، حيث يرى بعضهم أن الاقتصاد المعرفي لا يضع طريقة اقتصادية جديدة تسهم في عملية الإنتاج الاقتصادي، بل هو مجرد وسيلة تعمل على إعادة صياغة خطاب العلاقات المتشابكة بين الأفكار والاقتصاد، بينما يرى آخرون أن الاقتصاد المعرفي يساهم بشكل كبير في إنتاج العمالة المدربة معرفيًا لتكون قادرة على إفادة كافة القطاعات ذات العلاقة بالاقتصاد، مما يؤدي إلى ابتكارات معرفية جديدة تُحسّن القطاع الاقتصادي.